نشرت صحيفة "
أتلايار"
الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن بيان أنجيلا ميركل الأخير الذي عبرت فيه عن
استعدادها لتقديم المزيد من الأموال إلى
تركيا في إطار معالجة ملف
اللاجئين، على
الرغم من غضبها من سلوك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إنه في تغيير مفاجئ في سياستها أعربت تركيا عن قرارها بغلق
الحدود البرية مع اليونان نزولا عند مطالب أوروبا، وذلك بعد مضي أكثر من أسبوعين
على قرار فتح الحدود أمام اللاجئين الذي أثار أزمة كبيرة مع
الاتحاد الأوروبي.
ونقلت الصحيفة عن وزارة الداخلية
التركية أن الحدود مع اليونان وبلغاريا ستغلق حتى منتصف ليل 18 آذار/ مارس في إطار
مجابهة تركيا لتفشي فيروس
كورونا. وقد اتخذ هذا القرار بعد يوم من عقد الرئيس
التركي رجب طيب أردوغان مؤتمرا بالفيديو حول أزمة اللاجئين مع المستشارة الألمانية
أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس
جونسون.
وذكرت الصحيفة أن عشرات الآلاف من
السوريين والأفغان شقوا طريقهم نحو الحدود لدخول اليونان، لكن حرس الحدود
اليوناني، بدعم من مسؤولين من مجموعة "فرونتكس" الأوروبية العاملة على
الحدود، منعوا دخول معظمهم. كما استخدمت قوات الحدود الغاز المسيل للدموع وخراطيم
المياه والرصاص البلاستيكي في اشتباكات مع اللاجئين.
وحسب وكالة "أسوشيتد برس"،
فإن موجة جديدة من العنف اندلعت في منتصف آذار/ مارس بعد أن حاول نحو 500 مهاجر
اختراق السياج الحدودي ودخول اليونان. وقالت الشرطة اليونانية إنها استخدمت الغاز
المسيل للدموع لصد محاولة كسر السور جنوب معبر كاستانيا الحدودي. في المقابل، ذكرت
وسائل الإعلام التركية أن حوالي 10 آلاف مهاجر صامدون على أمل إيجاد طريقة عبر
الحدود، لكن وكالة "أسوشيتد برس" قدرت أن عددهم لا يتجاوز ألفي شخص.
وأفادت الصحيفة بأن أردوغان، الذي
تستضيف بلاده نحو 3.6 ملايين سوري، صرح بأن أوروبا فشلت في الوفاء بالوعود التي
قطعتها بموجب اتفاقية 2016 الموقعة لوقف تدفق مئات الآلاف من السوريين عبر تركيا
إلى أوروبا، وهو ما صدم الاتحاد الأوروبي. وبموجب هذه الاتفاقية، تعهدت بروكسل
بمنح تركيا حوالي 6.6 مليارات دولار مقابل منع السوريين من العبور إلى دول الاتحاد
الأوروبي، أي أنها دفعت لتركيا الأموال مقابل إبقاء اللاجئين داخل حدودها.
وأضافت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي
يرى أن أردوغان انتهك هذا الاتفاق بفتح البوابات على الحدود مع اليونان. وبعد أيام
من قرار أردوغان، اتهمت ميركل الرئيس التركي بممارسة السياسة "على حساب
اللاجئين". وقال مسؤولون آخرون بالاتحاد الأوروبي إن أردوغان يحاول
"ابتزاز" أوروبا. ومن جهته، قارن أردوغان حرس الحدود اليوناني بـ
"النازيين".
بعد إجراء مؤتمر الفيديو، أشارت ميركل
إلى أن أوروبا مستعدة لتقديم المزيد من المساعدات إلى تركيا على الرغم من الغضب من
سلوك أردوغان. وأشارت ميركل إلى أن أوروبا مستعدة للحديث عن مطالبة أنقرة بتوسيع
اتحاد جمركي قائم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. ومن جانبه، قال جيرالد كناوس، أحد
مهندسي صفقة اللاجئين لسنة 2016، إن تركيا فقدت الكثير من التعاطف في الاتحاد
الأوروبي من خلال تشجيعها اللاجئين على عبور الحدود إلى اليونان بشكل غير منتظم.
ونقلت الصحيفة عن كناوس، أنه يجب على
الاتحاد الأوروبي بعد أن قررت أنقرة إغلاق الحدود أن يعرض مزيدا من الدعم للاجئين
في تركيا. وأضاف كناوس أنه "بغض النظر عن كل شيء، يتعين على الاتحاد الأوروبي
أن يدرك ويعترف بالمجهود الذي تبذله تركيا في استضافة ملايين اللاجئين
لسنوات".
وحسب كناوس، فإن "كلا الجانبين
لهما مصلحة في تجديد التعاون" المتفق عليه في سنة 2016، لكن تركيا اضطرت إلى
إنهاء "لعبتها" المتمثلة في استخدام اللاجئين اليائسين للضغط على
الاتحاد الأوروبي. وعلى الاتحاد الأوروبي أن يعلن دفع 6.6 مليار دولار أخرى لضمان
استمرار برامج الاندماج والتعليم للسوريين في تركيا، ذلك أن "ما نحتاجه هو
اتفاق صغير لمساعدة اللاجئين في أسرع وقت ممكن".
وأكدت الصحيفة أنه يمكن معالجة قضايا
أخرى، مثل طلب تركيا بأن يمنح الاتحاد الأوروبي مواطنيها إمكانية السفر دون تأشيرة
إلى أوروبا، في مفاوضات تفصيلية في الأشهر المقبلة، خاصة أن جميع الحدود مغلقة
حاليا بسبب جائحة فيروس كورونا. ولكن لم يعلن مؤتمر الفيديو عن قرارات فيما يتعلق
بإدلب. ومن جهتها، قالت ميركل إن ألمانيا خصصت بالفعل 137 مليون دولار للمساعدات
الإنسانية إلى هذه المحافظة السورية. وعلى غرار بقية القادة الأوروبيين، يبدو أنها
مترددة في تقديم الأموال لخطة أردوغان لإعادة توطين ما يصل إلى مليوني سوري من
تركيا في "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا التي تحتلها القوات التركية.
وفي الختام، أشارت الصحيفة نقلا عن
كناوس إلى أنه بينما كان الاتحاد الأوروبي محقا بشأن النأي بنفسه عن أي خطة لتغيير
الوضع الديموغرافي في شمال شرق سوريا الذي تقطنه أغلبية كردية، فإن الوضع مختلف في
إدلب لأن الأشخاص اليائسين هناك نزحوا بسبب القتال في مناطق أخرى من سوريا. كما
أشار كناوس إلى أن التعاون مع تركيا لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان إدلب ليس مثل
دعم خطط إعادة التوطين في شمال شرق سوريا.