حصلت "عربي21" على وثيقة تناقشها أحزاب سياسية في تونس لرأب الصدع بين مكونات الائتلاف الحاكم، تحت مسمى "عهد التضامن والاستقرار".
وتتضمن الوثيقة، التي تناقشها أحزاب الائتلاف الحاكم الليلة، جملة من البنود للحفاظ على وحدة التضامن الحكومي والابتعاد عن كل تصريحات التفرقة، بعد بروز تصريحات معادية خاصة بين حركة "النهضة" وحركة "الشعب".
ووفق مصدر موثوق من الائتلاف الحاكم لـ"عربي21" فإنه وفي إطار معالجة التوتر الذي ظهر في البرلمان وفي بعض التصريحات الإعلامية بين أطراف الائتلاف الحاكم ولضمان حظوظ أكبر لتأمين مرور مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة في البرلمان وباقتراح من حركة النهضة لإيجاد ميثاق تضامن بين الائتلاف والحكومة وجدت الفكرة تجاوبا من رئيس الحكومة فتم اقتراح وثيقة أولية من ديوان رئيس الحكومة عرضت على الأحزاب تحت تسمية "عهد التضامن والاستقرار".
وقال المصدر، إن الغاية الأساسية من الوثيقة بناء ثقة أكبر بين أحزاب الائتلاف الحاكم خاصة الحديثة في الحكم، وأيضا إعطاء أكثر للطابع القيمي والأخلاقي للحياة السياسية، وجعل الحكومة أكثر تضامنا خاصة ما بعد "كورونا".
وعن تاريخ طرح الفكرة لوثيقة التضامن والاستقرار أوضح المصدر أنها طرحت منذ بدأت التصريحات المتشنجة والمصاعب التي لاقتها مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة وخاصة مشاريع القوانين التركية القطرية ولم تجد دعما.
وينتظر أن تكون الوثيقة الأولية محل نقاش الليلة ضمن مأدبة إفطار دعا إليها الفخفاخ على شرف الأحزاب الحاكمة وتوقع غدا.
وأفاد مصدرنا أيضا بخصوص اللقاء الذي جمع الرؤساء، قيس سعيد، إلياس الفخفاخ، راشد الغنوشي ، البارحة أنه كان إيجابيا خاصة بعد الحديث عن علاقة غير ودية بين أطراف الحكم.
اقرأ أيضا: تنافر في المشهد السياسي التونسي.. هل يؤثر على الحكومة؟
وفي ما يلي نص الوثيقة:
عهد التضامن والاستقرار
توشك بلادنا أن تطوي عقدا على ثورتها المجيدة التي فتحت أفقا سياسيا رحبا رغم بعض الارتباك والتعثر الناجمين عن صعوبات سياسيّة في إدارة المرحلة الانتقاليّة علاوة على معضلات هيكليّة اقتصاديّة واجتماعيّة لم تفلح البلاد في تخطيها رغم جنود النخب الحاكمة المتعاقبة لتذليلها بشكل جذري بسبب مناخ كانت إحدى سماته البارزة ضعف الثقة بين الشركاء من جهة وبين الدول والمواطنين من جهة ثانية.
منحت الانتخابات الأخيرة للتونسيين فرصة ثمينة لترسيخ تحول ديمقراطي حقيقي يلبي تطلعات المواطنين للكرامة والحريّة والعدالة وكل المبادئ السامية التي كرسها دستور البلاد.
ووعيا بأهميّة اللحظة التاريخيّة التي تمر بها البلاد وانطلاقا من رغبة صادقة في إرساء دعائم حياة سياسيّة مستقرة ونزيهة توطد دعائم الثقة وتتعالى عن الصراعات المضنية والارتقاء بالسياسة حتى تستعيد معناها الفاضل باعتبارها خدمة للمصلحة العامة واستنادا إلى دستور البلاد وبعد التشاور والحوار فإنّ الأطراف الممضية تؤكد:
- إدراكها بأن بلادنا أهل لحياة سياسية أرقى توسع المشاركة السياسيّة وتدمج المواطنين من أجل تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم المشروعة في كنف الحريّة والتعدد والاحترام المتبادل بين جميع مكونات الحقل السياسي والمدني أحزابا كانت ومنظمات وطنيّة واجتماعية.
- تقديرها أن أرقى القوانين مهما كانت عادلة ومتقنة، وعلى ضرورتها، لا تصوغ وحدها حياة سياسيّة خصبة ومنتجة وذات أثر على حياة الناس ومعاشهم ما لم تستند إلى قيم ومعايير أخلاقيّة حتى تصبح السياسة وعدا صادقا لخدمة الصالح العام.
- وعيها العميق أن الصراعات السياسيّة الحادة بين مختلف الفرقاء، مع محدوديّة المنجز الذي يخفف من معاناة المواطنين اليوميّة في تدبر عيشهم اليومي، قد عمق الانطباع المتزايد لدى شعبنا أن الطبقة السياسيّة ألهتها صراعاتها عن الانتباه والتركيز على الانتقال الاقتصادي والاجتماعي في ظل جملة من المؤشرات توشي بتفاقم الفساد وتعطّل المصعد الاجتماعي وتنامي نزاعات الفردانيّة على حساب المصلحة الوطنيّة العليا.
- قناعتها بأن عزوف الناس عن الشأن العام عمّقه انخراط الطبقة السياسيّة في صراعات جانبيّة نفّرت الناس من السياسة ورذلت السياسيين وهو ما يحتّم على الجميع أحزابا ومنظمات وقيادات الرأي العام والإعلام الارتقاء بالخطاب السياسي وعقلنة الممارسة السياسيّة وشدها إلى حلفي قيمية أخلاقيّة تعلي قيم التفاني وخدمة الناس والتضحية من أجل البلاد.
- حرصهم على أن تكون الثقة في الحياة السياسيّة رصيدهم الأنبل والأثرى باعتبار أن الثقة المتبادل هي التي تمنح الفاعليين السياسيين القدرة على عقلنة سلوكياتهم مما يعزز تكثيف التعامل والتعاون والتشاور من أجل مراكمة النتائج المتوقعة لفائدة المصلحة العامة.
واستنادا على ما سبق فإنّ الموقعين أدناه يتعهدون بـ:
1- نبذ مطلق لكافة أشكال الخطاب السياسي الهادر لكرامة الناس وحرماتهم وابتعادهم عن معجم التخوين والإقصاء والاستئصال تجنّبا لترذيل السياسة وشيطنة المشتغلين بها باعتبارها خدمة للمصلحة الوطنية العليا.
2- الالتزام بمبادئ الشفافيّة والنزاهة في تسيير المرفق العام ومحاربة كافة أشكال الفساد ورفضهم الاستثمار في اَلام التونسيين وتوظيف هذه المسائل لغايات سياسية انتخابيّة وايديولوجيّة.
3- الانخراط الكامل في مقاومة كل ما يعيق تقدم البلاد من مظاهر الإرهاب والجريمة والفساد، وكافة أشكال هدر ثروات البلاد ومقدراتها وعملهم على إعلاء قيم العمل والجدارة والاستحقاق.
4- الالتزام بالتضامن الصادق في ما بينهم من أجل ضمان الاستقرار السياسي الضروري للإنجاز واعتمادهم الحوار والتشاركيّة أسلوبا حضاريا في إدارة الحياة السياسيّة وكقاعدة أساسيّة لمعالجة القضايا الكبرى للمجتمع والدولة.
5- الالتزام بدعم استقرار مؤسسات الدولة السياديّة وتضامنها وتشاركها في إدارة المرحلة المقبلة في نطاق صلاحياتها الدستوريّة ووفق متطلبات النظام الديمقراطي وتجنب كافة أشكال النزاعات والخلافات التي تشل أجهزة الدولة وعطل مصالح الوطن والمواطنين.
6- التسليم بعلويّة القانون وأحكام القضاء وتحييد المرفق العام الذي يظل ثروة مشتركة لجميع المواطنين ولا يجوز مطلقا الاستئثار به او توظيفه لفائدة أي طرف خارج ما يسمح به القانون وأخلاقيات العمل السياسي والمصلحة الوطنيّة العليا.
7- النأي بالإدارة عن الولاءات والمحسوبيّة (التسميات).
عاشت تونس والمجد للشهداء
إمضاء الجهات المتعاهدة.
"النهضة" تحذر من حملات مشبوهة تدعو للفوضى بتونس
القبض على صهر ابن علي في تونس بتهمة التحرش