شهدت محافظة عدن، العاصمة اليمنية المؤقتة، احتجاجات وانتشارا كثيفا لقوات
ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا.
ونظم العشرات من أبناء عدن، مساء السبت، وقفات احتجاجية في عدد من الأحياء،
عقب منعهم من قبل قوات تابعة للمجلس الانتقالي من التجمع في ساحة كريتر، بقلب مدينة
عدن.
وقال بيان صادر عن اللجنة التحضيرية لتظاهرة عدن إن "قوات الأمن
ووحدات عسكرية طوقت بصورة عنيفة، مدينة كريتر، عصر السبت، منعا لإقامة المظاهرة السلمية
التي تم الدعوة لها من قبل المكونات والكيانات العدنية والوطنية".
وأضاف البيان: "إزاء الانتشار العسكري تدارست اللجنة التحضيرية عددا
من البدائل منعا للاصطدام وإقامة التظاهرة ورفع مطالبها المدنية في أحياء المدينة بعيدا
عن التجمهر العسكري".
وتابع: "قوات المجلس الانتقالي نفذت حملة اعتقالات لعدد من الشباب
الذين تجمعوا داخل الأحياء بطريقة عشوائية، إلا أنه تم الإفراج عنهم، غير أن آخرين
تعرضوا ومنهم سيدات للشتم والسب والقذف".
وأشارت اللجنة: "إذ تحيي اللجنة الشباب الذين عبروا عن رفضهم لعسكرة
المدينة، فإنها تدين هذه التصرفات واستقدام الجيش من أبناء الجنوب لضرب أبناء عدن المسالمين
والمنددين بتردي الخدمات فيها".
وتداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة، لتظاهرة
ليلية قالوا إنها في حارات عدن.
وهتف المتظاهرون ضد المجلس الانتقالي وقالوا: "برع برع يا انتقالي".
كما قام متظاهرون في مدينة الشيخ عثمان بالعاصمة المؤقتة عدن، بإحراق
صورة زعيم المجلس الانتقالي المقيم في أبوظبي، عيدروس الزبيدي، وفقا لتسجيل متداول
في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأفاد مصدر محلي بأن الحشد العسكرية التي دفع بها المجلس الانتقالي إلى
الشوارع كان كثيفا، وذلك منعا لتجمع المتظاهرين.
وقالت في تصريح خاص لـ"عربي21": "رغم الانتشار الكثيف،
إلا أن أبناء عدن كسروا حاجز الخوف، وهذه أهم خطوة"، مضيفا أنه "تم إغلاق
ساحة كريتر الواقعة مقابل مقر البنك المركزي، الذي كان مقررا لانطلاق المسيرة منها".
وحسب المصدر فإن ذلك الانتشار شتت المتظاهرين، مما أضطرهم لتنظيم وقفات
في شوارع جانبية بعيدا عن ساحة البنك.
وقوبل القمع والاعتقالات الذي تعرض له المحتجون في مدينة عدن من قبل قوات
المجلس الانتقالي المدعوم أبوظبي، بإدانات من قوى وشخصيات سياسية واجتماعية.
رئيس اللقاء التشاوري لقبائل أبين، شرق عدن، الشيخ وليد بن ناصر الفضلي دان ما أقدمت عليه ما وصفها "مليشيا المجلس
الانتقالي" المدعومة إماراتيا من اعتداء همجي على أبناء عدن الذين خرجوا للتظاهر
سلمياً كريتر للتنديد بوضع مدينتهم والمطالبة بتحسين الخدمات.
وقال الشيخ وليد الفضلي، في سلسلة تغريدات على حسابه بـ"تويتر"،
إن اعتداء مليشيا الانتقالي على أبناء عدن بالرصاص الحي والاختطاف التعسفي مؤشرٌ خطير
على سوداوية المشهد الذي وصل إليه حال المدينة التي تسيطر عليها المليشيات المدعومة
من دولة الإمارات منذ آب/ أغسطس من العام المنصرم.
مضيفا: "ما يجري للعاصمة المؤقتة عدن وأبنائها هو عقاب جماعي من
قبل مليشيا خارجة عن القانون ومتمردة على الدولة، وعلى الأمم المتحدة ومنظمات حقوق
الإنسان الاضطلاع بدورها والضغط باتجاه وقف ما تمارسه مليشيا الانتقالي من تجاوزات
ترقى لأن تكون جرائم حرب".
وتابع: "التضييق على أبناء عدن وتهديدهم بقوة السلاح لن يُفلح بل
سيزيد من حدة الغضب والاحتجاجات، فالضغط يولد الانفجار".
واعتبر الشيخ الفضلي ما يجري في عدن شيئا متوقعا؛ "فمتى ما سيطرت
المليشيا ارتفعت أسواط القمع وتكميم الأفواه"، لافتاً إلى أن "مليشيات الانتقالي
عاجزة عن التعامل مع مطالب المواطنين المتعلقة بالخدمات وليس لديها سوى الترهيب بالقوة
العسكرية".
من جانبه، قال بيان صادر عن المجلس الأعلى للحراك الثوري إنه تابع باهتمام
بالغ مجريات دعوة المكونات العدنية والقوى الوطنية المتعلقة بالمظاهرة السلمية بمدينة
كريتر مساء اليوم السبت.
وأضاف أن ذلك يأتي في إطار حق التظاهر السلمي الحضاري المكفول احتجاجا على
تردي الاوضاع الصحية والاقتصادية والامنية والخدمية.
وعبر مجلس الحراك الثوري عن أسفه للجوء المجلس الانتقالي الجنوبي بصفته
سلطة الأمر الواقع وقواه العسكرية بعسكرة مديرية كريتر ومنع الدخول إليها وإغلاق المديريات
وإطلاق الرصاص واعتقال الشباب لمنع أبناء عدن من التعبير عن غضبهم إزاء ما يعانوه من
تردي في شتى الخدمات.
وبحسب المجلس فإن الانتقالي "رسم اليوم صورة قاتمة أعادت إلى الأذهان
شريط قوات الأمن المركزي (قوات حكومية في عهد الرئيس الراحل، علي عبدالله صالح) التي
طالما تواجهت مع أبناء الجنوب في الساحات على مدى سنوات وأذاقت الجنوبيين القتل والاعتقال"،
مشيرا إلى أن "الحق ينتصر في الأخير ورحلت قوات الأمن المركزي تجر أذيال الهزيمة
وانتصر الجنوب في الأخير أمام سلطة المستبد الغاصب".
وأوضح أن عملية التصدي بالقوة العسكرية المفرطة لأهالي عدن وقمعهم "مؤشر
خطير وتدل دلالة دامغة على مستقبل يسوده العنف ويحرض على تشكيل قوات عسكرية متعددة
الولاءات للدفاع عن النفس وعن الجنوب وأهله الصابرين الشرفاء الأحرار"، مؤكدا
على دعمه لحق التظاهر في عدن.
فيما قال رئيس تجمع القوى المدنية في محافظات جنوب اليمن، عبدالكريم السعدي:
"ندين بشدة قمع المتظاهرين السلميين في عدن من قبل العصابات المسلحة" في
إشارة إلى التشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي.
وأكد السياسي السعدي عبر صفحته بموقع "فيسبوك" على وقوفه إلى جانب "أهلنا في عدن وغيرها من مدن
الجنوب ودعمنا لحقهم في التعبير عن رفضهم للحالة المزرية التي وصلت إليها محافظة عدن
وغيرها من مدن الجنوب".
وتابع: "أي قطرة دم تُسفك وأي إهانة تلحق بأي شخص وأي اعتقالات أو
مطاردات أو اغتيالات تطال أبناءنا سوف تتحمل مسؤوليتها بدرجة رئيسية الشرعية المتخلية
عن واجباتها والتحالف الخليجي اللذان سلما مصير أهلنا في عدن والجنوب إلى عصابات مسلحة
لا يحكمها أي قانون، وتتعاطى مع كل الخارجين عن محيطها القروي والمناطقي كأعداء"،
وفق تعبيره.
واستطرد: "نشد على أيدي أبنائنا وأهلنا من رجال ونساء وشباب وشابات
ونطالبهم بالصمود وبمواصلة مسيرات الغضب وعدم الخضوع للعصابات المسلحة.. إنها أوهن
من أن تصمد أمام المد الشعبي المطالب بالحق في العيش الكريم وتوفير متطلبات الحياة
الضرورية".
وحسب السياسي السعدي: "ستسقط أدوات القمع الجديدة كما سقطت سابقاتها
وستُبعث عدن من جديد على أيدي أبنائها الميامين".
وتعيش عدن، عاصمة البلاد المؤقتة، التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي
المدعوم إماراتيا، وضعا مأساويا في ظل تفشي وباء كورونا في المدينة الساحلية، وأوبئة
أخرى مثل الحميات التي تسببت في وفاة العشرات، بحسب رصد محلي.
اقرأ أيضا: وفاة مسؤول يمني بوباء يجتاح عدن و"الانتقالي" يمنع مسيرة
قائد انفصالي يطالب بحكومة يمنية جديدة والحشد ضد "الحوثي"
رفض دولي لإعلان "الانتقالي" الحكم الذاتي في جنوب اليمن
هكذا تفاعل نشطاء اليمن مع إعلان الحكم الذاتي للجنوب