طرحت الأدلة الجديدة التي كشفت عنها قوات
القيادة الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم"، حول دعم روسيا لمرتزقة "فاغنر"
بإمدادات عسكرية جديدة، مزيدا من التساؤلات عن دلالة وأهداف هذه الخطوة، وما إذا كان
الأمر يسبب حرجا لكل من تركيا والجزائر، اللتين أعلنتا عن تفاهمات واتفاقات مع موسكو
حول الملف الليبي.
وأكدت "الأفريكوم" أن لديها صورا
تؤكد ظهور معدات "فاغنر" في الخطوط الأمامية في جبهة "سرت"، وأن
روسيا زودت هذه القوات العاملة في ليبيا بطائرات مقاتلة ومدرعات عسكرية وأنظمة دفاع
جوي وإمدادات عسكرية جديدة، مشيرة إلى قيامها بتوثيق خطوات موسكو في ليبيا.
"تفاهمات"
وجاءت هذه التصريحات والتصعيد من قبل
"أفريكوم" بعد إعلان كل من تركيا والجزائر عن التوصل إلى تفاهمات واتفاقات
مع موسكو حول الأزمة الليبية، وتشكيل لجنة مشتركة بين الأخيرة وأنقرة؛ لمناقشة آخر التطورات
وصولا لحلول سياسية للأزمة.
لكن الكشف عن أدلة جديدة تدين روسيا وتؤكد
علاقتها مع مرتزقة "فاغنر" قد يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على التفاهمات
الأخيرة؟ وكذلك طبيعة هذه الإمدادات الجديدة من قبل الروس للفاغنر؟
"تصفية حسابات"
من جهته، أكد المتحدث باسم قوات "بركان
الغضب" التابعة لحكومة الوفاق الليبية، مصطفى المجعي، أن "التصعيد المستمر
بين أمريكا وروسيا لن يخدم القضية الليبية التي تسير نحو التدويل بشكل رسمي، بعد أن
ظلت تراوح بين تقارير أممية تؤكد وإنكار من قبل المتورطين، بما فيها روسيا التي مل زالت تنفي حضورها في ليبيا، ومن المؤسف أن تتحول بلادنا إلى ساحة لتصفية حسابات بين
قوى عظمى".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"
أنه "بخصوص تركيا وتفاهماتها مع موسكو فإن الطرفين بينهما ملفات شائكة، أبرزها
سوريا وليبيا، ولا ندري كيف ستكون المساومات وشد الأوتار بينهما، لكن لا شك أن وصول
روسيا إلى ترسيخ وجودها في ليبيا أمر غير مقبول أوروبيا ولا تركيا ولا أمريكيا، كما
أنه غير مرغوب ليبيّا، كونها ستكون إلى جانب المتمردين على الدولة".
وأضاف: "إذا استطاعت الحكومة الاستفادة
من هذا التناقض دبلوماسيا وسياسيا كما العسكري، فقد تختصر الوقت لإنهاء الصراع الليبي
المصنّع إقليميا"، مضيفا: "قطعت الدبلوماسية الليبية شوطا مهما في محاولة
إنهاء الوجود الروسي بالتواصل مع موسكو، وقد تتمكن من تجنيب ليبيا أن تتحول إلى ساحة
لتصفية الحسابات بين العملاقين الأمريكي والروسي بشكل علني".
"ضغط وابتزاز"
في حين رأى عضو البرلمان الليبي، محمد مصطفى
راشد، أن "ما يعرفه القطبان أمريكا وروسيا عن بعضهما أكثر مما هو متداول ويسوق
إعلاميا، وهو بالتأكيد نتاج عمل استخباراتي كبير، أما مجرد الصور والأدلة لقوات
"الأفريكوم" حول مرتزقة "الفاغنر"، فهي ليست حدثا جديدا، لكن الجديد
والمهم وما يثير الانتباه هذه المرة كون التواجد في الموانئ النفطية".
وفي تصريحات لـ"عربي21"، أشار إلى أن
"الأمر كله سيكون بمثابة ورقة ضغط على أكثر الدول المهتمة بالقضية الليبية، كما
كان سابقا ورقة ابتزاز "ليبي- ليبي"، والتفاهم التركي الأمريكي يجعل هذا
الكشف يصب في مصلحة الأتراك؛ كونه يهز من مصداقية الروس في المواجهة الدبلوماسية لأنقرة".
"خطوة ستدعم تركيا"
الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، علي
باكير، رأى أن "تركيز "الأفريكوم" على نشر معلومات عن الدور الروسي في
الصراع يهدف إلى تحقيق عدة أمور أبرزها: تثبيت العلاقة الرسمية التي تنكرها موسكو بين
"الكرملين" ومرتزقة "الفاغنر" في ليبيا، وكذلك دور موسكو في دعم
حفتر، والخطر الذي يشكله التواجد الروسي على المعنيين الليبيين والأوروبيين".
وتابع: "كما يظهر هذا التركيز خرق
روسيا لقرارات الأمم المتحدة بشأن الوضع الليبي، وتحميلها المسؤولية عما يترتب على ذلك، والضغط باتجاه إنهاء الدور الروسي في ليبيا من خلال التحضير لسلسلة خيارات في مواجهة
تعزيز التواجد الروسي (عقوبات، دعم محتمل لحكومة الوفاق، دعم محتمل للدور التركي..
إلخ)، وفق تصوراته.
وأكد خلال تصريحه لـ"عربي21"
أن "هذه الخطوة لن تسبب انهيار التفاهمات التركية أو الجزائرية مع الروس، لكنها
ستسلّح تركيا بالتأكيد بأوراق سياسية في المفاوضات مع موسكو، على اعتبار أن الأخيرة
لا تلتزم بما يتم الاتفاق عليه، كما أنه سيكون بمثابة رسالة إلى الجزائر، مفادها أن
الروس ليسوا صادقين في مساعيهم للتوصل إلى اتفاق حقيقي لوقف إطلاق النار".
اقرأ أيضا: أفريكوم: روسيا تنقل المزيد من المعدات إلى "فاغنر" بليبيا
هل تدفع دول غربية لمواجهة "مصرية تركية" في ليبيا؟
ما وراء تعزيز النظام قواته بمحيط جبل الزاوية وقرى إدلب؟
استنكار فلسطيني لمحاولات "تغيير هوية" مخيم اليرموك