أفكَار

ضم الضفة والأغوار.. التداعيات على فلسطين والأردن (1 من 2)

سياسي فلسطيني: تهديدات الاحتلال بضم غزر الأردن وأجزاء من الضفة نكبة جديدة هذه تفاصيلها (الأناضول)

اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، نهاية نيسان (أبريل) الماضي، على أن تبدأ عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية أول تموز (يوليو) المقبل، وتشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية. وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30 % من مساحة الضفة المحتلة.

الدكتور أحمد امحيسن الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، خص عربي21، بورقة شاملة عن المسعى الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة وغور الأردن وتداعياته المحتملة على الفلسطينيين والأردنيين.. وهي في الأصل كانت أفكار شارك بها في ندوة نظمها حزب جبهة العمل الاسلامي الأردني الثلاثاء الماضي 19 أيار (مايو) الجاري ورشة سياسية ومن خلال التحاضر عن بعد يوم الثلاثاء الموافق 19/05/2020 بعنوان: "ضم الضفة والأغوار.. التداعيات والدور المطلوب"، لمواجهة مخططات الضم الصهيونية للضفة الغربية وغور الأردن.. 

 



حقيقة الصراع مع الاحتلال في فلسطين..

إن الصراع مع المحتل هو صراع وجود.. والحقيقة التي لا يستطيع أحد تجاوزها هي أن كل فلسطين أراض محتلة.. وشعبها يرزح تحت نير الاحتلال الإستعماري منذ أكثر من سبعين عاماً..  بضم أو بغير ضم كما تعلن دولة الاحتلال عن نيتها في ضم أراضي غور الأردن ومساحات من أراضي الضفة الغربية.. بحيث تتراوح مساحة الأراضي المزمع ضمها ما بين 30% إلى 40 % من مساحة الضفة الغربية.. 

وعند مضي شعبنا وأبناء أمتنا نحو الهدف المنشود في التحرير والعودة.. لن يأبه بتسمية الوضع الاستعماري الذي أطلقه الاحتلال على فلسطين.. ولن يكون لمثل هذه المصطلحات أي معنى في قاموس إصرار الشعب الفلسطيني على استعادة حقوقه.. ولن يستسلم شعبنا للشروط والمعطيات التي يفرضها الإحتلال علينا.. ولن يسلم شعبنا بنتائج أوسلو الكارثية وملحقاتها وتبعاتها التي شكلت على مدار أكثر من ربع قرن من الزمن غطاءً للاحتلال.. أولاً بالاعتراف بكيانه وفي مواصلة بناء المستوطنات والتوسع في القائم منها.. وفي الإمعان في مصادرة الأراضي وهدم البيوت والقتل والتدمير وبناء سور الفصل العنصري وأسر أبنائنا في معتقلاتهم وسجونهم .. وفي حصار قطاع غزة لمدة تزيد عن أربعة عشر عاماً.. وصناعة الفلسطيني الجديد الذي يحمي المستوطنين ويقمع المقاومة.. والقبول بكيان هزيل على مساحة لا تتجاوز الـ  7.5% من فلسطين التاريخية.. 

لقد أعلنت حكومة دولة الاحتلال التي لم تترك على يمينها سوى الحائط.. عن عزمها ضم أراضي غور الأردن وأراض من الضفة المحتلة.. مما يعني أن فلسطين والأردن يقفون اليوم أمام لحظة الحقيقة التاريخية.. ويعني التكييف في الإشتباك وخوض معركة صفقة وفاجعة القرن مع دولة الاحتلال وأعوانه.. ويعني أيضاً كيف يكون تصدي فلسطين والأردن لنكبة حقيقية منذ قيام وإنشاء دولة الاحتلال الاستعمارية، حيث ستكون تداعيات حقيقية على فلسطين والأردن جراء سياسة الضم إن تم وأنجز.. 
 
تداعيات سياسات الضم على القضية الفلسطينية..

إنها تطبيق بند من بنود صفقة القرن على طريق تصفية القضية الفلسطينية بقوة الاحتلال.. إن ما أعلن عنه ساسة وحكام دولة الاحتلال حول عزمهم  في بداية تموز (يوليو) المقبل ضم أراضي غور الأردن.. وهو الشريط الممتد بين بحيرة طبرية.. والبحر الميت والذي سيصبح بعد الضم الحدود الشرقية الجديدة للأراضي المحتلة مع الأردن.. وكذلك تريد دولة الاحتلال ضم أجزاء من مساحات الضفة الغربية المحتلة.. وكذلك ضم 130 مستوطنة.. إنما يعد هذا الضم للأراض الفلسطينية معركة فرض صفقة القرن بقوة الاحتلال.. وتطبيق بند من بنود صفقة تلك الفاجعة التصفوية المزعومة للقضية الفلسطينية.. ‏التي وعد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نتنياهو، حيث تم الإعلان عنها في 28 كانون الثاني (يناير) 2020 والتي تتضمن إقامة شبه دويلة أو مشيخة أو محمية فلسطينية.. لا ترتقي بفعلها إلى مستوى بلدية في الدول الحقيقية.. ودون أن تكون مدينة القدس عاصمة للدولة المزعومة.. وتكون أراضي غور الأردن تحت سيطرة دولة الاحتلال.. وأنه بموجب الصفقة الأمريكية فإن الاحتلال سيضم 30 ـ 40% من مساحة الضفة الغربية.. بما في ذلك كامل شرقي القدس.. تمهيداً لضم الضفة كاملة للسيادة الإسرائيلية مستقبلاً..

خطوة إضافية على طريق تكريس واقع الإحتلال الاستعماري الإحلالي..

إن سياسة الضم التي تتبعها دولة الإحتلال.. إنما هي خطوة إضافية على طريق تكريس واقع الاحتلال الإحلالي.. و‏‏تهدف إلى سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض.. وسيكون المطلوب من الفلسطينيين التسليم به.. بحكم أنه أصبح أمراً واقعاً على الأرض غير قابل للتغيير.. و‏يسارع الاحتلال بتطبيق سياسة ضم الأراضي الفلسطينية.. لاعتقاد ساسة الاحتلال بأن الظروف القائمة اليوم دولياً وعربياً وفلسطينياً أصبحت مواتية وفرصة سانحة.. إضافة لانشغال العالم في مواجهة نازلة الفيروس كورونا.. وهم في تسابق مع الزمن في استغلال وجود الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض.. قبل انتهاء مدة ولايته كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.. وتخوفاً من عدم فوزه بولاية ثانية.. وهو الرئيس الأمريكي الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق.. وبذلك يكون بلفور عصره الجديد..  

تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية في الضفة المحتلة واستهداف مواردها..

إن أراضي غور الأردن المزمع ضمها تمثل 30% من مساحة أراضي الضفة الغربية المحتلة.. إضافة لمساحات من أراضي الضفة الغربية المصنفة بمنطقة ج.. إضافة للمستوطنات في الضفة والتي تبلغ مساحتها ما يقارب 10%.. إذن نحن نتحدث عن 40% من مساحة الضفة الغربية التي يزمع الاحتلال ضمها.. وهذا يعني بأن هذه المساحة لم تعد متاحة للشعب الفلسطيني في استثمارها واستغلالها من كل النواحي.. بداية الزراعية والسكنية والسياحية والمعيشية وغير ذلك.. وما تبقى من مساحة في الضفة المحتلة.. لن تكون مؤهلة على أي حال من الأحوال بأن تكون حتى شبه دويلة.. فهي أقرب أن تكون إلى كنتونات وبؤر سكانية متناثرة هنا وهناك.. متقطعة الأوصال مخردقة مثل الجبنة السويسرية من ناحية الشكل..

قتل الحلم الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.. وقطع التواصل الحدودي مع الأردن..

إن ضم مساحات أراضي غور الأردن يعني إطباق الطوق على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة وعزلها عن التواصل الحدودي مع الأردن.. وهذا يعني استحالة قيام دولة فلسطينية حسب رؤية حل الدولتين.. مما يعني انتهاء رؤية حل الدولتين.. ويعني انهيار وحل السلطة الفلسطينية وانتهاء دورها الوظيفي.. والذهاب لخيار الدولة الواحدة والمقصود بها هي يهودية دولة الاحتلال أحادية القومية.. والانقلاب على كل ما تم توقيعه مؤخرا من اتفاقيات ومعاهدات بين دولة الاحتلال وقيادة السلطة الفلسطينية.. ويعني الضم أيضاً ممارسة الهمز واللمز بالتوطين وإحياء طرح ساسة دولة الاحتلال للوطن البديل.. وهو ما يعني بتشكيل خطر حقيقي على الهوية الأردنية.. وعلى أمنها الوطني ويستهدف مصلحة الأردن العليا، حيث من الممكن أن تقدم قوات الإحتلال على تهجير موجة جديدة من الفلسطينيين للأردن بقوة السلاح وبقوة المحاصرة والتضييق والتطفيش..

تقطيع أوصال البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية.. 

إن ضم مساحات من الضفة الغربية وأراضي غور الأردن وأراضي المستوطنات.. أي ما يساوي 40% من مساحة أراضي الضفة المحتلة.. سيساهم في تقطيع أوصال مكونات الضفة الغربية.. وسيزيد من خنق التواصل مع بقية البلدات الفلسطينية في الضفة وعزلها وتشديد الحصار عليها.. مما سيتسبب بصعوبات جمة على كافة الأصعدة المعيشية والحياتية للفلسطينيين.. وسيكون الكيان الفلسطيني الموعود.. أي ما سيتبقى من مساحات في الضفة الغربية.. عبارة عن بؤر مقطعة الأوصال.. ولن يكون هناك تواصل حدودي مع العالم بعد الضم.. إلا عن طريق دولة الإحتلال.. إضافة لمصادرة السيادة الفلسطينية على مياه البحر الميت.. والإستفادة من ثرواته الطبيعية.. 

بناء مزيد من المستوطنات الجديدة فيما سيتبقى من أراضي الضفة..

والضم يعني مزيداً من بناء المستوطنات الجديدة في فضاءات الضفة الغربية المحتلة.. ومحاصرة ما تبقى من أراضي الضفة.. وغياب التواصل الحدودي المشترك مع الأردن.. مما سيشكل تحديات جمة للشعبين على كثير من الصعد.. وبذلك يفرض الإحتلال مبدأ الإطباق على المساحات بفكي الكماشة.. لمحاصرة الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية..

خطوة على تحقيق مخططاتهم في بسط سيطرتهم على كافة فلسطين..

الضم يعني تكريس الاحتلال ومواصلة دولة الاحتلال تحقيق مخططاتها ومشروعها الاستعماري في بسط سيطرتها الكاملة على كامل التراب الفلسطيني.. وسعيها لشرعنته واعتراف المجتمع الدولي بذلك.. والقضاء على أي حلم فلسطيني بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة قابلة للحياة.. 

الضم يهدف لأن تكون القدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي..

الضم يعني قبر مشروع حل الدولتين.. أو أي حلول مستقبلية حسب قرارات الشرعية الدولية.. والإتفاقيات المبرمة حول الحل النهائي.. وعدم الإلتزام بتفكيك المستوطنات.. ورحيل المستوطنين الذي يبلغ تعدادهم ما يقارب المليون مستوطن في الضفة.. وهذا يعني استحالة قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس.. وعينهم بذلك على أن تكون القدس الموحدة عاصمة دولة الإحتلال الإسرائيلي..

إحكام السيادة التامة الفعلية على كامل فلسطين براً وبحراً وجواً..

يريد الاحتلال تكريس السيادة الكاملة على الحدود براً وبحراً وجواً..  وخطورة الضم تكمن بالإعتراف الدولي في عملية الضم.. وستعتبر الأراضي الفلسطينية بعد ذلك ليست بأراضي محتلة.. بل أراض تمت استعادتها.. مما يعني بأن لا عودة للاجئين الفلسطينيين.. ويعني توطين الفلسطينيين في دول المنافي التي يعيشون فيها في الشتات.. وبذلك يعني أن الاحتلال يريد حسم المعركة ديمغرافياً.. ليس فقط في القدس بل في معظم أراضي الضفة الغربية..

نزع صفة المواطنة عن الفلسطيني في الأراضي التي تضم..

لقد ضم جدار الفصل العنصري 50% من مجموع عدد المستوطنات في الضفة.. التي يستوطنيها 85% من عدد المستوطنين الذين تم ضمهم خلف الجدار.. 

وتحتوي الأغوار على 18% من مجموع عدد المستوطنات.. التي يستوطنيها 11% من عدد المستوطنين .. 

 

إن ضم مساحات من الضفة الغربية وأراضي غور الأردن وأراضي المستوطنات.. أي ما يساوي 40% من مساحة أراضي الضفة المحتلة.. سيساهم في تقطيع أوصال مكونات الضفة الغربية.. وسيزيد من خنق التواصل مع بقية البلدات الفلسطينية في الضفة وعزلها وتشديد الحصار عليها..

 


أما النسبة المتبقية من عدد المستوطنات التي تشكل ما يقارب 30% من مجموع عدد المستوطنات.. وتقع في وسط الضفة الغربية.. أي في الأراضي المحصورة ما بين شرقي الجدار وغربي الأغوار.. والتي يستوطنيها فقط 4% من عدد المستوطنين الذين يعيشون شرقي الجدار وغربي الأغوار.. فهذا يعني أن هناك حوالي 4% من المستوطنين يعيشون في 30% من مجموع المستوطنات الموجودة في وسط الضفة الغربية.. بمعنى أن هذه المستوطنات في حال تم ضم أراضي غور الأردن.. فإن عدد المستوطنات الباقية التي تمثل 30% من المجموع الكلي للمستوطنات.. الموجودة في وسط الضفة الغربية.. فيعيش فيها فقط 4% من عدد المستوطنين الكلي.. هذا يعني أن الاحتلال قد حسم المعركة  ديمغرافيا.. ليس فقط في القدس.. بل في معظم أراضي الضفة الغربية.. وسيكون ما مجموعه 96% من المستوطنين يعيشون في مناطق الضم.. وستعتبر دولة الاحتلال السكان الفلسطينيين في أراضي الأغوار وأراض خلف الجدار بعد الضم.. بأنهم كمقيمين في مناطق إسرائيلية.. ويمكن منحهم إقامة بدون حق المواطنة.. وسيكون 30% من مجموع المستوطنات الموجودة في وسط الضفة الغربية.. التي يعيش فيها فقط 4% من المستوطنيين.. الهدف المستقبلي لاستيعاب المزيد من قطعان المستوطنين.. على طريق الضم الكلي للضفة الغربية.. 

استهداف الخليل ونابلس بالاعتداء الإستيطاني..
  
في حال تم ضم أراضي الأغوار.. فإن معالم المرحلة الاستيطانية المقبل قد تتمثل في وسط قلب الضفة الغربية.. وهي المرحلة الأخطر التي تهدد الوجود الفلسطيني في الضفة.. ومن المرشح جدا أن تكون محافظة الخليل هي عنوان المشروع الإستيطاني في المرحلة القادمة.. وذلك لأن الجدار فيها لم يستطع ضم معظم المستوطنات لبعدها عن الخط الاخضر.. فإن منطقة الخليل ونابلس سيتم التركيز الإستيطاني عليها.. وما قد يعزز هذا الإفتراض هو كون نابلس والخليل لهما أهمية دينية في الموروث اليهودي المسمى بيهودا وبالسامرة..

إن سياسة الضم هذه هي استراتيجية الاحتلال الاستيطانية الإحلالية.. سواء في الضفة أو القدس..  وتظهر اتباع فعل المحاصرة ومن ثم السيطرة الداخلية.. تماماً كما في مدينة القدس، حيث تم محاصرة المدينة بالكتل الإستيطانية الثلاث.. ومن ثم بطوق أضيق حول البلدة القديمة.. بحزام مستوطنات داخل القدس الشرقية..

وأما في الضفة.. فقد تمت المحاصرة من الجهة الغربية من خلال بناء جدار الفصل العنصري.. ومن الجهة الشرقية من خلال السيطرة العملية على أراضي غور الأردن.. وبالتالي ما تبقى هو إحكام السيطرة الشاملة على أراضي الضفة التي ستقع بين فكي الكماشة.. وهي بشكل خاص أراضي الخليل ونابلس.. وقد تعبر استراتيجية الاستيطان هذه.. عن المرحلة الأخيرة التي يسعى الإحتلال لتحقيقها.. وهي السيطرة على قلب يهودا الخليل والسامرة نابلس.. وإن تمت عملية الضم المعلن عنها.. فستكون دولة الاحتلال قد ضمت ما يقارب 40% من مساحة الضفة الغربية..