سجلت إيطاليا على مدار سنوات نزيفا حادا لعدد السكان، جراء تراجع معدل الولادات والسياسات المتحفظة إزاء استقبال المهاجرين، من جهة، وشيخوخة المجتمع وتراجع مستوى الرعاية الصحية في السنوات الأخيرة من جهة أخرى، وهي مشكلة سلطت كارثة "كورونا" الضوء على خطورتها.
ويشير تقرير نشره موقع "بزنس
إنسايدر"، إلى أن إيطاليا تقع في المرتبة الـ20 من حيث تراجع عدد السكان
عالميا، والثانية بين الدول الصناعية الكبرى، بعد اليابان، إذ يتوقع أن ينخفض
تعداد المواطنين من 60.5 مليون نسمة إلى 54.4 مليونا بحلول عام 2050، أي بواقع
10.1 بالمئة، وذلك استنادا إلى بيانات الأمم المتحدة.
وتمكنت البلاد من تحقيق مستوى مرتفع من
الرفاهية والرعاية الصحية والاجتماعية خلال العقود الماضية، انعكس إيجابا على معدل
سنوات العيش، لكن عوامل من بينها تراجع معدل الخصوبة والسياسات المتحفظة إزاء
استقبال المهاجرين تسببت بـ"شيخوخة" المجتمع الإيطالي، حتى أصبح نحو ربع
سكان البلاد فوق سن 65 عاما.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت البلاد أزمات اقتصادية عميقة، انعكست على مستوى الرعاية الصحية والاجتماعية، ما تسبب بانتكاسة ديموغرافية، تمثلت بازدياد عدد الوفيات، ولا سيما بين كبار السن، بحسب دراسة نشرتها المجلة الأوروبية للصحة العامة، إذ لم يعد يتراجع معدل الوفيات السنوي عن 10 لكل ألف نسمة منذ عام 2015 (أي 650 ألف وفاة سنويا).
اقرأ أيضا: "الصحة العالمية" تبشر باستقرار قريب لتفشي الوباء بإيطاليا
وتشير بيانات للأمم المتحدة، اطلعت عليها "عربي21" إلى أن الوفيات بين مختلف الفئات العمرية تراجعت في السنوات الخمس الماضية (2015- 2020)، مقارنة بسابقتها (2010- 2015)، باستثناء من هم فوق 80 عاما، إذ توفي مليونان و50 ألف إيطالي ممن هم الأكبر سنا في السنوات الخمس الأخيرة (بمعدل أكثر من ألف و120 يوميا)، مقارنة بمليون و821 ألفا، في السنوات الخمس السابقة، أي بزيادة قدرها 229 ألف وفاة (أكثر من 12.5 بالمئة).
في المقابل، توفي من بقية الفئات العمرية، في
السنوات الخمس الماضية، نحو مليون و119 ألف شخص، مقارنة بمليون و213 ألفا، أي
بتراجع قدره 94 ألف وفاة. وبالمجمل فإن وفيات إيطاليا ازدادت بواقع 135 ألف وفاة،
بسبب شيخوخة المجتمع والأزمات الاقتصادية التي انعكست على أداء القطاعين الصحي
والاجتماعي، ما جعل البلاد أكثر عرضة لأزمات صحية، كالتي تشهدها هذه الأيام
بالفعل.
ماذا عن وفيات كورونا؟
أحصت إيطاليا، الأكثر تضررا من الوباء عالميا، نحو 14 ألف وفاة جراء الإصابة بالفيروس، وذلك منذ تاريخ 21 شباط/ فبراير الماضي، الذي سجلت فيه أول وفاة، أي بمعدل 330 حالة يوميا، وهو معدل قد يرتفع قليلا مع استمرار تسجيل مئات الوفيات يوميا، لكنه سيستقر قريبا بالنظر إلى تراجع وتيرة انتشار الوباء في البلاد.
وكما بات معروفا، فإن أغلب الوفيات هي لكبار
السن، إذ كان 50% من المصابين الذين توفوا حتى 2 نيسان/ أبريل فوق سن الـ80 عاما.
وهو ما يضع علامات استفهام على تحميل المرض وحده المسؤولية عن فقدان أرواحهم.
وبالمجمل، فإن إيطاليا تفقد أكثر من ألف و120 مسنا تبلغ أعمارهم
80 عاما فأكثر، يوميا، أي أكثر من ستة أضعاف وفيات من يصابون من تلك الفئة بفيروس
كورونا، حتى اليوم.
وتكمن خطورة الفيروس
بحسب العديد من التقارير، بسرعة انتشاره وإمكانية تطوره وفتكه بمئات الآلاف إلى
حين التوصل إلى علاج وإنتاجه على نطاق واسع، لكن طبيعته تلقي الضوء، من جانب آخر، على مشاكل ديموغرافية عميقة، ترتبط بأخرى سياسية واجتماعية واقتصادية، تعاني منها
العديد من الدول حول العالم، ومن بينها إيطاليا، وتسببت أخيرا بتزايد فقدان من هم
أكبر سنا، بعد أن كان النموذج الحضاري الحديث للدول المتقدمة، يفتخر بإطالة أعمار
البشر.
جائحة "كورونا" تقتل قرابة 37 ألفا.. هذه حصيلتها خلال 24 ساعة
هذه حصيلة آخر 24 ساعة من اجتياح "كورونا" عربيا وعالميا
حصيلة 24 ساعة.. يوم مؤلم آخر بإيطاليا وتركيا تدخل دائرة الخطر