نشرت
صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا، قالت فيه إنه عندما بدأ الرئيس
ترامب وفريقه
هذا الصيف بمهاجمة لياقة جو
بايدن العقلية والجسدية، بدأ ترامب يفكر في إمكانياته
الإدراكية.
وكجزء
من الاختبار السنوي الذي يخضع له ترامب، تم اختبار إمكانياته الإدراكية قبل عامين
باستخدام ما يسمى اختبار مونتريال للإدراك -وهو عبارة عن اختبار مدته 10 دقائق
يقصد منه اكتشاف أي مشاكل إدراكية بسيطة مثل بدايات فقدان الذاكرة- وفكر أنه يمكنه
استخدام ذلك كسلاح في حربه مع بايدن، المرشح الديمقراطي المتوقع للانتخابات
الرئاسية.
وأضافت
الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" أنه خلال اجتماع خاص للحملة في
غرفة الحكومة في أوائل حزيران/ يونيو الماضي، أثار ترامب الموضوع دون أن يسأله أحد.
وتحدث كيف تجاوز الاختبار -متبجحا بأنه استطاع تذكر خمس كلمات مختلفة بالترتيب- واقترح أن يتحدى بايدن أن يخضع لنفس الاختبار، وقال إنه متأكد بأن بايدن لن يصل إلى
نفس مستواه.
ومنذ
ذلك الوقت، بدأ الرئيس بالحديث عن الفحص علنا، حيث قال لشون هانيتي من "فوكس
نيوز" في مقابلة هاتفية في 9 تموز/ يوليو بأنه "تفوق فيه". ومرة
أخرى يوم الأحد عندما قال لكريس والاس من نفس الشبكة بأنه يشك في أن بإمكان بايدن
الإجابة عن كل الأسئلة. ومساء الأربعاء في مقابلة أخرى مع فوكس نيوز، لم يقاوم
ترامب تكرار ما قال إنه كان أصعب ما في الاختبار حفظ وإعادة خمس كلمات بالترتيب.
وقال
ترامب إنه طلب منه أن يعيد مجوعة كلمات –عارضا الكلمات: شخص، امرأة، رجل، كاميرا،
تلفاز، ثم بعد مرور وقت خلال الاختبار تم سؤاله إن كان تذكر تلك الكلمات بالترتيب.
وقال
ترامب: "ويقولون لك 'ارجع إلى ذلك السؤال، وأعدها. هل يمكنك فعل ذلك؟ وأنت
تقول "شخص، امرأة، رجل، كاميرا، تلفاز". فيقولون 'رائع.. كيف استطعت أن
تفعل ذلك؟ أستطيع لأن لدي ذاكرة جيدة، لأنني متواجد إدراكيا".
تقول
الصحيفة إن خبراء الطب والصحة العامة يشددون على أن اختبارات الإدراك ليست ما
يظنها ترامب أنها مؤشر على مستوى
الذكاء وليست عصا يهدد بها خصومه السياسيين مثل
التحدي للمناظرة.
وقال
الخبراء إن تشبث الرئيس بـ"اختبار مونتريال للإدراك" غريب لأن الاختبار
يجرى للتأكد من عدم وجود تراجع في الإمكانيات الإدراكية للشخص إن كان هناك خشية
بأنه بدأ يعاني من فقدان الذاكرة أو غير ذلك من التراجع الإدراكي.
والحصول
على علامات كاملة –كما يدعي ترامب– لا يشير إلا إلى أن الشخص الذي خضع للاختبار ربما لا يعاني
من مشكلة إدراكية بحسب هذا الاختبار.
وقال
زياد نصر الدين، خبير الأعصاب وهو أحد الذين وضعوا هذا الاختبار: "لا يقصد من
الاختبار فحص مستوى الذكاء بأي شكل من الأشكال وإن كان أداء الشخص جيدا، فما يعنيه
ذلك هو أنه يمكن استثناؤه من احتمال وجود خلل إدراكي كالذي يحصل مع أمراض الزهايمر
والجلطة والتصلب العصبي المتعدد. وهذا فقط".
وأضاف
نصر الدين: "والسبب الذي يدعو معظم الأشخاص للخضوع للاختبار هو أنهم بدأوا هم
أو غيرهم بملاحظة تراجع ذهني. (مثلا) نسوا أين ركنوا السيارة، لم يتذكروا البقالة
التي يحتاجون شراءها. أو ينسون باستمرار تناول العلاج".
وهذا
الاختبار الذي يجرى عادة في عيادات الذاكرة أو الأطباء تم إجراؤه لترامب في مركز
وولتر ريد الطبي العسكري في أوائل 2018 وقام بفحصه اللواء البحري روني جاكسون،
الذي كان في وقتها طبيب البيت الأبيض الأول والذي هو الآن مرشح جمهوري للكونغرس في
تكساس.
وفي
مؤتمر صحفي في ذلك العام حول فحص ترامب الطبي وصف جاكسون ترامب بأنه "حاد الذهن جدا، جدا"، وقال إنه
ما كان يخضع الرئيس لاختبار الإدراك ولكن الرئيس نفسه طلبه. وكان ترامب في وقتها
يعاني من تداعيات كتاب مايكل وولف "النار والغضب" – كتاب عن الحياة داخل
البيت الأبيض وصفها بأنها مليئة بالفوضى وعدم الأهلية– وكان ترامب حريص أن يثبت
بأنه كما قال على تويتر "عبقري متوازن جدا".
ومع
أن ترامب قال هذا الشهر إنه خضع للاختبار "قريبا جدا"، فمن غير الواضح
إن كان يتحدث عن فحص 2018 أم أنه خضع لفحص جديد. رفض البيت الأبيض أن يعلق على
الأمر. تقول الصحيفة.
الأسئلة
في الفحص مصممة لتقييم الذاكرة قصيرة الأمد والقدرات البصرية المكانية والوظائف
التنفيذية واللغة والتوجه. وعادة ما تشمل التمكن من رسم ساعة تشير عقاربها إلى وقت
محدد، وتذكر قائمة كلمات وإعادة جمل مثلا "القطة تختبئ دائما تحت المقعد
عندما تكون الكلاب في الغرفة".
وقال
نصر الدين إن المرضى عادة من يطلب منهم النظر إلى رسوم لثلاثة حيوانات؛ مثلا أسد
وجمل ووحيد القرن، "لا نستخدم القطط والكلاب لأنها شائعة جدا وسهلة".
ويحصل
المرضى على علامات من 0 إلى 30. وأي علامة فوق 26 تعتبر طبيعية والعلامة المتوسطة
هي 27، وحوالي 10% من الأشخاص يحصلون على 30 من 30، كما تبجح ترامب بأنه فعل.
ولكن
الخبراء يقولون إن معظم الناس الذين يخضعون للفحص ممن يشك بكونهم يعانون من فقدان
بسيط للذاكرة فإنه
يغلب على العينة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل إدراكية، فيصبح الحصول على علامات
كاملة أقل احتمالا.
كما
يقول الخبراء الصحيون إن "اختبار مونتريال" يركز على المشاكل الإدراكية
وليس اختبارا للصحة النفسية، ولذلك فإن النجاح فيه لا يعني بشكل تلقائي إلغاء وجود
المشاكل في الصحة العقلية مثل الاكتئاب والجنون واضطراب الشخصية النرجسي والفصام
وغيرها من الأمراض النفسية.
وقال
والاس في مقابلته مع ترامب على فوكس نيوز إنه جرب الاختبار على الإنترنت ووجد أن
ادعاء ترامب أن أداءه كان رائعا لا يعني شيئا "فالاختبار ليس هو الأصعب..
فهناك صورة يسألونك: ما هذا؟ وتقول إنه فيل".
ولكن
ترامب أصر بأنه "نعم الأسئلة الأولى سهلة جدا، ولكن أراهنك بأنك لن تستطيع
الإجابة على الأسئلة الخمسة الأخيرة.. أراهن أنك لن تستطيع. تصبح الأسئلة صعبة
جدا، الأسئلة الخمسة الأخيرة".
فرد
عليه والاس: "حسنا، أحد تلك الأسئلة هو ما هو الرقم الأقل من 100
بسبعة"، والجواب على ذلك "ثلاثة
وتسعون".
وانتهى
النقاش بقول ترامب: "أنا أضمن لك أن جو بايدن لن يستطيع الإجابة على تلك
الأسئلة".
ومع
أن ترامب وفريقه اجتهدوا في إثارة موضوع مدى صلاحية بايدن للرئاسة في الأسابيع
الأخيرة، إلا أن تلك الهجمات رجعت إلى ترامب. فحمل كأس ماء بصعوبة بيديه الاثنتين
ووجد صعوبة في النزول على منحدر في الأكاديمية العسكرية في وست بوينت، فأصبحت صحة
ترامب موضوع تساؤل الإعلام الإخباري.
وأطلق
"مشروع لنكولن"، وهو مجموعة معارضة لترامب، دعاية مدتها 45 ثانية يقول
فيه المعلق: "المنصب الأكثر نفوذا في العالم يحتاج إلى أفضل من رئيس ضعيف،
متوعك ومرتعش".
وأظهر
استطلاع حديث بأن الناخبين يعتقدون أن فطنة بايدن تساوي أو تزيد عن فطنة ترامب.
ففي استطلاع لفوكس نيوز نشر يوم الأحد قال الناخبون المسجلون بهامش 8 نقاط بأن
بايدن لديه الفطنة اللازمة ليكون رئيسا فعالا، ولكن الناخبين شكوا في فطنة ترامب
بثماني نقاط.
ووجد
استطلاع قامت به "إيه بي سي نيوز" في أواخر أيار/ مايو بأن 46% من
الناخبين يعتقدون أن ترامب يمتلك "الحدة الذهنية" اللازمة للقيام بدور
فعال كرئيس، مقارنة بـ 49% من الناخبين الذي يعتقدون أن بايدن يمتلكها.
ورفض
تي جي داكلو، المتحدث باسم حملة بايدن تحدي ترامب وقال: "إن الفحص الوحيد
الذي يجب على دونالد ترامب التركيز عليه هو النوع الذي نحتاجه للسيطرة على أزمة
كوفيد-19".
وقال
داكلو في بيان: "آلاف الأمريكيين الذين يصابون بالفيروس كل يوم لا يهمهم إن
كان الرئيس يستطيع التعرف على صورة فيل، ولكن يهمهم إن كانت حكومتهم الفيدرالية
تفعل كل ما في وسعها لإبقائهم آمنين، والآن تحت هذا الرئيس لا يحصل هذا".
وقال
جفري إنغل، مدير مركز التاريخ الرئاسي في جامعة ساذرن ميثوديست يونيفيرستي، إن القلق بشأن صحة الزعماء الأمريكيين مسألة قديمة، فكان فرانكلين روزفيلت مثلا يعاني من إعاقة جسدية بسبب إصابته بشلل
الأطفال وهو ما كان يخفيه بشكل كبير. وفي أواخر أيام الرئيس ريتشارد نيكسون كان
وزير الدفاع جيمس شليزنغر قلق جدا بشأن الحالة العقلية للرئيس لدرجة أنه كان يوصي
القادة العسكريين أنه في حالة أعطى الرئيس أوامر تتعلق بالأسلحة النووية أن يعودوا
له أو لهنري كسنجر، مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية، قبل القيام بالأوامر.
وخلال
سنواته الأخيرة في البيت الأبيض كان مستشارو رونالد ريغان قلقون بشأن إمكانياته
الإدراكية، وتم تشخيصه بالإصابة بمرض الزهايمر بعد خمس سنوات من مغادرته للبيت
الأبيض.
وتحتم
الصحيفة تقريرها بالقول: "لكن رئيسا في منصبه يتبجح بنجاحه في اختبار إدراك، ويتحدى منافسه لأخذ اختبار مشابه غير مسبوق، بحسب إنغل الذي قال إنه بالرغم من أن
من يدرسون التاريخ الرئاسي يتعلمون عدم استخدام "غير مسبوق؛ لأن هناك سابقة
دائما، لكن الحقيقة أن ترامب يقوم بعدد من الأشياء غير المسبوقة كل أسبوع،
وتبجحه باختبار الإدراك وكأنه مؤشر على الذكاء، يمكن اعتباره أحدها".