ملفات وتقارير

لماذا تصمت البعثة الأممية في ليبيا على ممارسات حفتر؟

منذ بدء رمضان قتل 34 مدنيا وأصيب أكثر من 80 في قصف لمليشيات حفتر على طرابلس- جيتي

تكتفي الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا بالإدانة والشجب، إزاء مواصلة مليشيات حفتر عمليات قصف الأحياء السكنية والمنشآت المدنية في العاصمة طرابلس، بل وترفض تحميل الأخير المسؤولية صراحة، ولا تأتي على ذكره في أي من بياناتها، الأمر الذي اعتبره مسؤولون ومحللون ليبيون، موقفا "سلبيا وغير منصف"، إذ أن مرتكبي "الجرائم" أضحوا معروفين للعالم.

 

ومنذ بدء شهر رمضان، وثقت قوات بركان الغضب التابعة للحكومة الليبية مقتل 34 مدنيا، وأكثر من 80 جريحا بينهم نساء وأطفال، فضلا عن دمار واسع في البنى التحتية ومنازل المواطنين".


ويطرح هذا الصمت سؤالا حول أسبابه، وعلاقته بانقسام المجتمع الدولي حول ما يجري في ليبيا، فضلا تضارب المصالح فيها.


بدوره، قال مجلس النواب الليبي في طرابلس، إن جهود الأمم المتحدة كتب لها في الفشل في ليبيا، بسبب تعنت حفتر، وعدم معاقبته على ما يرتكبه من جرائم.


وأضافوا في بيان لهم وصل "عربي21" نسخة منه، : "لم نر من الأمم المتحدة سوى إدانات واهية مبنية للمجهول وقد انتابنا اليأس من صدور قرار أممي يدين حفتر".

 

اقرأ أيضا: الجيش الليبي يكشف حصيلة "جرائم" حفتر خلال شهر رمضان

وطالب المجلس، الأمم المتحدة بتنفيذ التزاماتها وما يمليه عليها القانون الإنساني، وإصدار قرارات ضد مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم واستبعادهم، مؤكدا "عدم قبوله  بأي حوار قد يكون فيه حفتر شريكا أساسيا في المرحلة المقبلة والمستقبل السياسي عموما"، مضيفا: "من تلطخت يده بدماء الليبيين لا يمكن توقيع وثائق السلام".

 

 

 

"مألوف ومروع لا تكفي"

 
المبعوث الأممي السابق لليبيا، طارق متري، انتقد بدوره طريقة تعاطي الأمم المتحدة لجرائم حفتر، وأكد أنه يجب وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بارتكاب جرائم القصف.


وقال في تغريدة على حسابه بتويتر: "عبارات مألوف ومروع لا تكفي.، إنه التمادي في الحرب على المدنيين، أي بمثابة جريمة حرب".

 

عبارات "مألوف و "ومروع" لا تكفي. انه التمادي في الحرب على المدنيين، اي بمثابة جريمة حرب.

وكان بيان للبعثة الأممية أدان الهجمات على طرابلس، ودعا إلى تقديم مرتكبيها إلى العدالة، لكن لن يشر صراحة إلى مسؤولية حفتر وقواته، بل لفت إلى أنها هجمات منسوبة له.

 

من جهته، قدم عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس تفسيره بخصوص حالة الصمت الأممي على جرائم حفتر، عازيا ذلك إلى حالة الانقسام الدولي، وصراع المصالح الدولية في ليبيا. ما نتج عنه من تجاذب للموقف الأممي تجاه ليبيا.


وأضاف كرموس في حديث لـ"عربي21" أنه "مما لا شك فيه أن الدول العظمى، خاصة دول الفيتو ليست متفقة بشأن الصراع الدائر في ليبيا، وسبب ذلك عدم التدخل الأمريكي المباشر، بل إن دول أوروبا منقسمة حيال الأزمة الليبية، وذلك لتعارض مصالحها، ونتيجة ذلك وحتى لا تدخل هذه الدول في صراع مع بعضها، أخذ معظمهم دور المتفرج والبعض الآخر دور الداعم لطرف عن طريق دول إقليمية أو دول جوار إلى أن يحقق أحد طرفي الصراع انتصارا".


قرارات مرتهنة

 
وشدد على أن هذا الانقسام الدولي يفسر "سلبية" بعثة الأمم المتحدة حيال الجرائم التي ترتكب في ليبيا، فهي تقف صامتة، في حين يجب أن تكون شاهدة محايدة على ما يجري.


وأضاف كرموس" :أنا لا أستغرب الصمت، لأن البعثة وفي عديد الأحداث التي تتطلب منها تصريح إدانة أو شجب أو استنكار لم نجد لها صوت، وإن اضطرت للتعبير عن رأيها نجدها تنسب تلك الجرائم للمجهول رغم أنها تعلم المجرم الحقيقي، وبالتالي هي مرتهنة في قراراتها وتصريحاتها لإرادة تلك الدول التي تملي عليها ما تفعله وما تقوله في الشأن الليبي".

 

اقرأ أيضا: الوفاق لـ"عربي21": محاكمة حفتر على "جرائمه" باتت قريبة

وتابع: "من غير المستغرب أن تردد البعثة ما تقوله أبواق حفتر الإعلامية، وربما تنساق لتحميل الوفاق مسؤولية تلك الجرائم، والدليل على ذلك ما ردد غسان سلامة(المبعوث الأممي السابق) من أكاذيب المسماري (ناطق باسم حفتر) في قصف مركز الهجرة بتاجوراء، لتثبت التقارير الدولية وتقارير الخبراء فيما بعد أن مليشيات مجرم الحرب حفتر هي المسؤولة عن ذلك".


ولم يستبعد كرموس أن تخرج البعثة الأممية في تصريح لتقول "أن ما يجري في طرابلس هو نتيجة قصف متبادل بين الطرفين، وأن المدنيين هم ضحايا طرفي الصراع، وتطلب تدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين، إذا ما لاح في الأفق خسارة المعتدي على العاصمة لأجل إنقاذه بضغط من دول أوروبية معينة" حسب قوله.


في السياق ذاته، قال الباحث والمحلل السياسي، عبد الله حديد، إن غياب الرؤية السياسية، يسيطر على البعثة الأممية في ليبيا ما جعلها موقفها ضبابيا إزاء ما يجري من أحداث.


وقال في حديث لـ"عربي21"،  "أظن أن البعثة في هذا الوقت ليس لديها سياسات، فغالب ما تقوم به لا يعدو كونه اجتهادات شخصية ربما، ومنذ بدء العدوان كان موقفها ضبابي".