في محاولة لتقليل الأثر السيء لانتشار فيروس
"كورونا" قدمت الحكومة المصرية حزمة إجراءات لدعم المستثمرين وأصحاب
الشركات والمصانع مقابل صرف دعم رمزي للعمالة غير المنتظمة من الطبقة الفقيرة.
وانتقد خبراء اقتصاد ومراقبون في تصريحات
لـ"عربي21" حرص الحكومة المصرية على تخفيف آثار الأزمة على الأغنياء دون
الفقراء والطبقات المتوسطة، باستثناء قرار البنك المركزي بتأجيل كافة الاستحقاقات
الائتمانية للعملاء من المؤسسات والأفراد والتي تشمل القروض لأغراض استهلاكية
والقروض العقارية للإسكان الشخصي مدة 6 شهور
وأعلنت وزارة الصحة المصرية ارتفاع حالات
الإصابة بفيروس كورونا إلى 256 شخصا، بعد اكتشاف 46 حالة جديدة/ من بينهم 7 حالات
وفاة، وبذلك تصبح نسبة الوفيات إلى المصابين 2.6% وينظر لها مرتفعة نسبيا، ومرشحة
للزيادة.
دعم الأغنياء
وبهدف دعم المصانع والشركات، قررت الحكومة خفض
سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4,5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وخفض أسعار
الكهرباء بقيمة 10 قروش، وتوفير مليار جنيه للمصدرين خلال آذار/ مارس ونيسان/
أبريل 2020 لسداد جزء من مستحقاتهم، مع سداد دفعة إضافية بقيمة 10% نقدًا للمصدرين
في يونيو المقبل.
اقرأ أيضا: هذه الدول مهددة بكارثة جراء "كورونا".. وقلق بأمريكا اللاتينية
وكذلك تأجيل سداد الضريبة العقارية المستحقة
على المصانع والمنشآت السياحية لمدة ثلاثة أشهر، ورفع الحجوزات الإدارية على جميع
الممولين الذين لديهم ضريبة واجبة السداد مقابل سداد 10% من الضريبة المستحقة
عليهم، وخفض سعر ضريبة توزيع الأرباح الرأسمالية للشركات المقيدة بالبورصة بنسبة
50% لتصبح 5%، والإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة.
حصة الفقراء
في المقابل، أعلنت وزارة القوى العاملة، عن صرف
منحة 500 جنيه (32 دولارا) للعمالة غير المنتظمة المسجلة لديها، والبالغ عددهم 400
ألف عامل، هم من سيحصلون على المنحة من بين نحو 12 مليون عامل غير نظامي.
وتبلغ نسبة العمالة غير المنتظمة 46.1%، أي نحو
12 مليون عامل، من أًصل 25.7 مليون مشتغل، ما يعني أن من سيحصلون على منحة وزارة
القوى العاملة يشكلون ما يقرب من 1.6% فقط من العمالة غير المنتظمة.
حماية الأغنياء
يقول أستاذ إدارة التغيير والتخطيط
الاستراتيجي، حسام الشاذلي: "يبدو أن الحكومة المصرية لم تتعلم شيئا من
نظيراتها حول العالم، فالمحور الرئيسي هو دائما الحفاظ على مستوى دخل الأسرة
وتوفير احتياجاتها الرئيسية سواء بدفع إعانات مباشرة وغير مشروطة لجميع المواطنين
أو بدعم الشركات من أجل ضمان دفع رواتب العاملين في خلال فترة الأزمة، مع توفير
الغذاء والدواء والدعم الصحي".
مضيفا لـ"عربي21": "ولكن
التركيز في حزمة المساعدات المحدودة جدا على دعم المستثمرين والمصدرين وخفض
الضرائب في ظل توقف شبه كلي للعمل مع تجاهل غالبية عمال اليومية وأصحاب الأعمال
الحرة ومن يعرفون "بالأرزقية" في مصر هو استمرار لسياسة النظام المصري
في التضحية بالطبقتين الفقيرة والمتوسطة والحفاظ على الدعم لأصحاب الشركات ورؤوس
الأموال فقط".
وحذر الشاذلي من "أن الوباء في مصر سيكون
تأثيره المدمر على المنظومة الاقتصادية العشوائية أكبر مما يمكن تخيله ففي ظل
تقوقع الأنظمة الاقتصادية الدولية، وإغلاق الحدود وحظر التصدير وغيره فلن تفلح
سياسات القروض والغش والتضليل ولن يكون لها مكان".
ورهن الخبير الاقتصادي قدرة الدولة على عبور
الأزمة "بقدرتها على الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء، لكن هناك شكوك في
قدرة المنظومة المترهلة والفاسدة في مصر على القيام بذلك، وللأسف ستشهد فترة
الأزمة القضاء على الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة وعلى أصحاب المهن والحرف
اليومية أضف إلى ذلك ملايين الأسر التي تعيش على المعونات والدعم".
اتساق النظام مع الأغنياء
في تعليقه على حزمة القرارات الحكومية، أكد
مستشار وزير التموين الأسبق، إسماعيل تركي، أن "النظام متسق مع نفسه وهو يقوم
بدعم كبار رجال الاعمال باعتبارهم جزء من منظومة حكمه، وهو منحاز لهم فى كل
قراراته، فحتى فى طريقة صرف الإعانه الزهيده الخاصة بالعمال سيتحاجون إلى إجراءات
بيروقراطية فضلا عن أنه لم يتم يتحدد هل ستصرف لمرة واحده أم كل شهر".
وأوضح لـ"عربي21": "حدثت الكثير
من المواقف واتخذت العديد من الإجراءات التي تجعل أمر انحياز السلطة الحالية
للأغنياء على حساب الفقراء واضح؛ ولنتذكر قانون المصالحة في جرائم سرقة المال
العام والذي سمح بالتنازل عن حق الدولة فى محاسبة رجال الأعمال وكبار موظفي الدولة
الذين يسهلون لرجال الأعمال الاستيلاء على المال العام بمجرد رد الأموال المنهوبة
وهي بالمليارات".
وتابع: "في حين لا تُرفع مخالفات الفلاح
إذا زرع أرضه بالمخالفة للدورة الزراعية كما حدث في مخالفات الأرز، وكذلك عدم
التسامح مع صغار المقترضين منهم من بنك الائتمان الزراعي وسجنهم وعدم قبول إعفائهم
من الفوائد،وقس على ذلك حقوق العمال وغيرهم من الفئات الضعيفة".
المكسيك ثاني دولة "لاتينية" يصيبها كورونا بعد البرازيل