شرع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، بحملة تغييرات في مفاصل الدولة، طالت رؤساء هيئات ومؤسسات مهمة، إضافة إلى البدء بتكليف جهاز مكافحة الإرهاب في إدارة المنافذ الحدودية.
وأجرى الكاظمي خلال الأيام القليلة الماضية، تغييرات شملت رئيس هيئة الطيران المدني، ورئيس ديوان الوقف الشيعي، إضافة إلى تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بإدارة منفذ القائم الحدودي غرب العراق، تمهيدا لتسليمه جميع المنافذ الحدودية.
تلك الحملة قرأها مراقبون على أنها ربما تكون بداية للمعركة ضد الفساد، ولا سيما في المنافذ الحدودية، وقد سبق للكاظمي أن وعد بأنه سيبدأ حربه ضد الفاسدين في الوقت المناسب، والتي قد تتسبب بغضب بعض القوى السياسية والمقربين منه، بحسب تعبيره.
القوى تراقب
وبخصوص موقف القوى السياسية من تلك التغييرات، قالت البرلمانية ندى شاكر، عن تحالف "النصر" بقيادة حيدر العبادي، إن "كل رئيس وزراء يأتي لا بد أن يجري تغييرات في حكومته، لأنه سيكون مسؤولا عن الأداء العام للحكومة، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي سببها بالأساس الفساد المالي وسوء الإدارة".
وأضافت في حديث لـ"عربي21": "نحن نراقب الشخصيات الجديدة التي سيختارها الكاظمي لإدارة المفاصل المهمة في الدولة، وتقييمنا لهم سيكون على أساس ذلك، فهل سيأتي بشخصيات بنفس السياق السابق، أم إن الاختيار سيكون وفق أسس مهنية بعيدة عن الأحزاب والمحاصصة".
اقرأ أيضا: الكاظمي يقر بضغوط و"بمحاولات تشويش" ضده.. ويتحدى
واستبعدت البرلمانية العراقية أن "يستطيع الكاظمي الوقوف بوجه الكتل السياسية التي تغلغلت بمفاصل الدولة، لأنها من لديها استحقاقات سياسية في مؤسسات الدولة، لكن لا ضير في أن تأتي القوى السياسية بشخصيات وطنية مهنية صاحبة كفاءة، للنهوض بهذه المؤسسات والهيئات التي ستديرها".
واستدركت بالقول: "لكن إذا كانت العملية مجرد إعادة تدوير واستبدال للوجوه، فهذا لن يغير من الواقع شيئا، وسنراقب الأداء الحكومي في المرحلة المقبلة، لنعرف ما إذا كان الاستبدال الذي قام به الكاظمي يسهم في إصلاح الأوضاع في مفاصل الدولة أم لا؟".
معركة حتمية
من جهته، قال المحلل السياسي نجم القصاب، إن "الكاظمي ليس أمامه إلا الشروع في البدء بالمعركة ضد الفساد، التي ستكون معروفة النتائج"، لافتا إلى أن "الشعب العراقي والقوى النزيهة والوطنية ترغب في قيام رئيس الوزراء بهذه الحملة، وإلا فإن العراق ذاهب إلى الهاوية".
وأوضح القصاب في حديث لـ"عربي21"، أن "عدم استطاعة العراق توفير الأموال والمرتبات للموظفين يحصل لأول مرة منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، والحكومة اليوم محرجة أمام شعبها والموظفين لعدم وجود سيولة نقدية، وذلك يرجع لسببن: الأول هو الفساد، والآخر هو الاعتماد على تصدير النفط".
وأشار إلى أن "القوى السياسية والنخب التي حكمت البلد طيلة المدة الماضية لم تفكر في إيجاد بدائل اقتصادية في حال انخفضت أسعار النفط، واليوم يحاول الكاظمي الحصول على موارد مالية غير الموارد النفطية".
اقرأ أيضا: الكاظمي يعين رئيس قضاة التحقيق مع "صدام" مديرا لمكتبه
وحول تسليم المنافذ الحدودية إلى جهاز مكافحة الإرهاب، قال القصاب إن "هذا الجهاز تشكيل مهني تأسس بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية، وحقق انتصارات في معارك ضد تنظيم الدولة"، مؤكدا أن "تعيين عبدالوهاب الساعدي رئيسا لهذا الجهاز في الحكومة الجديدة، كان تحديا من الكاظمي للقوى التي رفضته في المرحلة الماضية".
توقيت مناسب
وحول اصطدام الكاظمي بالقوى والمليشيات التي تدير المنافذ الحدودية والمتورطة بالفساد، قال القصاب إن "القوى السياسية لم تعد لها السطوة والقوة لاستجواب وتحجيم رئيس الحكومة أو إقالته، لأنه لم يتبق عمر طويل لهذا البرلمان، وربما يعلن الكاظمي انتخابات مبكرة".
ونوّه القصاب إلى أن "المجتمع العراقي ممتعض من جميع الأحزاب التي حكمت البلاد وخصوصا الموجودة حاليا في السلطة التشريعية، إضافة إلى أن المتظاهرين سيكونون مع الكاظمي لو خطى هذه الخطوة في محاربة الفساد".
وأكد أن "الكاظمي اختار التوقيت المناسب في إجراء التغييرات، لأن البرلمان معطل بسبب فيروس كورونا، وكل المعطيات الخارجية والداخلية والسياسية والاقتصادية تصب حاليا في مصلحة رئيس الوزراء لاتخاذ خطوات ضد الفساد".
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي هشام الهاشمي في تغريدة على "تويتر" إن "المواجهة خلال الوقت القادم ستشمل تحرير المنافذ الحدودية والموانئ والمطارات من عصابات الفاسدين، بالإضافة إلى الكشف عن أسماء فاسدين وأبناء مسؤولين متورطين في تهريب الإنترنت".
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن عزم رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي خلال الأيام القليلة المقبلة، تغيير رئيس هيئة الإعلام والاتصالات، ومدريي مصرف الرشيد، وهيئة التقاعد العامة، إضافة إلى تعيين رئيس لديوان الوقف السني ووزير للأمن الوطني ومستشار.
وأعلن رئيس "سكرتارية الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات" ممثل الحكومة العراقية في البرلمان طورهان المفتي، أمس الأحد، عن حصر الموافقة على تغيير المناصب المحلية برئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وقال المفتي إنه "تقرر عدم إجراء تغييرات في مناصب نائب المحافظ والقائم مقام والمديرين العامين (مدير عام الصحة، مدير عام التربية، مدير عام الاستثمار) فضلا عن معاون المحافظ باعتبار الأخير من الوظائف المهمة في المحافظة، وذلك بعد استحصال موافقة رئيس مجلس الوزراء على ذلك التغيير".
والاثنين، طالب عشرات المحتجين بالعراق، بإقالة مسؤول حكومي من منصبه، جنوبي البلاد.
وقال متظاهر، إن عشرات المحتجين أغلقوا مبنى حكومي بمحافظة واسط (جنوب)، للمطالبة بإقالة قائمقام القضاء محمد رضا، واختيار بدلا منه، بحسب وكالة الأناضول
وأضاف الحسوني، أن الاحتجاجات اندلعت على خلفية استشراء الفساد وعدم الكفاءة في المؤسسات الحكومية، ما أثر سلبا على مستوى تقديم الخدمات العامة.
ولا تزال احتجاجات تخرج بين حين وآخر للمطالبة بإقالة مسؤولين محليين متهمين بالفساد.
لماذا أثار الكاظمي الجدل بتعطيل قانون "رفحاء" في العراق؟
هل تحرّك قضية "العيساوي" ملفات قادة سنة آخرين بالعراق؟
"جاء باتفاق مسبق".. وزير جديد بحكومة الكاظمي يثير الجدل