باتت
البيانات الشخصية للمواطنين المصريين في قبضة السلطات المصرية تحت زعم مقتضيات
"الأمن القومي"، بعد أن صدّق رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي،
على قانون "حماية البيانات الشخصية" الذي أقره البرلمان قبل نحو خمسة
أشهر.
صدّق
السيسي، الجمعة، على القانون رقم 151 لسنة 2020، بشأن "حماية البيانات
الشخصية"، تحت مزاعم ضمان مستوى مناسب من الحماية القانونية والتقنية للبيانات
الشخصية للمواطنين المعالجة إلكترونيا، ووضع آليات كفيلة بالتصدي للأخطار الناجمة
عن استخدامها.
لكن
معارضين للقانون أكدوا في تصريحات لـ"عربي21"، أن الخطوة الجديدة تهدف
إلى تسهيل حصول جهات "الأمن القومي" في مصر على أي بيانات شخصية
للمواطنين ترغب في الحصول عليها، وإزالة قيود السرية عنها، وعدم وجود قيود
قانونية.
وفي
شباط/ فبراير الماضي؛ وافق مجلس النواب المصري، نهائيا (بأغلبية الثلثين) على
مشروع قانون "حماية البيانات الشخصية" المقدم من الحكومة، بزعم حماية
البيانات الشخصية المعالجة إلكترونيا أثناء جمعها أو تخزينها أو معالجتها، من خلال
مركز جديد سيتم إنشاؤه لهذا الغرض.
"عقل الدولة المصرية"
القانون
أعاد إلى الأذهان حديث السيسي في تموز/ يوليو 2019، عن إنشاء "عقل جامع
لبيانات الدولة" يحتوي على منظومة ضخمة من الخوادم "في مكان ما تحت سطح
الأرض".
وأضاف
خلال كلمة له أمام جلسة التحول الرقمي في مؤتمر الشباب بالعاصمة الإدارية الجديدة،
أن الدولة أنشأت ما وصفه بـ"العقل الجامع" لكل الدولة المصرية، على عمق
14 مترا في منطقة ما، ويتمتع بأعلى درجات التأمين.
اقرأ أيضا: محمد علي: أخشى مصير خاشقجي.. والسيسي سيرحل قريبا
يستثنى
القانون مجموعة من البيانات الشخصية من قواعد الحماية المنصوص عليها في مواده
أبرزها؛ البيانات الشخصية المتعلقة بمحاضر الضبط القضائي والتحقيقات والدعاوى
القضائية، والبيانات الشخصية لدى جهات الأمن القومي وما تقدره لاعتبارات أخرى.
"العقلية الأمنية"
فنّد
عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، وعضو اللجنة الدولية لحماية
حقوق الملكية الفكرية، أسامة سليمان، القانون، قائلا: "السيسي يؤكد أن عقل
الدولة المصرية في فهمه أنها العقل البوليسي؛ لذلك يتجسس ويتصنت على
المواطنين"، مشيرا إلى أن "رفع الرقابة القضائية عن التحكم في البيانات
الشخصية تحت مزاعم اعتبارات الأمن القومي ينتهك حقوق المواطنة والدستور".
وأكد
في حديثه لـ"عربي21" أنه "منذ ثورة 25 يناير وصولا لانقلاب 2013،
والأجهزة العسكرية والأمنية تبحث عن كيفية السيطرة على الشعب الذي خرج عليهم، ومع
التطور التقني لوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت خطرا يؤرق السيسي ومن حوله؛
وبالتالي سعى جاهدا للسيطرة عليها وتسهيل الوصول إلى مواطن من خلال البيانات
الشخصية".
ورأى
سليمان أن "كل القوانين تُسن في اتجاه تعزيز قبضة الجيش والأمن من جهة وضمان
عدم خروج الشعب إلى الشارع ضد النظام من جهة أخرى، في أي دولة ديمقراطية قانون
حماية البيانات الشخصية يحمي المواطنين ولكن في الدول البوليسية العسكرية مثل مصر
هو من أجل ضبط ورصد المعارضين، والأخطر من ذلك هل تلك البيانات محمية أم سوف يتم
إتاحتها لجهات أجنبية أخرى تضر بالأمن القومي المصري".
ووصف
عضو لجنة الدفاع والأمن القومي السابق، جملة "اعتبارات الأمن القومي"، بـ
"الجملة الفضفاضة التي تسهل استخدام البيانات الشخصية بشكل سيئ، وفي ظل
الدولة العسكرية ستبقى البيانات سيف مسلط على رقاب المصريين وبالتالي حماية
المواطن أو الإضرار به سيبقى في يد الجهات الأمنية وليست القضائية".
"تقنين الاستيلاء على البيانات"
بدوره،
أكد الباحث في الشؤون الأمنية، أحمد مولانا، أن "القانون به العديد من المواد
التي تتعلق بحماية البيانات الشخصية بالفعل، أما جزئية حصول جهات الأمن القومي على
البيانات الشخصية التي تريدها عن المواطنين فهو تقنين سلوك يتم عمليا منذ العهد
الناصري".
مضيفا
في حديثه لـ"عربي21" أن "القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ يأتي
ضمن جهود السيسي لتقنين ممارسات الأجهزة الأمنية التي يُنظر لها باعتبارها عمل
خارج القانون"، مشيرا أن "جزئية حماية بيانات المواطنين موجودة، وتختص
بحمايتها من التسرب لغير الجهات التي يصرح لها النظام بالحصول عليها".
وفيما
يتعلق بالعقل الجامع للدولة، أشار إلى أن "مشروع عقل الدولة يعمل على تجميع
البيانات الشخصية للمواطن في قاعدة بيانات موحدة بدلا من توزيعها على عدة جهات،
مما يكفل سد الفراغات التي يستغلها بعض المعارضين لإجراء المعاملات الخاصة بهم،
كما تسهل عملية الاستعلام عن أي مواطن خلال لحظات".
نشطاء التواصل يهاجمون السيسي بعد تهديده بحرب ليبيا
دبلوماسي ليبي: حكومة الوفاق متأهبة لمواجهة أي اعتداء
سد النهضة يعود للصدارة بمصر على "تويتر" مع اقتراب ملئه