في سابقة طبية بالعصر
الحديث، اقترح رئيس الانقلاب العسكري في مصر عبدالفتاح السيسي، تحويل الأطباء
الصيادلة إلى أطباء بشريين؛ لمواجهة أزمة نقص الأطباء في ظل جائحة كورونا، ما أثار
السخرية لغرابة المقترح.
وتداولت مواقع صحفية
مصرية ونشطاء، الثلاثاء، خطابا موجها من "الأكاديمية الطبية العسكرية"
التابعة للجيش، إلى "نقابة الأطباء" المصرية، يدعوها لاجتماع الأربعاء، للمشاركة
في عمل دراسة حول إمكانية تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين، بعد حصولهم على
الدراسات اللازمة.
المثير أن خطاب رئيس
الأكاديمية العسكرية أكد أن ذلك المقترح يأتي بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، المتضمنة عمل دراسة لإمكانية تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين.
من جانبها، ردت "نقابة الأطباء" بالرفض القاطع على المقترح عبر خطاب آخر نشرته بعض الصحف والمواقع المحلية، أكدت
فيه أن المقترح أرسلته "الأكاديمية الطبية العسكرية" إلى النقابة
لمناقشته.
وقالت النقابة عبر
بيانها، الذي وجهته الثلاثاء لرئيس الأكاديمية الطبية العسكرية اللواء طبيب أحمد التاودي: "نحيط
سيادتكم علما بأن النقابة العامة للأطباء ترفض هذا المقترح تماما"، مضيفة أنه
"لا يجوز القول بأن أي دراسة مكملة يمكنها معادلة شهادة علمية وعملية مختلفة".
وأكدت أنه "يضر بصحة
المواطن المصري"، و"يضر بسمعة مصر الطبية العالمية"، خاصة أنه "لا
توجد سابقة في تاريخ مهنة الطب الحديث".
وامتنع نقيب الأطباء، الدكتور حسين خيري، عن
الرد على القضية والإجابة عن تساؤلات "عربي21"، وهو الأمر الذي تكرر مع
نقيب الصيادلة السابق، الدكتور كرم كردي.
"اختراع
غريب"
وعلى الرغم من اعتراف
نقيب الأطباء بصحة الخطابات المتداولة، حسب موقع
"القاهرة 24" المحلي، وصدور بيان نقابة الأطباء، إلا أن الطبيب بالمركز المصري لحماية الحق في الدواء الدكتور
محمد عزالعرب، شكك بصحتها، قائلا لـ"عربي21": "الخطابات المنشورة
غير مختومة من الأكاديمية العسكرية، كما أن رد النقابة غير موقع، وهو ما يقلل من
مصداقيتها".
وأكد عزالعرب أنه
"من حيث المبدأ، فهذا الكلام مرفوض؛ كون دراسة الطب والصيدلة ليست واحدة، ولو
تشابهت، وحتى لو درس الصيادلة فسيولوجي وباثولوجي فهم لم يدرسوا الممارسة العلمية
بالمستشفيات، ولا يمكن تحويلهم عبر كورسات لأطباء بشريين".
ويرى أنه "حال
حدوث نقص بمستشفيات العزل، فمن الخطط البديلة الاستعانة بالصيادلة وأطباء الامتياز والأسنان
والبيطري، بعد تأهيلهم كمجموعات معاونة لمساعدة الأطقم الطبية".
وجزم عزالعرب، بأن إكساب الصيدلي صفة طبيب بشري اختراع غريب، ويخالف القواعد التعليمية، ولم يحدث بأي دولة،
ويقلل مصداقية الأطباء المصريين، وفرص عملهم بالخارج، ويضعف تقييمهم المهني".
"هروب
الأطباء"
وفي رؤيته للأسباب
التي دعت السيسي لفكرة تحويل الصيادلة إلى أطباء، أكد أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، الدكتور
أحمد رامي الحوفي، أنه "قلة
عدد الأطباء بصورة عامة".
وأضاف
لـ"عربي21" أن "هذا الإجراء معيب؛ لأنه لا يعالج السبب، وهو هنا
هروب الأطباء المصريين للخارج"، موضحا أنه "من الممكن بعد تأهيل الصيادلة
فرضا إن تم بطريقة صحيحة غير التي ذهب إليها السيسي، أن يهربوا كما هرب غيرهم".
وأشار إلى هروب نحو
"110 آلاف طبيب مصري للخارج"،
مبينا أن "تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2018، يتحدث عن انخفاض
عدد الأطباء بنسبة 9 بالمئة بعام واحد".
وأكد الحوفي أن
"القصة ليس في عدد تخرج أو إعداد الأطباء، ولكن في هروبهم نتيجة لسياسات النظام
وظروف العمل والمرتبات".
ولفت أيضا إلى أنه
"بالعالم كله، بما فيه مصر مؤسسات معنية بالتعليم، المسؤول عن التعليم الطبي
قانونيا هو المجلس الأعلى للجامعات، ويتبعه قطاع التعليم الطبي المسؤول عن إعداد المناهج
والتأهيل".
وتساءل الصيدلي
المصري: "ما علاقة مؤسسة تابعة للجيش، وهي الأكاديمية الطبية العسكرية، بهذا
الأمر؟"، معتقدا أنه "اختزال لمؤسسات الدولة في الجيش، لا يمكن استيعاب حدوثه
في دولة بهذا العصر".
اقرأ أيضا: سياسات السيسي تسهم في "هروب" الأطباء ونقص العدد
"هذه
هي البدائل"
ورفض الدكتور عبدالغفار
صالحين الفكرة، قائلا لـ"عربي21": "هذه فكرة ترامبية بامتياز، وتنم عن عدم معرفة
بطبيعة دراسة المهنتين، فهما بالإضافة للتمريض ثالوث الخدمة الطبية، يكمل بعضها البعض، ولا يحل أحدهما مكان الآخر بمجرد معادلة".
رئيس لجنة
الشؤون الصحية بمجلس الشورى، سابقا، أوضح "أن كلا منها بحاجه لدراسة لا تقل عن 4 سنوات ليحل محل
الآخر مع سنة للتدريب وسنوات أخرى للتخصص بالنسبة للأطباء"، مشيرا إلى أن
"معظم الصيادلة هربوا أصلا من الالتحاق بالطب لطول سنوات الدراسة، وعدم تكافؤ
المردود".
وحول البدائل، لفت
إلى أنه "لو كانت الدولة جادة بمعالجة الخلل بأعداد الأطباء وندرة تخصصات
بعينها لوفرت البيئة والظروف وبنية تحتية تعليمية لهذا، خاصة أن الخلل موجود منذ
بداية الألفية وزاد بهجرة عشرات الألوف من الأطباء بزمن الانقلاب، ناهيك عن
عدد الأطباء المعتقلين".
ويرى صالحين أنه
"يجب أولا: النظر في حوافز تدفع الشباب لدخول الطب؛ من اعتماد كادر للأطباء
يضمن لهم حياة محترمة وكريمة، وثانيا: معالجة الخلل بعدد وسعة كليات الطب عبر بنية
تحتية تعليمية محترمة، ثالثا: زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب عبر التنسيق أو امتحانات
قبول خاصة بعد الثانوية".
وقال إنه "بالنسبة
لمعالجة التخصصات النادرة، خاصة التخدير وبعض الجراحات، يجب وضع خطة لهذه الأقسام
ترغب بالإقبال عليها، مع حوافز تشجيعية خاصة لمواجهة عدم العدالة بتوزيع المنظومة
الطبية بمناطق الجمهورية وتكدسها بمحافظات العاصمة والدلتا".
وطالب بـ"تقليل
أعداد المقبولين بكليات الصيدلة الأعوام القادمة للنصف، وتحويلها للطب، وحول اقتراح السيسي
جهبذ مصر وطبيبها الأوحد، يمكن تحفيز طلبة السنة الأولى بكلية الصيدلة الحاليين تغيير مسارهم لكليات الطب".
وعلى الجانب الآخر، وفي تصريح لموقع
"درب" المحلي، أيد رئيس لجنة الحق في الصحة الدكتور علاء غنام المقترح،
معتبرا أنه "في فقه الأزمة بعض الضرورات تبيح المحظورات".
مطالب من مصر بملياري دولار بعد انهيار تسوية لإسالة الغاز
موقع أمريكي محافظ يطالب بقطع المساعدات عن "فرعون مصر"
هل خالف السيسي القانون المصري والدولي بدعم حفتر بالسلاح؟