يثير انسحاب تجمع المهنيين السودانيين من تحالف إعلان قوى الحرية والتغيير، تساؤلات حول تأثير ذلك على المشهد الانتقالي، في ظل تصاعد الخلافات بين مكونات القوى المدنية، التي تتقاسم السلطة مع الجيش منذ آب/ أغسطس الماضي.
وقرر
التجمع الانسحاب من قوى إعلان الحرية والتغيير السبت، وعلى رأسها المجلس المركزي
للحرية والتغيير، بسبب ما أسماها "تجاوزاتهم ومفارقتهم بنود الإعلان".
وأكد
التجمع الذي تصدر المظاهرات الشعبية التي أطاحت بالرئيس عمر البشير العام الماضي
في بيان صحفي، أنه انسحب من "كل هياكل الحرية والتغيير بشكلها الحالي"،
داعيا إلى تنظيم مؤتمر عاجل للقوى الثورية الموقعة على الإعلان وخارجه، للتباحث
حول إعادة بناء وهيكلة الحرية والتغيير.
تفكك متوقع
وأمام
هذه الخطوة، توقع الكاتب السوداني ياسر محجوب الحسين أن "يزيد المشهد
السياسي تعقيدا"، لافتا إلى أن "تحالف قوى الحرية والتغيير لم يجمعهم
برنامج سياسي وطني، يطرح حلولا سياسية واقتصادية للفترة الانتقالية".
وأضاف
الحسين في حديثه لـ"عربي21" أنه "كان من المتوقع أن يتفكك ويتضعضع
هذا التحالف"، موضحا أن "الذي كان يجمع مكوناته إسقاط النظام، وما أن
سقط النظام بدا التنافر والاختلاف، سيما عندما انتهى الأمر بتشكيل الحكومة الانتقالية
من خلال محاصصات سياسية، وتنافس على المناصب والمواقع الدستورية، وليس تشكيل حكومة
كفاءات غير حزبية كما اتفق عليه".
اقرأ أيضا: تجمع المهنيين بالسودان ينسحب من قوى "الحرية والتغيير"
وأشار
الحسين إلى أن جسم تجمع المهنيين السودانيين المنسحب، كان قد تصدع وأصبح فيه
جناحان، أحدهما يمثل الحزب الشيوعي السوداني، وهو الجناح الذي أعلن الانسحاب،
معتبرا أن "الحزب الشيوعي مستفيد من الظرف السياسي الراهن المتسم
بالميوعة".
وتابع:
"هذا الحزب متخصص في إثارة الزوابع والفرقعات السياسية، ونشر حالة عدم
الاستقرار، فهو غير قادر البتة على اللعب النظيف، عبر انتخابات نزيهة، ويتقمص دور
الحكومة والمعارضة في آن واحد، تجنبا لدفع فاتورة الفشل المؤكد، لكن في الوقت ذاته
يريد تمكين كوادره بمفاصل الدولة"، وفق تقديره.
انزعاج "الشيوعي"
ورأى
الحسين أن الحزب الشيوعي "بدا منزعجا جدا من تحركات وتكتيكات خصمه اللدود،
حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي"، معتقدا أن "المكون العكسري
يبدو مرتاحا لأي اختلافات تضعف مواقف المكون المدني".
وأردف
قائلا: "لعل ما رشح مؤخرا من تنازل المكون المدني عن رئاسته لمجلس السيادة في
الفترة القادمة، لصالح الجنرال عبد الفتاح البرهان، يعكس استسلام المكون المدني
لنظيره العسكري، بسبب خلافاته المتصاعدة".
وحول
تأثير هذه الخطوة على الفترة الانتقالية، قال الحسين إنه "من المؤكد تمديدها
بحجج ومزاعم كثيرة، لاجتماع مصالح معظم الفاعلين في الساحة على التمديد"،
موضحا أن "العسكريين يحتاجون لمزيد من الوقت لتدبير أمر مستقبلهم السياسي،
واليساريون في تحالف الحرية والتغيير يعلمون أن قيام انتخابات نزيهة ليس في
مصلحتهم، لتواضع جماهيريتهم".
اقرأ أيضا: حزب الأمة يجدد دعمه لحمدوك ويتحدث عن زيارة رئيسه للإمارات
واستكمل
بقوله: "الحركات المسلحة تريد اتفاقا يمكنها من التأثير على قانون
الانتخابات، ودمج قواتها، وهذا ما لم يتم حتى الآن"، مشددا على أن
"الذين يستعجلون قيام الانتخابات وعدم تمديد الفترة الانتقالية، هم الأحزاب
والكيانات التي تعتقد أن لها جماهيرية، وتمكنها من فوز مريح، مثل حزب الأمة
القومي، والحزب الاتحادي، والتيارات الإسلامية بما فيها حزب المؤتمر الوطني
المحلول".
من
جانبه، علق المحلل السوداني خالد الإعيسر على خطوة تجمع المهنيين الأخيرة، بالقول
إن "ما حدث نتاج طبيعي لجسم لم يسُدْه التوافق طيلة الفترة الماضية"،
مشيرا إلى أن "بعض الأحزاب استغلت الثورة، وتعاونت مع التجمع تحت غطاء إعلان
الحرية والتغيير، وأصبحوا الصوت الأعلى أمام المؤسسة العسكرية".
ونوه
الإعيسر في حديثه لـ"عربي21" إلى أن تجمع المهنيين ظهر بعد أيام من
الانطلاقة الفعلية لـ"ثورة ديسمبر"، وملء الفراغ، وأصبح مظلة لترتيب
المواكب والإعلان عنها، لكن كان هناك الكثير من التصدعات الداخلية.
موقف العسكر
ورأى
أن "السودان اليوم في أسوأ حالاته على مر التاريخ، وقوى الحرية والتغيير هي التي أوصلت البلاد لانسداد في الأفق"، لافتا إلى أن الشعب كان يبحث عن أي طوق
نجاة لإنقاذه من نظام البشير، لذلك "وافق على هذه القوى إلى حين الإطاحة
بالبشير".
وتطرق
الإعيسر إلى الخلافات الداخلية بين مكونات قوى الحرية والتغيير، قائلا إنها
"تفاوض نفسها في جوبا، وتفرض كفاءات غير مؤهلة لقيادة الفترة الانتقالية،
والعسكر سعداء بما يحصل"، مؤكدا أن هذه الخلافات سمحت للمؤسسة العسكرية بإحكام قبضتها على السلطة.
وحول تأثير هذه الخلافات على مستقبل
حكومة حمدوك، قال الإعيسر: "إذا استمر حمدوك في رهن إرادته السياسية لمظلة
الحرية والتغيير، فإن تجربته ستفشل بلا شك"، مبينا أن "هناك تخوفا شعبيا من أن تتوغل المؤسسة العسكرية على السلطة بشكل أكبر، في ظل هذه الخلافات بين المكونات
المدنية، والواقع لا يبشر بوضع مستقر خلال الفترة المقبلة"، بحسب رأيه.
إلى أي مدى أحرج هجوم "بئر العبد" السيسي وتفويضه بليبيا؟
هذه أهمية مناصب الولاة بالسودان.. تجاوز قريب لـ3 عقبات
تعديلات حمدوك.. استجابة للشارع أم اتفاق مع حركات مسلحة؟