كعادتي في العشر الأواخر من رمضان كل عام أخلد إلى نفسي مع القرآن الكريم والتأمل في مخلوقات الله - عز وجل - وشأن الأمتين العربية والإسلامية، مستمدا ذلك من الحديث الذي يقول "شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله"، وفي الحياة العملية فإني لا أحتاج أن أوقظ الأهل لأنهم كلهم أيقاظ يتابعون أحيانا مسلسلات أجنبية وأحيانا أخبار كورونا ومصائبها، قلت لهم لماذا لا تتابعون مسلسلات عربية رمضانية؟، قالوا: لا نريد مشاهدة مسلسلات التطبيع مع إسرائيل، ولا نريد متابعة مسلسلات تلميع وجه بعض الحكام، ولا نريد متابعة مسلسلات مدبلجة، نحن نتابع المسلسلات من مصادرها، بلعت تبريراتهم وسكت.
(2)
بعد صلاة الثلث الأخير من الليل والدعاء إلى الله بأن يزيل عنا غمة وباء كورونا، وأن يرأف بنا إلى جانب أدعية خاصة بالأهل وذوي القربى والوالدين، وأن ينصر حكامنا المخلصين على من عاداهم وعادى أمتنا، وبعد أداء صلاة الفجر مرددا قول الحق "وبالأسحار هم يستغفرون"، أويت إلى فراشي وأنا أردد الشهادتين، كما هي عادتي وأتلو المعوذتين، وغططت في سبات عميق.
جاءني طيف عرفني باسمه "حجر بن صخر بن جبل" يخبرني بأن الحرب في اليمن مشتدة بين السعودية والإمارات، وأن الغلبة فيها للمرتزقة والانفصاليين الذين جندتهم الإمارات لفصل جنوب اليمن عن شماله وأن هدفهم (الإمارات) الأكبر إضعاف الدولة السعودية واستنزافها ماليا وإظهارها بالرجل المريض في الشرق الأوسط وأن مراهنة أمريكا عليها خاسرة، وأن الإمارات هي البديل والأقوى لحماية مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
(3)
تعوذت من الشيطان وانقلبت على الجنب الآخر، لاحقني حجر بن صخر يقول: أعرف أنك لم تصدقني، ولكن هل تابعت قرارات وزير المالية السعودي عن الحالة المزرية التي وصلت إليها البلاد اقتصاديا؟ هل تابعت فرار الكثير من أمراء الأسرة الحاكمة إلى دول غير عربية بأموالهم وأسرهم وراحوا ينشدون الإقامة الذهبية في تلك البلدان لأنهم لم يعودوا يأمنون على حياتهم ومستقبل أولادهم وأحفادهم في البلاد؟، وهل تعلم أن أقوى رجلين في حقبة ما قبل الملك سلمان أحدهما سجين، الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق، والثاني الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك سلمان وأصغر إخوانه وزير الداخلية الأسبق والذي كان من المفروض أن يكون ولي عهد الملك سلمان "حسب وصية الأب المؤسس" مجهول الإقامة سجينا أو محددة إقامته في مكان ما؟، وهل تعلم أن عددا آخر من الأمراء ورجال الأعمال والوجهاء حياتهم صعبة ومتربص بهم؟، ناهيك عن العلماء ورجال القلم والفكر الصادقين المودعين في السجون والمعتقلات وبما في ذلك النساء الطاهرات.
(4)
استعذت بالله من الشيطان وانقلبت على ظهري، زارني طيف صخر بن جبل والد حجر، وقال هل تعلم ما يحل بالعرب والمسلمين من ضعف وتفكك وحروب وفتن وأمراض وفرقة ومعاداة أنظمة واستعداء الشعوب وما يحاك ضد الإسلام والمسلمين؟. يقول صخر بن جبل حدثه نعمة بن فقر الأزدي أنه استمع إلى يزن بن ماء السماء، وهو يتحدث إلى رهط من بني سُليم عن خطة رأس أبوظبي لجزيرة العرب والمسلمين المستقبلية يقول في حديثه: النظام السعودي يسير بخطوات سريعة نحو الأفول، ونحن نزيد الجهد لإضعافه وتفكيك وحدته، لقد تمكنا من إضعافه ماليا وعسكريا في اليمن وأسقطنا هيبته داخليا وخارجيا وأجهضنا خططه التنموية، لقد سيطرنا على المنافذ البحرية القريبة منه (عدن، وميون، المخا، وذوبان وسقطرى وباب المندب، ومضيق هرمز في يدنا)، أما البعيدة فقد أحكمنا السيطرة على موانئ وممرات التجارة في القرن الأفريقي وسيطرنا على الجزر الواقعة في بحر عمان والبحر العربي والسواحل اليمنية ونحن نهدف إلى فرض الحصار في قادم الأيام على الدولة السعودية استعدادا للضربة القاضية بعد رحيل الملك سلمان.
(5)
قال نفر من رهط بني سُليم لمحدثهم، ما تقوله أضغاث أحلام الضحى، قال لهم: ويحكم إن رأس أبوظبي يقول: لقد بدأنا بإضعاف المؤسسة الدينية التي يعتمد عليها النظام السعودي وقضينا عليها داخليا بمساعدة النظام الحاكم نفسه، فهؤلاء علماء الإسلام المعتدل كلهم في المعتقلات، وكسرنا شوكة الإسلاميين في مصر بمساعدة السعوديين، وكذلك السودان، وأيضا الإسلاميون في غزة نحاصرهم ونجوعهم بالتعاون مع مصر والسعودية وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، ونحن معهم ندمر حزب الإصلاح الإسلامي في اليمن، وكذلك نفعل في ليبيا، والدور القادم على تونس نخرج الإسلاميين من قصر قرطاج والبرلمان، وحجمنا دورهم في الجزائر وموريتانيا، ونعمل مع السعوديين لإجهاض تجربتهم في تركيا ونعمل على إخراجهم من السلطة.
ويؤكد رأس الإمارات أن أمريكا دونالد ترامب وجهازه معنا في مشروعنا آنف الذكر، ونعمل على تمكين إسرائيل في الضفة الغربية والأغوار، وهي معنا في مشروعنا ضد الحركات الإسلامية، ويؤكد أيضا أنه يعمل مع مؤسسات البحث العلمي في الغرب وأمريكا وبعض الإسلاميين في تأسيس فكر إسلامي جديد يتماشى مع العصر الراهن.
آخر القول: انتبهت من نومي مفجوعا واستعذت بالله من الشيطان، وقلت إنها أضغاث أحلام، ولو أنها أقرب إلى الواقع المؤلم، فهل يدرك الأهل في الرياض ما يحاك ضدهم، الحل في العودة إلى إعادة النظر في العلاقات مع دول الإقليم وخاصة تركيا والباكستان، وكذلك غزة والإصلاح في اليمن ورفع الحصار عن قطر ولو من جانب واحد، وتطبيع العلاقات الحسنة مع كل الشعب العربي، ونصرته على كل طاغية وإطلاق سراح معتقلي الرأي في الداخل، وإلغاء جميع الضرائب التي فرضت مؤخرا، وبذلك يستعيد النظام أنفاسه قبل أن تفتك به كورونا السياسة ووباء كورونا الراكض في كل أصقاع الأرض، والأمر يومئذ لله.
(الشرق القطرية)