دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء البرلمان
العراقي إلى إلغاء التصويت على إقرار
قانون "حرية التعبير والجرائم المعلوماتية" لما يشكله من خطر كبير على
الحريات العامة في البلاد، ومخالفة للقوانين والمواثيق الدولية ذات العلاقة.
وعدّ المرصد الأورومتوسطي، الذي يتخذ من جنيف مقرًا له، في بيان أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، السعي المستمر لإقرار مشروع القانون المذكور انفصامًا عن الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي وأبرز مطالبها صون حرية الرأي والتعبير.
ونبّه المرصد الحقوقي الدولي إلى مخاطر تكريس نكسة إضافية لمسار حرية الرأي والتعبير في العراق في حال إقرار قانون "حرية التعبير والجرائم المعلوماتية" كونه يؤطر لعقوبات شديدة تترتب على تهم فضفاضة تحتمل التأويل ويمكن أن تستخدم في الانتقام من المعارضين والخصوم السياسيين ومنع التظاهر السلمي.
ووفق بيان "الأورومتوسطي فإن مشروع القانون يفتح المجال لإساءة استخدام السلطة ويؤسس لحالة من القمع وتكميم الأفواه وتقييد الحريات العامة كحرية التعبير والتظاهر السلمي، خاصة في صيغته الحالية التي تحوي نصوصًا فضفاضة وغير محددة تمتد لتشَمل حقوق وأفعال مباحة، يقابلها عقوبات قاسية لا تتناسب مع الأفعال المرتكبة.
وسجل المرصد الأورومتوسطي عدة ملاحظات على قانون حرية الرأي والتعبير الذي يعود طرحه أول مرة إلى عام 2011، وقد رفض مجلس النواب تمريره لأكثر من مرة، لاحتوائه على العديد من المغالطات، وعدم إلمامه بكافة جوانب الحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي والدستور العراقي.
وذكر أن مشروع القانون يتضمن جملًا كثيرة مكررة ومتعارضة مع بعضها، وتنقصها عدم الدقة في التعابير لمفردات حرية التعبير ورهنها بعبارات فضفاضة مثل "بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة" وهو ما يتنافى مع طبيعة التزامات العراق تجاه الاتفاقيات والمواثيق ذات العلاقة المصادق عليها، فضلًا عن تعارضه مع مواد الدستور العراقي وابتعاده عن مبادئ حقوق الإنسان.
وأشار إلى أنّ ذلك يتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادق عليه العراق عام 1971، إذ نصت المادة (19) منه بأن "لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة"، و"لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ مشروع القانون ابتعد كثيرًا عن موضوعه، إذ اهتم بحق المعرفة والحرية الانتخابية والبحث العلمي وهذه الحقوق لها مكانتها الخاصة بها، وخلط حرية التجمع بحرية التظاهر السلمي رغم وجود مواد قانونية صريحة في الدستور تفرق بين طبيعتهما ومقصدهما، لكون الاجتماع والتظاهر لا يمثلان إلا وسيلة أو أداة للتعبير عن الرأي.
ويقيّد مشروع القانون كذلك حرية التعبير والتجمع، وينتقص منها بشكل كبير، وهو ما يتعارض مع فحوى القانون كما جاء في المادة (2) منه، وهو ضمان وتنظيم حرية التعبير عن الرأي، واشترط الإذن المسبق في هذا الحق بما يخالف الحق في التجمع السلمي من دون قيود. كما يخالف المادة (21) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تنص على أن: "يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي".
ولفت إلى أن مشروع القانون تضمن تداخلًا بين صلاحيات مفوضية حقوق الإنسان مع القضاء، فيما جاءت الأحكام الختامية والعامة بقواعد عقابية انتزعت روح قانون حرية التعبير، وتضمنت قيودًا على حق حرية التعبير فضلا عن مخالفتها للمادة (46) من الدستور العراقي.
وقال الباحث في المرصد الأورومتوسطي عمر عبد الله أنّ مشروع القانون يستهدف على ما يبدو فرض عقوبات وحشية وقاسية كأداة قمع جديدة لحرية الرأي والصحافة بغرض تكميم الأفواه، بما يشكل انتهاكًا للدستور العراقي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.