نشر موقع "إنسايدر" مقالا للصحافي ميتش بروثيرو، يقول فيه إن تركيا استخدمت سلاحا جديدا في سوريا كان فعالًا للغاية، لدرجة أن روسيا لن تجرؤ على مواجهة تركيا مباشرة.
ويقول بروثيرو في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن استعراض القوة الذي قامت به تركيا ضد الجيش السوري الأسبوع الماضي -الذي شهد تدمير مئات دبابات النظام ومدفعيته ومصفحاته- كان مصدره طيارة درون محلية الصنع غير مكلفة، لكنها فعالة، مشيرا إلى قول مسؤولي الناتو إنها غيرت المعادلة العسكرية ضد روسيا في محافظة إدلب في سوريا.
ويشير الكاتب إلى أن المواجهة بدأت في آخر شباط/ فبراير، عندما بدأت قوات النظام السورية، مدعومة بالطيران الروسي و"مستشاري القوات الخاصة"، بالدفع إلى قلب إدلب، آخر منطقة يوجد بها ثوار ضد نظام الديكتاتور السوري بشار الأسد، لافتا إلى أن الحرب الأهلية السورية استمرت لما يقارب العقد.
ويفيد بروثيرو بأنه "بعد أن سيطرت قوات النظام على بلدة سراقب، فإن جيب الثوار هذا بدأ ينهار، مرسلا مئات الآلاف من اللاجئين يسيرون بصعوبة عبر الثلوج نحو الشمال إلى بر الأمان في تركيا".
ويلفت الكاتب إلى أن رد فعل تركيا كان أنها أرسلت آلاف وحدات الجيش إلى إدلب لمنع انهيار الجيب، ما أدى إلى اشتعال الحرب بين النظام السوري وتركيا، وقتل مئات جنود النظام، بالإضافة إلى أنه كان هناك العديد من الضربات الجوية الليلية على الدبابات والمدفعية والمدرعات السورية.
ويبين بروثيرو أن "ذلك شكل تحولا في الصراع: حيث كانت أفعال تركيا أكثر من مجرد تبادل للنيران على الحدود بين عدوين، بل كانت عملا حربيا متكامل الأركان، واستخدمت تركيا إمكانات عسكرية متعددة ملحقة أضرارا بالغة بالجيش السوري".
ويرى الكاتب أن "هذه الحرب المصغرة كانت، نظريا، مقامرة خطيرة؛ لأنها تهدد بوضع الجيش التركي -أكبر حلفاء الناتو- في مواجهة مباشرة مع جيش روسيا وقواتها الجوية، التي تدعم النظام السوري، ولو تم تصعيد الصراع إلى مداه المنطقي فإنه كان سيؤدي إلى حرب شاملة بين تركيا وروسيا".
ويقول بروثيرو بأنه "من ناحية نظرية فإن روسيا مؤهلة لكسب مثل تلك الحرب.. لكن تركيا انتصرت في هذه الجولة، فكيف كان ذلك؟".
ويستدرك الكاتب بأن تركيا كانت لديها ورقة رابحة، ورقة جعلت روسيا تلجأ إلى التفكير مرتين قبل التصعيد ضد حكومة الرئيس رجب طيب أرودغان، بحسب ما قالته مصادر عسكرية لـ"إنسايدر"، مشيرا إلى أنه تم تنفيذ الهجوم باستخدام حوالي 100 من طائرات درون المصنعة محليا، التي أطلقت ذخائر موجهة رخيصة بفعالية قاتلة.
وينقل بروثيرو عن مسؤول عسكري في الناتو، كان يعمل بشكل منتظم في المنطقة على مدى العشر سنوات الماضية، قوله: "لقد قام الأتراك ببرنامج تطوير لطائرات درون لمدة عقد من الزمان تقريبا، وأظهرت إدلب مدى نجاحهم".
وأضاف المسؤول: "بإنتاجها محليا، من خلال استخدام تكنولوجيا متوفرة تجاريا، فإنهم استطاعوا بناء أسطول كبير جدا وفعال بشكل أرخص مما لو كانوا اشتروها من أمريكا أو غيرها من الحلفاء.. وبسبب صراعهم مع حزب العمال الكردستاني، فقد كانت لديهم سنوات من التدريب وتحسين إمكاناتهم دون القلق بخصوص ظروف حقوق الإنسان".
ويذكر الكاتب أن المصادر تشير إلى أن السياسة الأمريكية في حظر بيع طائرة درون المسلحة لتركيا؛ خوفا من أن تستخدم تلك التكنولوجيا ضد الأكراد، كانت حاسمة في تطوير البرنامج المحلي، فمع حلول عام 2007 كان الجيش التركي قد تعب من القيود على شراء ما يريده من أمريكا، وكان الجيش غير راض عن أداء طائرات درون الإسرائيلية المطروحة في السوق، فبدأ بتطوير برنامجه الخاص.
وينوه بروثيرو إلى أن الأتراك قاموا بإنشاء شركة صناعات جوية عام 2009 باسم "بايكار" تحت إدارة زوج ابنة الرئيس، وقامت بايكار بإنتاج بيرقدار تي بي 2، وهي طائرة درون متوسطة المدى التي يمكنها البقاء في الجو فوق هدفها لمدة 24 ساعة، مشيرا إلى أنه مع حلول عام 2015 كانت طائرة تي بي 2 تقوم بفحص مقذوفات منتجة محليا، وتم نشرها لأول مرة بعد ذلك بعام، حيث كانت تستهدف أهدافا تابعة لحزب العمال الكردستاني.
ويورد الموقع نقلا عن المسؤول من الناتو، قوله: "حققت قذيفة MAM-L المنتجة محليا، التي نشرت في إدلب، نجاحا باهرا، فهي رخيصة وسهلة الصنع، وواضح أنها لا تخطئ هدفها".
ويذكر بروثيرو أن المصدر يشير إلى قذيفة MAM-L التي تصنف على أنها قنبلة ذكية صغيرة وموجهة ومضادة للدروع، مداها حوالي 10 كم، ونظام توجيه ليزر "جي بي س" يوجه القنبلة بدقة أقل من متر إلى هدفها.
ويقول الكاتب إنه "مع أن تركيا لا تفصح عن تكلفة إنتاج بيرقدار تي بي 2 وتعد ذلك أحد أسرار الدولة، إلا أنها باعت 12 منها مع ثلاثة مراكز سيطرة أرضية لأوكرانيا العام الماضي، بتكلفة 69 مليون دولار، أي أن تكلفة الواحدة أقل من 6 ملايين دولار، وهذا ثلث تكلفة طائرة دورن أمريكية مكافئة من ماركة Reaper MQ-9، التي تباع لحلفاء أمريكا بتكلفة 16 مليون دولار للطائرة".
ويشير بروثيرو إلى أن رئيس الصناعات الدفاعية التركية، إسماعيل ديمير، أشاد في 2016، خلال نقاش استضافه مجلس "أتلانتك" بالقيود الأمريكية على بيع طائرة درون؛ لأنها تسببت في دفع تركيا لتصبح مستقلة في إنتاجها، وقال: "لا أريد أن أسخر، لكني أريد أن أشكر (الحكومة الأمريكية) للمشاريع التي لم توافق عليها؛ لأن ذلك اضطرنا إلى تطوير أنظمتنا الخاصة بنا"، مضيفا أن تركيا لم تعد بحاجة لطائرات درون الأمريكية المسلحة.
وينقل الموقع عن مسؤول الناتو، قوله: "إن استخدام عشرات من هذه الدرونات فوق إدلب، وإسقاط قذائفها على دبابات النظام السوري طيلة الليل، جذب انتباه بوتين.. بالتأكيد أنه يمكن لروسيا في حالة مواجهة مباشرة استخدام قوتها الجوية وصواريخها المطلقة من بعيد، مثل صواريخ كروز لتخريب الدفاعات الجوية التركية ومراكز التحكم بطائرات درون، لكن بثمن لا يمكن تصوره في صراع على إدلب، وتعلم تركيا أنها لا تستطيع إخراج روسيا من سوريا مهما رغبت، لكنها استطاعت أن ترسخ فكرة أنه ليس باستطاعة بوتين والأسد إخراج تركيا من إدلب، ولذلك فإن هناك عودة للتفاوض والاتفاقات حاليا".
ويلفت الكاتب إلى أن كلا من تركيا وروسيا اتفقتا على وقف إطلاق نار آخر في إدلب مع القوات الروسية، التي تسير دوريات في ممر عرضه 6 كم على جانبي خط M4/5 الذي يربط بين دمشق وحلب.
ويختم بروثيرو مقاله بالقول: "لا شك أن السلام مرحب به، وبين المحللين العسكريين مرحب أيضا بالأخبار بأن هناك بعض الحروب التي من الواضح أن روسيا ليست مستعدة لأن تدخلها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
المونيتور: هل تدخل إيران بمواجهة عسكرية مع تركيا في إدلب؟
التايمز: أردوغان يريد تأمين حدوده وعلى أوروبا مساعدته
FT: كيف تكشف المواجهة التركية السورية عن مخاطر لعبة بوتين؟