كثر الحديث مؤخرا عن وجود خلافات كبيرة بين رئيس برلمان "طبرق"، عقيلة صالح وبين الجنرال الليبي، خليفة حفتر وصل لحد التهديدات من قبل الأخير خاصة بعد طرح "صالح" مبادرة للحل، لكن الأخير يصر على نفي وجود خلافات أو تهديدات، ما أثار تساؤلات حول دلالة تكرار هذا النفي.
وبعد ظهور تسريب له يكشف فيه أن الهدنة التي دعا لها حفتر هي فكرة مستشارين من روسيا، سارع عقيلة صالح اليوم إلى إصدار بيان حاول فيه مغازلة حفتر وقواته، مؤكدا أن "البرلمان والقيادة العامة (حفتر) على قلب رجل واحد وأنهما شريكان في القتال ضد الإرهاب بمختلف أشكاله"، وفق كلامه.
"إشاعات وفقط"
وأصر صالح على قراءة البيان بنفسه، رغم أنه منسوب للبرلمان كله، وأكد أنه وبرلمانه لازالوا أوفياء لدماء أبناء الجيش (قوات حفتر)، نافيا وجود خلافات وأنه ما يتردد هو إشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولا أساس لها من الصحة، وفق زعمه.
لكن عدة تقارير ومراقبين ذكروا أن "الخلافات بين صالح وحفتر موجودة منذ فترة، خاصة بعدما أحكم الجنرال العسكري قبضته على الشرق الليبي وبرلمانه وحكومته، بل وتجاهل كل هؤلاء في اتخاذ أي قرار وآخرها تشكيل لجنة برئاسة رئيس أركانه لمتابعة ملف "كورونا".
"موقف قبلي"
وذكرت تقارير صحفية أن "حفتر أرسل تهديدات حقيقية لصالح وصلت لحد الاعتقال حال رفض فكرة التفويض أو تنصيب الجنرال لنفسه حاكما للبلاد وإسقاط الاتفاق السياسي، وهو ما دفع قبيلة العبيدات التي ينحدر منها رئيس البرلمان لرفض هذه التهديدات وإصدار بيان تؤكد فيه أن الشرعية للبرلمان الليبي وفقط.
اقرأ أيضا: رئيس برلمان طبرق: الروس أصحاب فكرة "هدنة حفتر الإنسانية"
وطرحت تأكيدات ونفي عقيلة صالح المتكرر عن وجود خلافات بعض الاستفسارات من قبيل: لم يتجاهل حفتر كل هذه الأمور ولم يعلق حتى عليها؟ وهل اتخذ رئيس برلمان طبرق خطوة استباقية لمنع اعتقاله أو اختطافه على غرار النائب سهام سرقيوة؟.
"شخصية مراوغة"
من جهته، قال عضو المحكمة العسكرية الدائمة في شرق ليبيا، عقيد سعيد الفارسي إن "شخصية عقيلة صالح معروفة بالمراوغة وعدم الصدق في أحاديثها للعلن، وبيانه الأخير هو تعبير عن خوفه ويثبت أنه تم تهديده بالفعل من قبل حفتر، حتى لو كان صالح وبرلمانه ليس لهم تأثير من الناحية القانونية كون عددهم لا يصل للنصاب القانوني".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "تهديدات حفتر لعقيلة قد تكون لها تأثير بالفعل كون الأول يملك أجهزة أمنية إجرامية، لكن العقبة في قبيلة العبيدات التي ينتمي لها الأخير، وهي قبيلة كبيرة جدا في الشرق وتستطيع قلب الطاولة على حفتر بل تستطيع إسقاط مشروعه بالكامل"، وفق معلوماته.
"تخبط ومحاولة تنصل"
من جهته، قال عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد إن "البيانات المتتالية المتضاربة الصادرة عن عقيلة صالح تدل دلالة واضحة على التخبط الناتج عن حجم الضغوطات التي أخضع لها نفسه، فهو يريد أن يظهر بمظهر رئيس برلمان لكنه لا يملك حتى النصاب، ويحاول أن يزاول سلطات القائد الأعلى التي لا يملكها أصلا، ولا يستطيع أن ينفك من دائرته القبلية وعقليته الجهوية"، حسب تعبيره.
وفي تصريحاته لـ"عربي21" أضاف أنه "في نفس الوقت لا يستطيع صالح إلا أن يخضع لإملاءات من دول بعينها وإن كانت تدعم حرب حفتر إلا أنها باتت تواجه خلافا في مصالحها المتضاربة، والحرج الذي يواجه عقيلة الآن هو الهزيمة التي باتت تلوح في طرابلس والمسؤولية عن الدماء التي سالت والرغبة في إيجاد مخرج".
واستدرك قائلا: "لكن هذا الأمر يتعارض مع عناد حفتر ورغبته الجامحة لاستمرار الحرب والسعي للسيطرة على السلطة بالقوة متجاوزا مجلس النواب ورئيسه الذي أعطاه الرتب والمنصب"، كما صرح.
"مصير سرقيوة"
الناطق السابق باسم قوة حماية وتأمين سرت التابعة لحكومة الوفاق، طه حديد أكد ان "الخلاف بين صالح وحفتر لا يستطيع إنكاره أحد منهم والمواقف الأخيرة تؤكده، وكذلك تصريحات السفير الأمريكي في ليبيا عن اتفاقه مع صالح بأنه لا وجود لحل عسكري للأزمة في ليبيا وما حدث بعده من ضجة في معسكر حفتر".
اقرأ أيضا: إعلان حفتر يهدد "تحالف الشرق".. وبوادر انقسام في الأفق
وأوضح أن "هذه الخلافات وتجاهل حفتر لعقيلة وبرلمانه تؤكد أكذوبة أنهم جيش" ولهم تراتبية عسكرية، ومنذ يومين أرسل حفتر ابنه بالقاسم إلى مدينة القبة حيث يقيم عقيلة صالح والتقى به والذي بالتأكيد حمّله رسالة جعلت من عقيلة يغير من مواقفه ويستعجل بإصدار بيان يدعم فيه ما سماه القوات المسلحة".
وحول دلالة تكرار النفي قال حديد لـ"عربي21": "مسارعة "عقيلة" في إصدار هذا البيان والذي نشر باسم مكتبه ربما هو لحفظ حياته من نفس مصير النائبة سهام سرقيوة التي اختطفتها ميليشيات حفتر ومصيرها مجهول حتى الآن، وسط توقعات عن حدوث تفجيرات وفوضى في الشرق ربما يتم فيها تصفية رافض التفويض"، حسب توقعاته.
"قوة عقيلة دوليا"
في حين رأى الكاتب والمدون من الشرق الليبي، فرج فركاش أن "البيان يندرج تحت حملة علاقات عامة يقوم بها مكتب عقيلة صالح لنفي وجود خلاف مع حفتر ومحاولة منع الخصوم من تحقيق نصر معنوي باستخدام هذا الشرخ الظاهر، لكن الواقع يؤكد وجود خلاف لا يمكن لبيان أن ينفيه أو يبدده".
وتابع لـ"عربي21": "موقف صالح دوليا أقوى من موقفه داخليا، ورغم محاولة حفتر إقناعه بتأييد التفويض المزعوم إلا أن عقيلة متمسك بموقفه الرافض رغم كل الضغوطات الداخلية ولازالت لديه أوراق يمكن استثمارها لو اضطر إلى ذلك رغم كل ما يقال من كلام وتصريحات إعلامية موجهة لجمهور معين"، كما قال.
رفض وتشكيك دولي بهدنة حفتر.. هل يفقد داعميه خارج ليبيا؟
أنظار "الوفاق" تتجه لترهونة.. هل بات الهجوم وشيكا؟
هل يسبب ملف "المرتزقة" صداما بين السودان و"الوفاق" الليبية؟