سخر خبراء
اقتصاد ومسؤولون سابقون من تصريحات، رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بشأن
توجيهاته بضرورة خفض الدين العام، ومراعاة الفئات الأكثر احتياجا والتخفيف من
أعبائهم، في الوقت الذي قفزت ديون مصر الخارجية 17.4% على أساس سنوي بزيادة بلغت
16.2 مليار دولار، لتصل إلى 109.36 مليارات دولار، وفق البنك المركزي.
وكان السيسي
قد اجتمع مع محافظ البنك المركزي، طارق عامر، نهاية الأسبوع الماضي لاستعراض
السياسة النقدية، ووجه بمواصلة العمل على خفض الدين العام والحد من التضخم، وضرورة
مراعاة الفئات الأكثر احتياجاً والتخفيف من أعبائهم.
ومع استمرار
سياسة السيسي في زيادة رسوم الخدمات كافة، والتوسع في تحصيل الضرائب من المواطنين،
تستهدف وزارة المالية تحقيق حصيلة ضريبية بنحو 856.6 مليار جنيه (55 مليار دولار)
خلال العام المالي الجاري كله، بنسبة زيادة 16.4%، عن العام الماضي، حيث تمثل نحو
80 % من موازنة الدولة الكلية.
فلسفة متناقضة
وزير التخطيط
والتعاون الدولي، الأسبق، عمرو دراج، أكد أن "هناك تناقضا في تصريحات السيسي تكشف عشوائية القرارات
الاقتصادية"، مشيرا إلى أن "الفلسفة التي تتبناها الدولة لزيادة مواردها
هي الضرائب لتمويل الموازنة العامة، والسيسي ليس لديه وسيلة أخرى لتدبير موارد
إضافية أكثر، في ضوء الفشل التام في زيادة الإنتاج".
وفي تصريحات
خاصة لـ"عربي21"، عزا هذا الفشل في جزء منه إلى "توسع الجيش في
الأعمال والمشروعات الاقتصادية، وبالتالي الاقتصاد يفقد القدرة على النمو نتيجة
عدم قدرة القطاع الخاص على زيادة الإنتاج وتوفير فرص عمل وتحقيق نمو حقيقي".
وأعرب عن
استغرابه من توجيه السيسي للمسؤولين بالحد من التضخم، وخفض الدين، قائلا:
"توجيه السيسي بحدة للمسؤولين يبدو كما لو كان في ثكنة عسكرية، التحسن
الاقتصادي لا يأتي بهذا الشكل، هناك خطوات اقتصادية يجب اتخاذها وآليات مختلفة يجب
اتباعها".
اقرأ أيضا: مصر تجري مفاوضات مع صندوق النقد بشأن مساعدات جديدة
ورأى الوزير
الأسبق، أن "السياسات الاقتصادية طوال السنوات الماضية كانت تزيد التضخم،
والزيادة الأخيرة وإن تراجعت فهي تأتي من أعلى نقطة وصل لها التضخم، ولا يعني أنها
تراجعت، بل إن تراجعها يعد مؤشرا سلبيا حيث يعني أن الاقتصاد يتجه نحو الانكماش بسبب
قلة الدخول، وتراكم المخزون السلعي للشركات والمصانع".
تخبط وفشل
اقتصادي
من جهته؛ قال
مستشار وزير التموين الأسبق، عبدالتواب بركات، لـ"عربي21": "يواجه
الاقتصاد المصري أزمة خطيرة تتلخص في تراجع الإنتاج المحلي؛ بسبب زيادة أعباء
المنتجين نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والنقل والتشغيل، علاوة على تكاليف
المواد الخام".
ورأى أن هذا
التناقض يتضح في "زيادة القروض والإنفاق العام في مشروعات غير إنتاجية ودون
دراسات جدوى، زادت أعباء الديون وانخفضت الاستثمارات الحكومية المولدة لفرص العمل،
ووصل دعم المصانع والمزارعين إلى صفر، وفق تقرير وزارة المالية النصف سنوي.".
وتابع:
"ما يجعل مطالبة السيسي بخفض الدين وهو مستمر في الاقتراض من الداخل والخارج
وبتخفيف الأعباء على للمواطن، وهو من يفرض الضرائب ويرفع الدعم ليتمكن من سداد
فوائد الديون، تناقض يكشف عن جهل رأس النظام بقواعد الاقتصاد البسيط وفساد في
الإدارة، وهو ما يعرض المواطنين والمنتجين للأزمات المالية المتصاعدة، وبالتالي
يزيد الرفض الشعبي والاحتقان داخل المجتمع".
خطاب مزدوج
وقال المستشار
السياسي والاقتصادي الدولي، حسام الشاذلي، "لا شك أنه بات من الواضح أن
الخطاب مزدوج المعايير الذي ينتهجه السيسي وحكومته هو امتداد لميراث الخداع
والتضليل وامتهان الوطنية الكاذبة والذي عانت منه مصر منذ تولي العسكر الحكم في
1952".
وأضاف
لـ"عربي21": :لا يمكن بأي حال من الأحوال إحصاء عدد الكذبات الاقتصادية
والسياسية التي عاشها المصريون على مر السنين في ظل حكم فاشل على جميع الجبهات،
ولكن نظام السيسي منذ تولي حكم مصر كان بارعا في استخدام خطاب مزدوج
المعايير".
وأوضح:
"فهو دائما يخاطب المجتمع الدولي لتوصيل رسائل خادعة تستخدمها أذرعه
الإعلامية عندما يتحدث عن تحسين مستوى المعيشة وعن خفض الدين وعن العدد اللامتناهي
من المشاريع وعن مؤتمرات الشباب، وهي جميعها رسائل تمتص غضب المجتمع الدولي وتصنع
حالة من التوازن في مقابل تقارير انتهاكات حقوق الإنسان وتفشي الفقر والمرض وغياب
منهجية الحكم الرشيد".
تحصين "صندوق مصر" من الطعن القضائي.. هل يشرعن الفساد؟
كيف يهدد بيع بنك القاهرة الأمن القومي والاقتصاد المصري
"حصار القلاع".. هل ينهار قطاع الصناعة في مصر؟ (ملف)