مقالات مختارة

كان الله فى عون محمد معيط

1300x600

كان الله في عون أي مسؤول في هذا البلد وكل بلدان العالم هذه الأيام بسبب تداعيات فيروس كورونا وآثاره على الاقتصاد العالمي، خصوصا إذا كان رئيسا أو رئيسا للوزراء أو وزيرا للمالية أو أحد أعضاء المجموعة الاقتصادية.


جميع دول العالم تأثرت بدرجة أو بأخرى، وكذلك جميع المسؤولين، لكن أحد أكثر المتأثرين هو وزير المالية في كل دولة.


في الأسبوع الماضي قابلت الدكتور محمد معيط وزير المالية، وكانت آثار الأزمة بادية على ملامحه، إضافة لآثار الصيام.


الجميع؛ وزارات وهيئات ومؤسسات وقطاع خاص، يتوقع من دكتور معيط أن يقدم له المساعدة، والكثير لا يدرك أن الوزير لا يملك عصا سحرية في يده، والبعض يعتقد أن على الحكومة أن تحل كل المشكلات، حتى لو كانت مواردها قليلة.


محمد معيط بطبيعته إنسان هادئ ومبتسم في معظم الأحوال، لكن حينما قابلته، لم يكن قادرا على إخفاء آثار الأزمة. هو مطلوب منه أن يجمع الإيرادات من كل المصادر المختلفة، ويقوم بتوزيعها على الوزارات والهيئات والمؤسسات والمحافظات المختلفة، طبقا لما هو منصوص عليه في الموازنة.

 

حينما يتم إعداد الموازنة، فإن كل وزارة أو جهة تسعى للحصول على أكبر قدر من المخصصات، لكن دور وزير المالية في هذه الحالة يشبه رب الأسرة، المطلوب منه أن يحاول ــ في حدود إمكانياته ــ إرضاء جميع أفراد الأسرة، الذين لا يعرف معظمهم كيف يقوم رب الأسرة بتدبير هذه المخصصات.


لو كنت مكان محمد معيط لأصبت بإحباط كبير، لأنه في اللحظة التي كان ينتظر فيها ظهور بشائر ومؤشرات ونتائج الإصلاح الاقتصادي، داهمتنا فجأة آثار كورونا مثلما داهمت كل دول العالم.


يقول الوزير دائما إن الثمن الصعب والمؤلم الذي دفعه المصريون في تحملهم لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، هو الذي جعلنا كبلد نمر من هذه المحنة بسلام حتى الآن.


ما تم توفيره بسبب برنامج الإصلاح الاقتصادي، هو الذي يجعل الحكومة ومعها البنك المركزي قادرة على تقديم الحزم التحفيزية لمساعدة القطاعات المختلفة المتضررة من كورونا، خصوصا العمالة غير المنتظمة وقطاع السياحة، إضافة بالطبع لتوفير الاحتياجات الأساسية للدولة.


محمد معيط، بحكم وظيفته، كان يحصل في نهاية كل يوم على مبالغ معينة من الإيرادات، منها على سبيل المثال الرسوم المفروضة على تذاكر الطيران، ووصول الركاب الأجانب وضرائب الفنادق، والشركات وإيرادات أخرى.


فجأة توقف كل ذلك، أو تراجع إلى مستويات قياسية. ومن ثم اختفت الإيرادات التي تستخدمها الحكومة في النفقات المختلفة.


في تقدير معيط، فإن ما حدث من تأثيرات سلبية بسبب فيروس كورونا على مصر والعديد من بلدان العالم، يفوق حالة الحرب، ولم يكن يُتوقع في أشد حالات تشاؤمه سيناريو أسوأ مما حدث للاقتصاد العالمي.


ومن ثم، فالمتوقع إذا استمرت الأزمة، لا قدر الله، أن رب البيت الذى هو الحكومة عموما، ممثلة في وزارة المالية، لن يكون قادرا على الوفاء بالتزاماته بالشكل السابق.


وما تريده الحكومة أن يتفهم الناس حقيقة ما حدث، وأن الحياة لم تعد كما كانت، ومن ثم فعلى الجميع أن يتعاون حتى تمر الأزمة بسلام وبأقل الأضرار الممكنة، خصوصا أن الاقتصاد المصري نجح بصورة كبيرة فى عملية الإصلاح الاقتصادي الصعبة.

 

محمد معيط رغم كل الهموم التى يعاني منها، فإنه متفائل. هو يقول إننا لم نقصر حتى الآن، في الاستجابة لكل الطلبات من الوزارات المختلفة. ووفرنا كل احتياجات القطاع الصحي. وإن شاء الله نحن قادرون على العودة بسرعة، بمجرد أن تنتهى الأزمة. لكن متى تنتهى الأزمة؟!


هذا هو السؤال الأصعب الذي لا يعرف أحد كيف يجيب عليه في أي مكان بالعالم. وإلى أن نعرف ذلك، فالمؤكد أن أياما صعبة قادمة فى الطريق، نسأل الله ألا تطول أكثر مما ينبغي.

 

(الشروق المصرية)