يعتزم البرلمان
المصري مناقشة والتصويت على
مشروع قانون لتنظيم دار الإفتاء المصرية، رغم إعلان
الأزهر رفضه لمشروع القانون،
وتأكيده أنه "يمس استقلاليته".
وقال الأزهر، في رسالة إلى رئيس البرلمان، إن
"مواد هذا المشروع تخالف الدستور المصري، وتمس باستقلالية الأزهر والهيئات
التابعة له، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، وجامعة الأزهر، ومجمع البحوث
الإسلامية".
وأضاف: "تضمَّن مشروع القانون المقترح
عُدوانًا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلالها، وهي التي تختص وحدها
بترشيح مفتي الجمهورية، وجاء المشروع مُلغيًا للائحة هيئة كبار العلماء التي
تكفَّلت بإجراءات ترشيح ثلاثة بواسطة أعضاء هيئة كبار العلماء، والاقتراع وانتخاب
أحدهم لشغل المنصب".
وبررت اللجنة المشتركة من لجان "الشؤون
الدينية والأوقاف"، و"الخطة والموازنة"، و"الشؤون
الدستورية" بالبرلمان، في تقرير سابق، مشروع القانون بأنه يهدف إلى إعادة تنظيم دار الإفتاء، ومنحها الشخصية
الاعتبارية المستقلة والاستقلال.
القانون في يد البرلمان
وكشف أمين سر لجنة الشؤون الدينية والأوقاف،
لـ"عربي21": أن "اللجنة انتهت من الموافقة على مشروع القانون،
وأحالته إلى الجلسة العامة للتصويت عليه"، مؤكدا أن "القانون لا ينال من
استقلال الأزهر، وسيعرض في الجلسة العامة اليوم أو غدا".
وأكد عمر حمروش أن "القانون أصبح ضرورة
ملحة لتنظيم العمل في دار الإفتاء المصرية، ويعد ضمانة قوية لأداء متميز وفق
تطورات العصر بالنسبة لدار الإفتاء المصرية"، مشيرا إلى أن "الإفتاء
لعبت خلال تولي المفتي الدكتور شوقي علام دورا وطنيا كبيرا شمل كل مناحي الحياة،
وتصدى لكل الأزمات بدافع وطني لصالح الدولة المصرية".
ونفى أمين سر اللجنة الدينية أن "يكون
القانون الجديد يمس من استقلال أو وحدة الأزهر، ولا يقلل من دوره، ولا يقلص من
سلطاته، إنما هو مكمل لدور المؤسسات الدينية، وأؤكد أنه لا خلاف بين الأزهر ودار
الإفتاء في هذا الأمر؛ لإنه قانون محمود، وهو تنظيمي بحت".
وكشف أن "المفتي، الذي صاغ مقدمة المشروع،
يؤيد إصدار مثل هذا القانون، ويؤكد أنه لا يعد تعارضا أو تداخلا في دور أي مؤسسة
من المؤسسات الدينية، وفضيلة المفتي حريص على تمرير القانون لأنه يمنحه شخصية
اعتبارية وينظم شؤون الدار بشكل أفضل".
لكن بيان الأزهر لرئيس البرلمان أكد
"مشروع القانون المقترح تضمن عُدوانا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر
واستقلالها". لافتا إلى أن "الدستور المصري نص على أن الأزهر هو المرجع
الأساس في كل الأمور الشرعية التي في صدارتها الإفتاء".
لا فصل بين الإفتاء والأزهر
وبشأن اعتراض الأزهر على مشروع القانون، قال المتحدث
باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، إن "الأزهر، وفق البيان، يرى أن مشروع
القانون هو محاولة لفصل دار الإفتاء بعيدا عن مؤسسة الأزهر، الذي يعد وفق الدستور
هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع
الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية".
وردا على مزاعم البعض بأن الإفتاء كان منفصلا
عن الأزهر، أكد في حديثه لـ"عربي21" أن "دار الإفتاء لم ينفصل عن
الأزهر، ومن يتولى الإفتاء هو أحد أبناء الأزهر، وهيئة كبار العلماء هي من ترشح
وتختار المفتي، ودار الإفتاء تنسجم مع الخط العام للأزهر باعتباره ممثلا للقضايا
الدينية في مصر والعالم الإسلامي".
ورأى أن المعارضين لهذا المشروع "يرون في
مشروع القانون تفتيتا لجهود الأزهر، وتوجيه دار الإفتاء إلى جهة أخرى غير تلك التي
ينتهجها الأزهر، ويخشى عليها أن تحيد عن هذا المنهج وتبتعد عنه، وهو ما يقلق شيوخ
الأزهر".
وأكد أن "موقف الأزهر وهيئة كبار العلماء،
ومجمع البحوث الإسلامية من مشروع القانون يستند إلى مصوغات دستورية، وعلى
البرلمان، الذي عندما يشرع فهو يشرع لصالح الناس، أن تأتي قوانينه وفق مصلحة هؤلاء
الناس ما يجمعهم وليس ما يفرقهم".
ضياع مكانة الأزهر
لكن عضو لجنة الشؤون الدينية والأوقاف
بالبرلمان المصري سابقا، محمود عطية، انتقد مشروع القانون بشدة، وأكد أن
"البرلمان حينما يوافق على مشروع هذا القانون فهو يعمل على ضياع هيبة الأزهر؛
لأن الإفناء في النهاية جزء لايتجزأ من الأزهر".
وأكد في حديثه لـ"عربي21": أنه
"لا ينبغي أن نسلخ الإفتاء عن الأزهر، وبالتالي يصبح الأزهر يغرد وحده خارج
السرب، وما نخشاه أن تكون الخطوة القادمة بتعيين وعزل شيخ الأزهر وهو المكان الذي
لا ينبغي لأي مسؤول الاقتراب منه".
وطالب بضرورة الحفاظ على استقلالية الأزهر وعدم
تقليص صلاحياته، قائلا: "حفاظاً على هذه المؤسسة الدينية الهامة يجب أن يتوقف
البرلمان المصري، الذي من المفترض أنه يعبر عن الشعب، عن التصديق على مشروع هذا
القانون".