تفاخر رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، بحصول المملكة على منح ومساعدات وقدرتها على إصدار سندات مالية (اليورو بوند) لسداد ديون داخلية، قائلا: "العالم يثق بالاقتصاد الأردني والدليل المنح والمساعدات المقدمة".
الرزاز الذي جاء لامتصاص غضب الشارع الأردني في 2018، أغرق الأردنيين بوعود بالنهضة، والخروج من حلقات الاقتراض، والاعتماد على الذات، والتخفيف من العبء الضريبي.
إلا أن الرياح لم تجر كما تشتهي "طائرة الرزاز"، فبعد عامين من تولي الرزاز لمهامه، تظهر أرقام البطالة ارتفاعا في الربع الأول من العام 2020 بنسب وصلت إلى 19.3 بالمئة، مقارنة بـ 18.6 بالمئة نهاية 2019. كما سجلت مديونية الأردن العامة للأشهر الأربعة الأولى من هذا العام بمقدار 1.318 مليار دينار.
تناقض
وقال الخبير والمحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي، لـ"عربي21" إن "هنالك تناقضا في ما تطرحه الحكومة من خطاب رسمي في الإعلام، مؤكدا أن الأولويات اليوم هي توفير سيولة مالية في ظل الأوضاع الاقتصادية التي سببتها جائحة كورونا، كي تتمكن الحكومة من الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية".
وأضاف: "ليس من السهولة الاقتراض في ظل جائحة كورونا" لافتا إلى أن حصول الأردن على قرض بهذا الشكل خطوة مهمة وإيجابية في أن المجتمع الدولي ما زال يدعم الأردن، لكن هذا على عكس ما تقوله الحكومة حول سياسة الاعتماد على الذات".
ويرى الدرعاوي أن لجوء الحكومة للاقتراض الخارجي من خلال سندات يوروبوند، جاء "بسبب الضغوطات الناجمة عن تزايد الاقتراض الداخلي الذي وصل إلى (18.9) مليار دينار من (البنوك ومؤسسة الضمان الاجتماعي)، ما تسبب في شح تسهيلات البنوك أمام القطاع الخاص".
وأوضح الدرعاوي، أن أكبر معضلة تواجه الأردن هي "ارتفاع أرقام البطالة التي كانت تمثل مشكلة اقتصادية وسياسية، واجتماعية حتى قبل جائحة كورونا".
وتابع: "هنالك تراجع حاد بالنشاط الاقتصادي، وتحديات حول استمرارية العاملين الأردنيين وخصوصا في دول الخليج التي تعاني من انخفاض أسعار النفط".
اقرأ أيضا: هكذا أحدثت كورونا شرخا بالأوضاع الاقتصادية للأردنيين
وانتقد ما سماه بـ"التشغيل الوهمي الذي كانت الحكومة تطلقه بين الفترة والأخرى ضمن برامج تشغيل مختلفة"، قائلا: "النتيجة تشغيل نظري وإعلامي للآلاف، وتعطل عن العمل وتسريح لعشرات الآلاف الذين انضموا لصفوف البطالة".
وبلغ العجز المالي للأشهر الأربعة الأولى ما مقداره 695 مليون دينار، مقارنة مع عجز مالي لنفس الفترة من العام الماضي قيمته 304 ملايين دينار، بسبب ما قالت الحكومة إنه تراجع الإيرادات المحليّة بواقع 569 مليون دينار، نتيجة جائحة كورونا.
الأوضاع الاقتصادية دفعت غرفة تجارة الأردن إلى مطالبة الحكومة يوم الاثنين، بإعادة النظر بنسب ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، وحثت الغرفة الحكومة على وضع استراتيجية لمواجهة المديونية المرتفعة.
الرزاز، قال الاثنين خلال زيارته لوزارة التخطيط (الجهة المعنية باستقطاب المنح)، إن "الأردن يقدم للعالم فرصة بأن يكون دولة جاذبة للاستثمارات لتقديم سلع وخدمات على مستوى المنطقة ككل"، معتبرا أن "الدعم المقدم للأردن مستمر، ويؤشر على ثقة عالمية بالمملكة سواء ما يتعلق بأوجه الدعم أو إصدار سندات اليورو بوند التي تمت أخيرا".
"الأردنيون محبطون"
ويرى الرئيس السابق لجمعية المحاسبين القانونيين، محمد البشير، في حديث لـ"عربي21" أن "ما قامت به الحكومة من لجوء السندات لسداد ديون استحقت داخليا وخارجيا، يعكس مدى فشل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي، إذ لم تف الحكومة بوعودها كمعالجة الضرائب".
وحول ثقة العالم بالاقتصاد الأردني يقول إن "خطاب الحكومة في هذا السياق خطاب عاطفي وسياسي، إذ إن الاقتصاد الأردني اقتصاد متواضع ويحتوي بهيكله على مشاكل، إذ تزيد مساهمة قطاعي الزراعة والصناعة على 32 بالمئة من الناتج الإجمالي، وهذه القطاعات يفترض أن تكون مقبرة للبطالة، بينما قطاع الخدمات المشبع تبلغ نسبته من الناتج الإجمالي 70 بالمئة وهذا خلل كبير".
اقرأ أيضا: كورونا يلتهم مدخرات الأردنيين.. وقلق أممي من تزايد الفقر
وتوقع أن يبلغ الانكماش الاقتصادي لأكثر من 3.5 بالمئة إذا بقيت الحكومة على وضعها دون معالجة للعبء الضريبي على القطاعات والأفراد.
وشكل سوء الأوضاع الاقتصادية والتخبط في اتخاذ القرارات والفشل في محاربة الفساد أسباب تقييم الأردنيين لعدم قدرة الحكومة على القيام بمهامها على الإطلاق في استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية.
ويعتقد 9 يالمئة من أفراد العينة الوطنية و11 بالمئة من أفراد عينة قادة الرأي، أن الحكومة لم تكن قادرة على الإطلاق على القيام بمهامها.
وانتقد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض، أداء الحكومة الاقتصادي في جائحة كورونا، قائلا: "الحكومة اختارت الطريق الذي يجنبها أي التزامات مالية تجاه منشآت الأعمال الخاصة المتضررة من التداعيات التي خلفها توقف الأنشطة الاقتصادية في غالبية القطاعات الاقتصادية والعاملين فيها، إلى جانب العاملين بشكل غير منظم".
وأضاف: "ارتأت تحميل تبعات هذه الأزمة على العاملين والمؤسسات التي يعملون فيها وحدهم، ما يعني تعميق الاختلالات الاجتماعية غير المتوقعة واتساع رقعة الفقر ومئات آلاف المتعطلين الجدد عن العمل، والإضرار بشكل كبير بالسلم المجتمعي".
وتوقع المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق أن السوق الأردنية ستخسر ما يقارب الـ140 ألف وظيفة دائمة جراء جائحة كورونا.
الأردن يصدر سندات دولية بـ 1.75 مليار دولار ترفع الدين العام
هكذا أحدثت كورونا شرخا بالأوضاع الاقتصادية للأردنيين
تراجع تحويلات الأردنيين في الخارج 6% بسبب تداعيات كورونا