حتى اللحظة، هو الأقرب إلى ساحات التظاهر ويلبي بعض مطالب ومعايير المحتجين، بحسب محللين سياسيين عراقيين.
كلفه الرئيس برهم صالح رسميا بتشكيل الحكومة الجديدة بمهلة دستورية مدتها 30 يوما بعد أن دخلت البلاد مرحلة الانغلاق السياسي في غياب التوافق بين الكتل الشيعية، وبعد انتهاء المهلة الدستورية التي منحها لهم الرئيس لاختيار مرشحهم.
تكليفه أثار غضب الأطراف المتحالفة مع إيران والتي تصفه بأنه "أمريكي"، لانتقاده قمع الاحتجاجات، كما تحمله بعض الأطراف الشيعية المسؤولية عن حادثة حرق قنصلية طهران في النجف.
لا يزال في مرحلة التكليف لكنه بدأ يواجه هجمة كاسحة من القوى والفصائل الشيعية الموالية لإيران في العراق، هجمة حادة لم تخل من التهديد والوعيد بإفشال تمرير حكومته عبر البرلمان.
ثقافة وتعليم الرئيس المكلف، عدنان الزرفي، المولود في النجف عام 1966، دينية بحتة، فهو حاصل على بكالوريوس في الفقه من جامعة الكوفة، ثم الماجستير، والدكتوراة في الفقه من الجامعة ذاتها (لا يزال في مرحلة البحث).
انتمى إلى حزب "الدعوة الإسلامية" عام 1983، ثم اعتقل وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة في سجن أبو غريب عام 1988، وتمكن من الهروب من السجن عام 1991 إثر الفوضى التي وقعت بعد اندلاع ما عرف بـ"الانتفاضة الشعبانية"، في النجف، وكان أبرز المشاركين فيها، وأصيب فيها بجروح.
غادر العراق إلى "مخيم رفحاء" في المملكة العربية السعودية وبقي حتى عام 1994 ومنها غادر إلى الولايات المتحدة وحصل على الجنسية الأمريكية. وبحسب وسائل إعلام عراقية، اعتقل الزرفي في السعودية واتهم بأنه جاسوس تابع للرئيس الأسبق صدام حسين، لكن أطلق سراحه فيما بعد.
عاد إلى العراق عقب الغزو الأمريكي عام 2003 وكان عضوا في "فريق إعمار العراق"، وأسس في عام 2008 أول حركة سياسية له باسم "الوفاء للنجف" التي انتخب محافظا لها ما بين عامي 2004 و2005.
وأعيد انتخابه محافظا للنجف لدورتين جديدتين من عام 2009 وحتى عام 2015. وقبل إنهاء مدته أقيل من قبل مجلس المحافظة بعد رفع دعوى ضده بسبب "استغلال المنصب وإهدار المال العام"، رغم تقديم الزرفي طعنا بالقرار لدى السلطات القضائية.
وفي الفترة ما بين عامي 2006 و2009 أصبح وكيل مساعد لشؤون الاستخبارات في وزارة الداخلية، وفيما بعد سينتخب عضوا في مجلس النواب العراقي عام 2018، ليترأس كتلة "ائتلاف النصر" البرلمانية والذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
اقرأ أيضا: هذا ما جاء في وثيقة أمريكية سربتها "ويكيليكس" عن "الزرفي"
ويعرف الزرفي نفسه بأنه "وطني ديمقراطي يؤمن باستقلال العراق من كل التبعيات الأجنبية ويدعو إلى عراق موحد تلغى فيه الفوارق المذهبية والقومية ويقوم على أساس المواطنة".
ويقول أيضا إنه "يؤمن بتطوير الاقتصاد الوطني ورفاهية المواطن الاقتصادية"، و"يؤمن بأن العراق بلد عربي إسلامي يلعب دورا مهما في استقرار وبناء المنطقة العربية والإسلامية ويكون نقطة توازن لحفظ مصالح المنطقة".
المؤشرات الأولية تشير إلى أن حكومة الزرفي قد تمرر لأن هناك قوى سنية وكردية وشيعية مساندة، لكن يبقى كيف يشكل فريق العمل، ويتفاوض مع الكتل، ويوازن بين معادلة الحراك الشعبي ومصالح الكتل والأحزاب التي تتحفظ عليه؟
وتنبع مخاوف بعض الكتل السياسية الشيعية من القلق من تقويض الزرفي نفوذهم، ومن نجاحه في إعادة التوازن في العلاقات بين أمريكا وإيران، وهذا يمثل خطرا كبيرا بالنسبة لهم، ولذلك تصاعدت أصواتهم بالرفض.
وعلى الرغم من أن تكليف الزرفي لم يمر عليه إلا أيام قليلة، إلا أن ظروف تسميته والواقع السياسي العراقي لا يختلف كثيرا عن سابقه محمد توفيق علاوي الذي اضطر إلى سحب تكليفه تحت وابل من الانتقادات والرفض الشعبي، فهل ستكون تجربة الزرفي مختلفة؟
تبدو الاتهامات الموجهة إليه من قبل أطراف شيعية بسبب تورطه في أحداث النجف وحرق القنصلية الإيرانية وضريح محمد باقر الحكيم موضع شك عند الكثيرين.
إذ تشكك مصادر إعلامية عراقية في حقيقة الهجمة على الزرفي، وتعتقد تلك المصادر أن إيران ليست بعيدة عن الاختيار خصوصا أن الرجل كان محافظا للنجف لثلاث دورات، وهي أهم محافظة بالنسبة لطهران. ويرى البعض أن رفض كتل عراقية لتكليفه هي مجرد تلاعب بالأدوار حتى يقال أن الزرفي جاء بغير إرادة إيران، لأجل تسويقه للشارع العراقي، وفقا لما نشرته بعض المواقع العراقية.
ويعتقد على نطاق واسع أن غياب دور قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، قاسم سليماني، في جمع أركان "البيت الشيعي" أفقد المشهد الشيعي العراقي إيقاعه الذي كان يعيد ضبطه سليماني بكل ليونة وحنكة، وبات في غيابه منفلتا ومنقسما بشكل حاد.
انقسام الكتل الشيعية قد يكون لصالح الزرفي الذي سيواجه كتلا مفككة غير متجانسة تمزقها الصراعات، رغم أن أحدى المليشيات هددته بشكل صريح، واعتبرت ضمن "مؤامرة أمريكية"، وربما يواجه معارضة من الشارع العراقي الذي يمر حاليا في فترة بيات بسبب وباء كورونا.
"الخال" يقود "الحشد الشعبي" رغم الاعتراضات (بورتريه)