أثارت تهديدات الحكومة الليبية الموازية للشركات التركية المتواجدة في شرق البلاد تساؤلات حول دلالة الخطوة، ومدى قانونية هذه القرارات وحقيقة تواجد شركات استثمارية تركية بالفعل في مناطق سيطرة الحكومة الموالية لحفتر.
وهددت الحكومة غير المعترف بها دوليا والتي يرأسها عبد الله الثني بسحب عقود مع أنقرة تقدر بمليارات الدولارات عن أعمال تنفذها عدد من الشركات التركية في ليبيا، وتم توقيعها قبل عام 2011، وأنه سيتم تسليم المشروعات لشركات أخرى، وذلك على خلفية ما وصفته بموقف تركيا العدائي ضد "الجيش" (قوات حفتر)، كما زعمت.
والسؤال: هل لا زالت شركات تركية تعمل في الشرق الليبي؟ وما قدرة حكومة "حفتر" على إغلاقها؟ وما موقف "تركيا" من ذلك حال حدوثه؟
"عقود وغرامات"
من جهته، أكد عضو مجلس الدولة من الشرق الليبي، إبراهيم صهد أنه "ليس هناك شركات تركية عاملة في المنطقة الشرقية حاليا، لكن ربما توجد عقود مع شركات تركية لم تستكمل، ولهذا فإن إلغاء أية عقود قائمة لن يكون له آثار فورية وسيكون بمثابة إلغاء عقد من طرف واحد ما قد يترتب عليه آثار قانونية وربما غرامات".
اقرأ أيضا: صحيفة: مجلس لقبائل ليبية ينوي فتح حساب لعائدات النفط بروسيا
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "لا أعلم إن كان لحكومة الثني صلاحية إلغاء العقود كونها حكومة منتهية الصلاحية أولا وتابعة عمليا لمجرم الحرب حفتر ثانيا، غير أننا تعودنا على إجراءات عشوائية مرتجلة لا تفيد إلا في تعميق وزيادة الأعباء المستقبلية على العلاقات والخزانة الليبية"، بحسب تقديره.
"افتقاد أدوات نقدية"
ورأى الخبير الاقتصادي الليبي، علي الصلح أن "أية قرارات للحكومة المؤقتة سيتعلق فقط بنطاق سيطرتها وتواجدها، ومنذ فترة تغيب عن هذه الحكومة المعايير الفنية والقانونية لأي إجراء كونها لا تمتلك غطاء شرعيا، لذا الإجراءات المالية والاقتصادية لها لا تنطلق من قنوات شرعية وخطوات هادفة".
وفي تصريحات لـ"عربي21" أشار إلى أن "أي إجراء ضد الشركات الأجنبية ومنها الشركات التركية سيكون في صالح أشخاص فقط وتصعيد لا فائدة منه أبدا، لكن لا أتوقع اتخاذها هذه القرارات كونها لا تملك الأدوات المالية والنقدية للتعامل مع أي جهة خارجية، كما أن أنقرة لا تعترف بها ولا تتعامل معها"، كما قال.
"مناورة سياسية"
الأكاديمي من شرق ليبيا، عماد الهصك رأى من جانبه أن "هذه التهديدات تأتي في سياق المناورة السياسية وتسجيل موقف مسبق تجاه سياسة "تركيا" المناوئة للحكومة المؤقتة في شرق البلاد، لأنه فعليًا لا توجد أية شركات تركية في شرق ليبيا منذ أكثر من سبع سنوات"، وفق كلامه.
اقرأ أيضا: هذا ما خلفه حفتر وراءه في المناطق التي استعادتها "الوفاق"
وأوضح أن "هذه الخطوة من قبل الحكومة تعد مؤشرًا على زيادة تأزم العلاقة بين الطرفين، أما دوليًا لا أعتقد أن هذه الحكومة لديها ما يخولها قانونيًا للتعاقد مع أية دولة؛ باعتبار أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بحكومة "الوفاق" الموجودة في طرابلس"، كما صرح لـ"عربي21".
"محاكم دولية"
الناشطة الحقوقية الليبية المقيمة في "إسطنبول"، نادين الفارسي قالت إن "أغلب الشركات الأجنبية توقفت عن العمل منذ 2011 لأسباب أمنية هذا أولا، وثانيا ما تقصده هذه الحكومة غير الشرعية هو العقود فقط وحتى هذه لا تملك صلاحية فسخها كون الخطوة تحتاج إلى امتلاك صلاحية هذا الفسخ طبقا للتوقيع وهذا تملكه الآن حكومة الوفاق وفقط كون الشرعية انتقلت إليها بعد تشكيلها".
وتابعت لـ"عربي21": "كذلك فسخ أي عقد مع شركة أجنبية يحتاج إلى آليات ومحاكم دولية كون الأمر يرتبط بتوقيع شروط جزائية وعقوبات على الطرف الناقض للعقد، لذا كل ما يحدث هو زوبعة إعلامية لتأكيد هذه الحكومة التي يسيطر عليها "حفتر" أنها في عداء مع الأتراك"، كما قالت.
لماذا تجاهلت مبادرة مصر اتفاق "الصخيرات" لحل أزمة ليبيا؟
تقارب فرنسا مع "الوفاق".. تخلٍ عن حفتر أم محاولة لإنقاذه؟
بعد تصاعد التحرك الروسي.. هل غيّرت أمريكا سياستها في ليبيا؟