سلطت صحيفة "التايمز" الضوء على الحرب الدائرة في ليبيا، ودور أوروبا -وتحديدا بريطانيا وفرنسا- في تحويل البلاد إلى دولة فاشلة تتنازعها القوى المسلحة.
ونشرت الصحيفة مقالا للكاتب روجر بويز ترجمته "عربي21"، قال فيه إن الحرب الأهلية الليبية باتت تنشر سمومها في كل أنحاء أوروبا، إذ إن المرتزقة يجلبون من روسيا وسوريا، فيما يسيطر قادة المليشيات المحلية على خزان من الأسلحة، وفي المقابل يصطف المهاجرون من دول جنوب الصحراء للحصول على معبر غير قانوني من البحر الأبيض المتوسط".
ووصف الكاتب الشتات الليبي في أوروبا بأنه غاضب ومحبط وغير مستقر، حيث تمزق بلدهم بين قوات الحكومة الليبية، وبين جيش القائد المنشق خليفة حفتر المدعوم الآن من روسيا ومصر والإمارات.
وأضاف الكاتب أنه منذ مقتل العقيد معمر القذافي قبل تسع سنوات، "أصبح واضحا للجميع أن ليبيا ليست أمة ولا دولة، فهي في جزء كبير منطقة خارجة عن القانون، وسياساتها المتلونة تحددها الولاءات المتغيرة لزعماء القبائل ورؤساء عصابة الجريمة".
وقال الكاتب إن بريطانيا وفرنسا زرعتا بذور الأزمة من خلال الغارات الجوية عام 2011 وكان من المفترض أنها تهدف لوقف ذبح القذافي للمعارضين في بنغازي.
ويصف الكاتب نية دول الغرب بالنبيلة بما يكفي – لتفادي مذبحة أخرى على غرار سيربرنيتشا في البوسنة، وإثبات أن الغرب لم يكن متفرجا سلبيا على انتقال الربيع العربي إلى الأسوأ- لكن التدخل كان نصف مطبوخ، فلم يتم التفكير بما سيحدث بعد سقوط الديكتاتور.
ويقول الكاتب إن بريطانيا وفرنسا خرجتا من ليبيا بأسرع ما يمكن، وقصرتا جهودهما الآن على الإرهابيين الذين ينقلون الحرب إلى الدول الأوروبية.
اقرأ أيضا: الأناضول: هذه الدول تدفع مصر نحو حرب في ليبيا
وشدد بويز على أن ليبيا اختبار لقدرة أوروبا، فالهجرة التي تتدفق نحو سواحل إيطاليا واليونان هي مشكلة أوروبية، وكذلك تصدير الأسلحة غير القانونية والمعاملة الوحشية طويلة الأمد لجيل الشباب، قد توفران فرصة لعودة تنظيم الدولة من جديد.
وتابع: "الحقيقة هي أن الاتحاد الأوروبي أصبح هامشيا للعب دور وسيط السلام لجاره الأكثر تقلبا، وبدلا من ذلك، جاء النفوذ الأجنبي من تركيا وروسيا ومصر وغيرها ممن يبحثون عن سد الفراغ الليبي.
وأردف بويز بالقول، إن روسيا تلعب على كل الأطراف على أمل أن تتمكن بطريقة أو بأخرى من الفوز بدولة عميلة منتجة للنفط في ساحل مهم من الناحية الاستراتيجية. وربما يمكنها الحصول على مكافأة إضافية من خلال دفع كل من فرنسا (الداعمة لحفتر) وتركيا لمواجهة بعضهما البعض، وهما عضوان في الناتو.
وذكّر الكاتب بما كتبه الكاتب الروسي ألكسندر هيرزن في تحليله لفشل ثورة 1848 حيث قال إن موت النظام القديم لم ينتج عنه وريث بل "أرملة حامل".
وقال إنه "ما بين موت أحدهما وولادة الآخر، ستتدفق مياه كثيرة وليلة طويلة من الدمار والخراب، حيث إن ليبيا التي فقدت نظامها القديم منذ ما يقارب العقد من الزمان، ولا تزال في قبضة تلك الليلة المظلمة الطويلة للغاية".
وأكد بويز أنه يتعين على بريطانيا، في الوقت الذي تصوغ فيه سياسة خارجية جديدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، أن تتقبل أنه لا عمل لها هناك، وقال إن منظمات حقوق الإنسان تطالب حفتر بوقف زرع الألغام، كما أنها تطالب بالتحقيق في المقابر الجماعية، وألا يَحتجز المهاجرين المحتملين في السجون القذرة.
وطالب بريطانيا بأن تعارض علانية إراقة الدماء ضد المدنيين في كل مكان، وعليها أن تتقبل نتائج محدودية دورها في الملف الليبي.
لهذا باتت "سرت" تشكل خطا أحمرَ للفرقاء بليبيا
هل أجبرت تركيا دول أوروبا على إعادة حساباتها بليبيا؟
ميرور: بريطاني مات في مصر وأعيدت جثته بدون "قلب"