تتجه حكومة السودان إلى تسليم الرئيس السابق،
عمر البشير، إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، في إطار اتفاق للسلام أبرمته
الثلاثاء مع حركات متمردة في دارفور.
وسيكون الرئيس السوداني السابق عمر البشير، ضمن
عدد من المسؤولين الذين ستسلمهم الخرطوم للمحكمة الجنائية على خلفية اتهامهم
بجرائم حرب، وفقا لما ذكره مصدر حكومي رفيع في السودان لـCNN الثلاثاء.
وكجزء من الاتفاق المبرم بين الحكومة وحركة
المتمردين، وافق المجلس السيادي على تسليم عدد من المسؤولين السابقين المطلوبين
للمحكمة.
جاء ذلك في تصريحات إعلامية أدلى بها محمد
الحسن التعايشي، المتحدث باسم وفد التفاوض للحكومة السودانية في مفاوضات للسلام
تجرى في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
دفع عملية السلام بشروط
وأثار هذا القرار تساؤلات عن احتمالية دفع
عملية السلام بين الحكومة والحركات المسلحة إلى الأمام كنتيجة لذلك، وما إذا كان سيساهم في
تذليل العقبات أمام استمرار التفاوض بين الطرفين.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي، خالد الإعيسر، إلى أن الخلاف الأساسي بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، أساسه أن الأخيرة
تريد أن ترى خطوات عملية على صعيد تنفيذ استحقاقات العدالة المتعلقة بملفات دارفور
وأهمها تسليم المتهمين لمحكمة الجنايات الدولية، وهذا الأمر تعتبره خطوة أساسية
ومحورية على طريق الوصول لسلام دائم.
وأكد الإعيسر على أن قرار التسليم ربما يدفع إلى تسريع عملية السلام، مستدركا بالقول: "ولكن ما لم يصدر تصريح رسمي من المجلس
السيادي وحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بأنهم جادون في تسليم المطلوبين
للجنائية بموافقة المؤسسة العسكرية ونيل ثقة ودعم الاتحاد الأفريقي، فستكون
هذه الخطوة مجرد تلويح كما حدث في السابق،
حفاظا على استمرار الشراكة بين الحاكمين وضمان سير المفاوضات".
وتابع في حديث لـ"عربي21": "لكن
إن تمت هذه الخطوة فستحقق قدرا من الثقة من جانب الحركات المسلحة، ولكن يبقى هناك
أمر عالق وهو أن القرار الذي عبر عنه التعايشي يتطلب رضا المؤسسة العسكرية في
السودان".
وتساءل: "هل سينعكس سلبا على شكل عقوبات قد تصدر من قبل الاتحاد الأفريقي، باعتبار أنه يقاطع محكمة الجنايات الدولية؟ وهذا ربما ستكون له انعكاسات على السودان داخل منظومة الاتحاد الأفريقي".
ولفت إلى أنه يجب انتظار تأكيد أن القرار صادر
عن المجلس السيادي بمكونيه العسكري والمدني، وليس صادرا عن شخص يمثل التيار
المدني فقط، عندها يمكن القول بأنه سيدفع عملية السلام.
ونوه الإعيسر إلى أن مسألة تسليم المتهمين
بجرائم حرب قضية "خطرة تعد قنبلة موقوتة في مسيرة العلاقة بين المكونين المدني
والعسكري في الحكومة الانتقالية، وتيرمومتر لاستمرار الشراكة واستقرار السودان
نفسه لما لها من تشعبات قبلية وخلفيات تنظيمية وارتباطات مباشرة بالمؤسسات الأمنية
والعسكرية".
وأوضح أن "التسليم ربما يُغضب المؤسسات
العدلية، لأنه يؤكد بصورة قاطعة عدم قدرة القضاء الوطني على أداء مهامه، ومعلوم أن
نظام روما ينص على أن المحكمة الجنائية الدولية، المنشأة بموجب هذا النظام الأساسي
ستكون مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية".
إنصاف الضحايا
من جهته أشار المحلل السياسي السوداني محمد
الأسباط إلى أن قرار تسليم البشير للجنائية يأتي "لإنصاف الضحايا، وإنصافهم هو
سمة من سمات العدالة التي تمثل ركنا أساسيا، من شعارات ثورة ديسمبر المجيدة وهي الحرية
والسلام والعدالة".
وأوضح لـ"عربي21" أن الضحايا "يمثلون
قطاعا واسعا جدا من السودانيين، وليس فقط أعضاء الحركات المسلحة، بالتالي فإن هذا
القرار هو خطوة في الطريق الصحيح لإقرار العدالة، لا سيما أن القضاء السوداني تعرض
طوال الثلاثين عاما الماضية لحالة من التخريب والتدخلات السياسية، الأمر الذي لا
يؤهله للنظر في قضايا مثل جرائم الحرب".
ترتيبات أمنية
وحول امكانية دفع عملية السلام بين الحركات
المسلحة والحكومة الانتقالية نتيجة لقرار تسليم البشير قال الأسباط: "لا يوجد
عداء بين الحكومة الحالية والحركات المسلحة، فالأخيرة جلها من أعضاء قوى
الحرية والتغيير التي تشكل الحكومة، فهي التي أعلنت رئيس الوزراء ورشحت له شخصيات
ليختار منها الوزراء".
وأضاف: "بالتالي فإن موضوع السلام أصبح قضية
ترتيبات أمنية وعملية تقاسم السلطة والثروة والعدالة، وهذا القرار سوف يسهم
بشكل كبير جدا في عملية إنصاف الضحايا".
وحول إمكانية مساهمة قرار التسليم في جلوس من
كان يرفض الحوار والتفاوض مع الحكومة كحركتي عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز
الحلو، أشار الأسباط إلى أن نور "لم يلتحق بالمفاوضات حتى الآن، ولكنه في
طريقه للحاق بها، وقد يساهم قرار التسليم في جلوسه على طاولة المفاوضات حيث كان أحد
شروطه".
هل يؤثر لقاء البرهان نتنياهو على تماسك المجلس السيادي؟
هكذا تفاعل السودانيون مع لقاء البرهان ونتنياهو (صور)
شاب سوداني يروي قصة تجنيده من الإمارات للحرب في ليبيا