نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا خاصا يلقي الضوء على نتائج مراجعة رسمية للجهود الدعائية البريطانية في سوريا لدعم "المعارضة المعتدلة".
وتوصلت تلك المراجعة، بحسب التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "البرامج الدعائية" لم تكن متماسكة، ونفذت بطريقة سيئة، و"أدت لخسارة أرواح"، بل إنها قد تكون مخالفة للقانون البريطاني.
ويوضح تقرير الموقع البريطاني، الذي أعده كل من "إيان كوبين" و"أليس روس"، أن لندن تعاقدت مع شركات اتصال للقيام بمهمة إضعاف حضور كل من نظام الأسد وتنظيم الدولة، وتعزيز موقع المعارضة شعبيا، باستخدام منصات مثل وكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي وشركات صناعة الملصقات وكتب الأطفال المصورة.
وبدأت الحملة الدعائية البريطانية عام 2012 وعززتها في العام التالي بعد محاولة الحكومة الحفاظ على موقف استراتيجي في سوريا، بعدما صوت البرلمان ضد أي عمل عسكري في النزاع.
وأطلق على سلسلة الأنشطة تلك اسم "العملية الحلزونية"، فيما اعتبر المشاركون فيها بأنهم كانوا يعملون على "تواصل استراتيجي"، لا مجرد دعاية، إلا أن المراجعة التي جرت في صيف 2016 توصلت إلى أن "مظاهر القصور الأساسية" للمبادرة بدت من خلال "غياب تحليل الصراع، وتحليل الجمهور المستهدف".
وكشفت المراجعة عن مظاهر القلق داخل الحكومة حول الحاجة لبرامج كهذه، والتي دفعت بها وزارة الدفاع وسط القيود التي وضعها تصويت البرلمان ضد أية عملية عسكرية في سوريا.
ولكن مشاركة بريطانيا الدعائية كانت محاولة من الحكومة للظهور بمظهر من يعمل شيئا للقضية السورية أو لإثارة إعجاب الولايات المتحدة. وجاء في المراجعة أن "المشاريع كانت تدفعها محاولات تحقيق إنجازات سريعة مع نتائج ضحلة".
وعبرت الدراسة عن قلق من وجود "مخاطر كبيرة" بشأن نشاطات المتعهدين البريطانيين والتي ربما "خالفت القانون"، مع أن الذين أشرفوا على المراجعة لم يكشفوا عن الكيفية التي خرقت من خلالها تلك الأنشطة القانون.
وأشارت المراجعة إلى المواد الكبيرة التي أنتجها مسؤولو الدعاية، بحيث خلقت باقة من الوسائل الإعلامية التي أربكت الجمهور السوري والناشطين، الذين لم يفرقوا بين الدعاية الواجب عليهم تصديقها من تلك التي يجب تكذيبها.
وقامت المراجعة بدراسة أربعة برامج، اثنين منها أدارتهما وحدة الآثار الاستراتيجية العسكرية في وزارة الدفاع والآخرين أدارتها مجموعة داخل وزارة الخارجية اسمها مواجهة خلية الاتصال في داعش.
وهناك برنامج خامس أدارته مجموعة حكومية اسمها صندوق الاستقرار، وهو النزاع والأمن بهدف مواجهة التهديدات على المصالح البريطانية.
وفي أربعة برامج تم التعاقد مع شركات اتصال بريطانية يديرها مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون. وقامت هذه الشركات بفتح مكاتب لها في إسطنبول وعمان، حيث وظّفت سوريين للقيام بالأعمال اليومية.
اقرأ أيضا: مقال مثير لصحفي بريطاني عن تطبيقات التجسس الإسرائيلية
أما البرنامج الخامس فتم التعاقد لتنفيذه مع شركة استطلاعات مقرها في الولايات المتحدة. وكانت البرامج الخمسة تهدف لتعزيز دور "المواطن الصحفي" في سوريا وتقوية الجماعات التي اعتبرتها المراجعة الداخلية جزءا من المعارضة المعتدلة، ومواجهة الأفكار المتطرفة وتشجيع المعارضة داخل الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد.
ووظف الطاقم السوري سوريين آخرين تم التعاقد معهم كـ "مراسلين محليين" في داخل البلاد. ولم يكن الكثير يعرفون عن طبيعة المشاريع التي يعملون فيها ولا كونها مدارة ومدعومة من الحكومة البريطانية.
وقام باحث أنثروبولوجي يعمل في مجال مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية في لندن بتحديد المعالم الرئيسية لثلاثة برامج. وبلغت ميزانيتها الإجمالية 11.9 مليون دولار بين عامي 2015 و2016 وكلها جاءت من الحكومة البريطانية، مع زيادة في السنوات اللاحقة.
ولاحظت المراجعة أن البرامج قصد منها إرشاد الاستراتيجية التي حددها مجلس الأمن القومي التابع للحكومة، إلا أنها استنتجت أن الإستراتيجية إما "ضعيفة" أو "غامضة".
ولم يكن الكثيرون داخل الحكومة البريطانية يعرفون ما يمكن لـ"الاتصال الإستراتيجي" تحقيقه أو ما لا يمكن تحقيقه. وأشارت المراجعة إلى "غياب في الفهم لما يريده الجمهور السوري وما يفكر به".
وانتقدت المراجعة غياب الانسجام في البرامج وتكرار الجهود، وتحدثت عن تعقيد العمل مع جماعات المعارضة السورية المتغيرة، محذرة من إمكانية الإضرار بمصداقية وسمعة "حكومة صاحبة الجلالة" حال تم تسريب معلومات عن علاقتها مع الجماعات المسلحة المعتدلة.
وأضافت أن عددا من الذين أوكلت لهم مهمة التنفيذ خسروا أعدادا من موظفيهم وأن الخسائر أضرت كثيرا بالبرنامج. وسلكت إحدى "الشركات التجارية" التابعة للبرنامج مخاطرات سياسية وشخصية، وعلّقت المراجعة بالقول: "هناك مخاطر من إفراطها في المخاطر بحيث يترك أثره على من تعمل لصالحهم".
وتسبب المراسلون والجماعات المعارضة في ضرر لم تحدده المراجعة، حيث قالت: "كان المراسلون وجماعة المعارضة المسلحة المعتدلة يعملون في مناخ قد يتسبب بضرر في حال متابعة نشاطاتهم".
وكشفت المراجعة أن مظاهر القلق كانت واضحة داخل وخارج العاملين في البرامج. وتساءل بعض المسؤولين عن استخدام "أموال دافع الضرائب" في نشاطات وبرامج كهذه، فيما شكك آخرون داخل الحكومة في نجاعة بعض شركاء الحكومة.
في المقابل، فإن بعض البرامج لم يكن الهدف منها تغيير سلوك المشاهد السوري بل جمع "المعلومات المفيدة" والأمنية عن التحالفات داخل المعارضة ونشاطاتها العسكرية. وكانت واحدة من شركات الاتصال توفر معلومات أمنية إلى القوات العسكرية الدولية بناء على المعلومات التي يوفرها 240 مراسلا يديرون منبر حوار على الإنترنت.
ومن منافع البرامج الدعائية، بحسب التقرير، "تواصل الحكومة مع شبكات مختلفة (مسلحة وغير مسلحة)"، إلا أن المراجعة استنتجت ضرورة التفكير مليا باحتياجات الحكومة البريطانية والمشاهد السوري وبناء توازن بينهما، والطريقة الوحيدة هي الفصل بين البنى التي تركز على جمع المعلومات الأمنية وتلك التي تستهدف المواطن العادي.
NYT: إسرائيل تجنبت قتل عناصر حزب الله تفاديا للحرب
صحيفة بريطانية: فيروس كورونا كشف التمييز بين الناس
الغارديان: جونسون غير مناسب لساعة كورونا المظلمة