ما زالت ردود الفعل المحلية والدولية تتوالى على الانقلاب الذي أعلنه الجنرال الليبي، خليفة حفتر بعد تنصيب نفسه حاكما للبلاد وإسقاط الاتفاق السياسي، لكن الخطوة أثارت عدة تساؤلات حول ما إذا كان "حفتر" قد كتب إنهاء مشروعه بيديه.
ورفضت حكومة الوفاق الليبية ومجلس الدولة وغيرها من المؤسسات هذه الخطوة واعتبروها "انقلابا" كامل الأركان وسيحاسب فاعله، في حين انتقدت "واشنطن" الخطوة وأعلنت "موسكو" أنها تفاجأت من الخطاب وسط حالة صمت- ربما مؤقت- من باقي المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
ويبقى السؤال: هل استعجل "حفتر" إنهاء مشروعه العسكري بهذه الخطوة الغير مدروسة؟ ومن يحركه؟
انقلاب إماراتي
من جهته، أكد المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، مصطفى المجعي أن "ما قام به حفتر هو انقلاب على أهل إقليم برقة (شرق ليبيا) ويقف وراءه دولة الإمارات والتي يبدو أنها المسيطر والمحرك لمثل هذه الخطوات، لذا هذا الانقلاب جاء بضوء أخضر من أبوظبي"، وفق كلامه.
وفي تصريحات خاصة لـ"عربي21" أشار المجعي إلى أن "هذا التصرف من قبل حفتر هو بمثابة خطوة استباقية للتغطية على الخسائر العسكرية المتتالية له في الغرب الليبي، وهو يعلم جيدا أن سيطرة قواتنا على مدينة ترهونة سيكون له الأثر الأكبر على تواجده في الغرب بل وعلى الوضع في الشرق الليبي أيضا والذي قد يحرك البعض هناك لرفض عدوانه على العاصمة، لذا حاول السيطرة على الشرق لاستباق أي تمرد".
اقرأ أيضا: تواصل ردود الفعل الدولية والليبية الرافضة لإعلان حفتر الأخير
وتابع: "لكن يظل موقف عقيلة صالح وبرلمانه، ونحن ننتظر ردود أفعالهم كون هذه الردود ستوضح الصورة، وذلك لأن الكثير من الأصوات في الشرق رافضة الخطوة وتنتظر موقف قوي لتعلن رفضها".
وحول مستقبل حفتر أضاف: "وبخصوص مستقبل هذا المجرم، فالمؤكد لدينا هو أنه سيتم محاكمته على جرائمه كون وجوده الآن خطر على ليبيا كلها، وربما نرى حراكا وتمردا عليه في الشرق الليبي رفضا لجنونه بالسلطة وهو ما سيواجهه بكل قمع"، كما قال.
على خطى القذافي
من جهته، رأى وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أن "حفتر يسير على خطى القذافي ومدرسته الهزلية، فعندما بدأت مؤشرات فشله تتضح للعيان عاد ليضحك على ذقون مؤيديه ويطالبهم بتفويض جديد، وفي الواقع استطاع أن يؤجل انهيار "جيشه" ومشروعه عدة مرات مستخدما هذه الترهات ومستعينا بناطقه الرسمي الذي أصبح اسمه مرادفا للكذب".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "المجتمع الدولي المنحاز إلى جانبه ساعد أيضا في إطالة عمر حفتر ومشروعه، لكن بعد فعلته الأخيرة لن يستطيعوا الاستمرار في دعمه، ويمكن القول أن حفتر انتهى غير مأسوف عليه، ولابد من محاكمته وعقابه على ما اقترفه في حق ليبيا وشبابها ومصالحها، وينبغي على الجهات المختصة والمنظمات الحقوقية البدء في الإعداد لذلك"
وتابع: "والدور الآن على أنصار الدولة المدنية ليقدموا مشروعا حقيقيا يقنع العالم بقدرتهم على بناء الدولة وبسط الأمن وفرض سيادة القانون"، حسب تصوره.
مفاجأة وحل أخير
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة "صقريا" التركية، خيري عمر أن حفتر لم يستعجل إنهاء مشروعه العسكري في ليبيا بهذا الخطاب، لكن هذا التحرك كان الحل الأخير بالنسبة له خاصة في ظل تراجع قواته في الغرب الليبي فاستعجل الخطوة من أجل لملمة الأمور كونه يواجه تحديات في مناطق نفوذه وتساؤلات من قبل مؤيديه عن نتائج المعارك وهو ما قد يغير مواقف بعض القبائل ضده".
وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21" أن "الخطاب فاجأ الكثيرون ومنهم مصر أيضا، وأتوقع أنه (حفتر) لم يجري أية مشاورات مع أحد حتى داعميه على الأقل، لذا ستدخله هذه الخطوة في دائرة الحوار العدمي، فهو يريد فرض الحكم العسكري في الشرق وهو قد يدفع البعض للتخلي عنه خاصة أنه ألغى البرلمان الذي نصبه قائدا للجيش حسب الاتفاق بينهما"، كما قال.
اقرأ أيضا: تعرف على اتفاق الصخيرات بعد إعلان حفتر إسقاطه (إنفوغرافيك)
وحول من يقف وراء "انقلاب حفتر"، قال عمر: "هناك توافق لدى داعميه أنهم يريدون حكم عسكري انتقالي ثم انتخابات يدعموا فيه حفتر ليصل إلى الرئاسة عبر الانتخابات، ومشاوراته مع داعميه مرتبطة بحجم المساعدة المقدمة له، لكن الموقف الأخير هو تصرف ذاتي لأنه يعلم أن بعض الدول الداعمة لن تسايره في الخطوة ولن تجازف بنفسها بهذا الوضوح"، وفق تقديراته.
البحث عن بديل
عضو المؤتمر الوطني العام الليبي، محمد مرغم رأى من جانبه أن "الخطوة تشبه كثيرا خطوة انتقالي جنوب اليمن، لذا قد يكون وراءها النظام الإمارتي فعلا أو يكون حفتر نفسه استلهم فكرة جنوب اليمن، لكن في كل الأحوال هي خطوة اليائس من السيطرة على ليبيا كلها"، وفق تعبيره.
وتوقع "مرغم" في تصريح لـ"عربي21" أن "يكون للخطوة تداعياتها وأنها ربما تزيد من خصوم "حفتر" في المنطقة الشرقية كونه قام بإلغاء البرلمان وحكومته، وهذا ما يرجح اقتراب نهايته ومشروعه العسكري، لكن الداعمون "العقلاء" أعتقد أدركوا أنه لا يمكن الاعتماد عليه وربما يفكرون الآن في بديل مناسب"، كما صرح.
بعد فشل السيطرة على العاصمة.. هل يبحث "حفتر" عن تسوية؟
ماذا حققّ حفتر بعد عام من هجومه على طرابلس؟
لماذا عسكر حفتر ملف كورونا في المناطق التي يسيطر عليها؟