انتقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بشدة، قرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية بضرورة المضي بالتحقيق في انتهاكات الحرب بأفغانستان، تشمل "أعمالا وحشية" يحتمل أن تكون القوات الأميركية قد ارتكبتها.
وقال بومبيو في مؤتمر صحفي: "هذا عمل مذهل حقا من جانب مؤسسة سياسية غير خاضعة للمساءلة وتدعي انها هيئة قانونية".
واستنكر الوزير الأمريكي القرار، الذي وصفه بـ"المتهور"، والذي "يأتي بعد أيام قليلة من توقيع الولايات المتحدة اتفاقا تاريخيا بشأن أفغانستان، يمثل أفضل فرصة للسلام"، بحسبه.
وفي الإطار ذاته، اعتبر بومبيو أن تجدد العنف الذي شهدته أفغانستان بعد توقيع الاتفاقية "غير مقبول"، قائلا: "يجب الحد من العنف على الفور إذا أريد لعملية السلام أن تمضي قدما".
وفي وقت سابق الخميس، قضت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بنقض لحكم سابق بفتح تحقيق بشأن احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان، تعارضه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشدة.
والتحقيق الذي طلبته المدعية العامة في المحكمة "فاتو بنسودة" يتعلق بانتهاكات ارتكبتها عدة أطراف بينها قوات أميركية في أفغانستان، وبعمليات تعذيب تتهم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" في البلد الذي تخوض فيه الولايات المتحدة أطول حرب في تاريخها منذ عام 2001.
اقرأ أيضا: توقيع اتفاق سلام "تاريخي" بين واشنطن وطالبان بالدوحة (شاهد)
ووقعت واشنطن وحركة طالبان الأفغانية في 29 شباط/فبراير اتفاقا تاريخيا يشكل خطوة نحو السلام، ويفتح المجال أمام انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.
وأسفر النزاع الأفغاني عن 100 ألف ضحية بين قتيل وجريح خلال الفترة الممتدة بين عامي 2009 و2019، بحسب الأمم المتحدة.
وقال القاضي بيوتر هوفمانسكي إن "المدعية العامة منحت الإذن ببدء تحقيق في جرائم يعتقد أنها ارتكبت على أراضي أفغانستان منذ الأول من أيار/مايو 2003"، في قرار يلغي قراراً سابقاً اتخذته في نيسان/أبريل المحكمة التي تأسست في عام 2002 للحكم بشأن أسوأ الانتهاكات التي ترتكب في العالم.
وتسعى المدعية العامة إلى فتح تحقيق بجرائم ارتكبت عام 2003 من جانب القوات الأفغانية ومقاتلين من طالبان، لكن أيضاً من جانب القوات الدولية، خصوصا الأميركية.
عقوبات أمريكية
وأجازت المحكمة للمدعية العامة أيضاً التأكد من أفعال تعذيب منسوبة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي ايه) في أفغانستان، وفي دول أخرى أيضاً، مثل بولندا ورومانيا، إلى حيث نقلت الوكالة الأميركية سجناء على صلة بالنزاع الأفغاني.
وقال القاضي إن الأمر يتعلق "بجرائم حرب مزعومة متعلقة بالتعذيب والمعاملة القاسية وإهانة كرامات الأشخاص والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ارتكبت في سياق نهج سياسي من جانب عناصر في وكالة المخابرات المركزية الأميركية".
واعتبرت المحكمة الجنائية الدولية في نيسان/ابريل أن فتح تحقيقات بشأن جرائم مماثلة في هذا البلد الذي تمزقه الحرب "لا يخدم مصالح العدالة".
اقرأ أيضا: واشنطن تلمح لفكرة استخدام "مرتزقة" في حربها بأفغانستان
ويأتي القرار الجديد بعد أسبوع فقط من رفض الولايات المتحدة منح تأشيرة دخول للمدعية العامة في المحكمة فاتو بنسودة التي أشادت بـ"انتصار عظيم".
وعارضت إدارة ترامب بشدة فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في أفغانستان. وأعلنت الولايات المتحدة، غير المنتمية للمحكمة، منتصف آذار/مارس الماضي عقوبات غير مسبوقة ضد هذا الجهاز القضائي الدولي، مع فرض قيود على منح تأشيرات دخول لأي شخص "مسؤول مباشرة" عن هذا التحقيق "ضدّ عسكريين أميركيين".
واستأنفت بنسودة في أيلول/سبتمبر قرار القضاة رفض فتح التحقيق، الذي انتقدته جماعات للدفاع عن حقوق الإنسان، واعتبرته ضربة قاسية "لآلاف الضحايا".
ودعا مكتب المدعية العامة الذي بدأ في عام 2006 درسا أوليا للوضع في أفغانستان، إلى جانب ممثلين لضحايا النزاع الأفغاني، من جديد إلى فتح التحقيق خلال جلسات استماع عقدت في كانون الأول/ديسمبر.
واعتبرت غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية الخميس أن الغرفة الابتدائية قد "ارتكبت خطأ" في اعتبارها ان فتح التحقيق لا يخدم العدالة.
ومع نهاية الجلسة أعلنت المحامية عن الضحايا كاثرين غالاهير "لقد خسرنا عامين إضافيين بسبب هذا الخطأ".
وأكدت لفرانس برس أن حكم الاستئناف "ليس فقط ضربة للإدارات الأميركية التي تريد أن تكون مرتبطة بسيادة القانون، لكن أيضا انتصار لمن يؤمنون بأن المعتقلين يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية وأنه يجب حماية المدنيين".
وأعلن بارام-بريت سينغ من منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية أن القرار "يرسل إشارة ضرورية إلى المرتكبين الحاليين أو المحتملين للانتهاكات: العدالة ستطاركم في يوم من الأيام".
الجنائية الدولية تسمح بفتح تحقيق بجرائم حرب في أفغانستان
بدء هدنة في أفغانستان تشكل شرطا لاتفاق تاريخي
"نيويورك تايمز" تثير جدلا بنشرها مقالا لقيادي في "طالبان"