أعادت شبكة
"نتفليكس"، إحياء عملية سرية لجهاز
الموساد الإسرائيلي، عبر
فيلم عن
منتجع "عروس"
السوداني، الذي كان مسرحا لعملية
تهريب لآلاف
اليهود
الفارين من إثيوبيا، في ثمانينيات القرن الماضي.
وكتب الفيلم وأخرجه جدعون راف وشارك في بطولته كريس إفانز نجم أفلام
الخوارق مثل سلسلة كابتن أميركا، كما أنه أحد نجوم سلسلة الخوارق "الرائعون
الأربعة" حيث يقوم بدور الشعلة البشرية.
ومن نجوم الفليم أيضا هيلي بنيت وأليساندرو نيفولا اللذان يلعبان دور
عميلين في الموساد، وبن كنغسلي الذي قام بدور المشرف على عملية سحبهم من المنتجع.
وتم تصوير الفيلم في ناميبيا وجنوب أفريقيا.
ويدور الفيلم حول حكاية حقيقية لإنقاذ اليهود الإثيوبيين في أوائل
الثمانينيات في ما كانوا يحاولون الهروب من المجاعة ونظام الحكم الإثيوبي وقتها
بزعامة مانغستو هايلا ماريام.
ويلعب إيفانز دور العميل الذي أدار العملية مستخدما المنتجع الصحراوي
كواجهة.
يقول المنشور السياحي للمنتجع: "عروس قرية سياحية على البحر الأحمر،
منطقة رائعة لممارسة رياضة الغطس، ومركز للترفيه الصحراوي في السودان".
وكانت هيئة السياحة في السودان سعيدة بوجود المستثمرين الأوروبيين الذين
عملوا بدورهم على جذب السياح الأجانب.
لكن القصة كلها كانت خدعة، فالواحة الصحراوية التي توجد فيها منشآت مميزة
ورياضات مائية وقبلة لهواة الغوص ووافرة الطعام الطازج والكحول كانت مجرد واجهة،
فمنتجع الغطس على البحر الأحمر كان له هدف آخر.
ففي بداية الثمانينيات قام الموساد بإطلاق المنتجع وإدارته كغطاء لعملية
غير عادية لتهريب آلاف اليهود الإثيوبيين العالقين في مخيمات اللاجئين في السودان
ونقلهم لإسرائيل.
وبفعل العداء بين إسرائيل والسودان، كان لا بد من القيام بالمهمة بشكل سري
ودون ضوضاء سواء هناك أو في إسرائيل، لدرجة أن العملاء لم يتحدثوا عنها حتى لأسرهم.
في سبعينيات القرن الماضي شهدت إثيوبيا حرباً أهلية فنزح الكثيرون إلى
السودان هربا منها ومن الأزمة الغذائية التي ضربت إثيوبيا في ذلك الوقت، ومن بين
النازحين كان هناك اليهود الإثيوبيين.
وكانت إسرائيل قد بدأت فوراً بعمليات محدودة للإنقاذ حيث تم إخراج بعض
الإثيوبيين بمستندات مزورة إلى بعض الدول الأوروبية ومنها لإسرائيل.
وينتمي يهود إثيوبيا لطائفة يطلق عليها بيت إسرائيل وأصولهم غامضة.
ولقرون "كانت نظرية بارزة ترجع إلى 950 عاما قبل الميلاد تتحدث عن
أنهم نسل ابن الملك سليمان وملكة سبأ الذين هربوا من حرب أهلية في إسرائيل القديمة
أو ذهبوا إلى المنفى بعد تدمير الهيكل عام 586 قبل الميلاد".
وفي أوائل سبعينيات القرن الماضي "أقر كبير حاخامات إسرائيل رسميا
وجهة النظر القائلة إن بيت إسرائيل ينتمون إلى إحدى قبائل إسرائيل العشر المفقودة
التي اختفت بعد تعرض ممكلة إسرائيل للغزو في القرن الثامن قبل الميلاد".
وقد انعزل يهود إثيوبيا عن بقية يهود العالم لنحو ألف عام ويعتقد أنهم
المتبقون من القبائل المفقودة.
وفي السبعينيات هرب فريدي أكلوم، وهو من يهود الفلاشا وكان مطلوبا من
السلطات الإثيوبية لـ"نشاطه المعادي للحكومة وتشجيعه اليهود على الهجرة
لإسرائيل"، إلى السودان ضمن موجة نزوح من اللاجئين الإثيوبيين من غير اليهود ومن
هناك راسل وكالات الإغاثة مناشدا المساعدة للذهاب لإسرائيل وقد وجدت إحدى رسائله
طريقها للموساد وصدرت التعليمات بالعمل على تهريب اليهود الإثيوبيين للسودان ثم من
السودان إلى إسرائيل.
ويقول العميل داني: "لقد بحثنا عن فريدي في الخرطوم حتى وجدناه وقد بعث
برسائل إلى قومه في إثيوبيا يبلغهم فيها بأن الطريق إلى القدس يمر عبر السودان
وعليهم أن يتبعوه".
وكان ساحل السودان على البحر الأحمر يمثل فرصة لتسريع وتيرة عمليات إخراج
اليهود الإثيوبيين من هناك.
وساعدت البحرية الإسرائيلية في نقل عناصر من الموساد لتفقد المنطقة وقاموا
باختيار موقع القرية.
كان مستثمرون إيطاليون قد بدأوا المشروع عام 1972 ثم توقفوا لعدم وجود
كهرباء ومياه أو حتى طريق للوصول للقرية.
وقال أحد العملاء والذي لم يكشف عن هويته: "إنه مكان يصعب إدارته إذا
لم يكن الموساد وراءك".
فقد قام عدد من العملاء بالتظاهر بأنهم ممثلون لشركة سويسرية وأقنعوا
السلطات السودانية بأنهم يريدون الاستثمار في موقع القرية التي استأجروها لمدة
ثلاث سنوات مقابل 250 ألف دولار.
ومن وقت لآخر كانت مجموعة من العملاء تغادر القرية مبلغة الطاقم المحلي
الذي تم توظيفه بأنهم ذاهبون للخرطوم بينما كانوا في الواقع يذهبون لتنفيذ عملية
تهريب مجموعة من اليهود الإثيوبيين من المعسكرات ليقطعوا بهم طريقا طويلا يصل لنحو
900 كيلومتر مروراً حتى يصلون للشاطئ حيث تقوم وحدات من البحرية وأحيانا القوات
الجوية الاسرائيلية بنقلهم.
ويقول أحد العملاء: "كانت عملية خطرة. فلو تم كشف أي منا لانتهى بنا
الأمر بإعدامنا في وسط الخرطوم".
وحققت عروس نجاحا كبيراً لدرجة أنها باتت مكتفية اقتصاديا ولا تحتاج إلى
الدعم المالي من الموساد وتم استخدام بعض عائدات المشروع في استئجار الشاحنات
لتهريب اليهود الإثيوبيين.
وكان من بين ضيوف عروس وحدة جيش مصرية وقوة بريطانية ودبلوماسيون أجانب من
الخرطوم ومسؤولون سودانيون.
وبحلول عام 1984 ضربت المجاعة السودان فتقرر تسريع وتيرة عمليات الإخراج
ومع تدخل الولايات المتحدة وافق الرئيس السوداني السابق جعفر نميري على نقل
اللاجئين اليهود جوا مباشرة من الخرطوم لأوروبا مشترطا أن تتم العملية بسرية وشملت
العملية القيام بـ 28 رحلة جوية نقل خلالها 6 آلاف و380 من يهود إثيوبيا إلى
بروكسل ومنها لإسرائيل في عملية أطلق عليها "موسى".
وفي عام 1985 كُشف أمر العملية فتوقفت على الفور، وبعد ذلك أطيح بنميري في
انقلاب عسكري وشرع النظام الجديد على الفور في البحث عن "جواسيس
الموساد" الحقيقيين أو الوهميين.
فأصدر رئيس الموساد تعليماته بإخلاء المنتجع على الفور وهو ما تم في اليوم
التالي.
وقال أحد العملاء: "غادرنا القرية في عربتين إلى الشمال حيث التقطتنا
طائرة شحن عسكرية من طراز سي 130 وأعادتنا إلى إسرائيل. لقد كان هناك سياح في
القرية. استيقظوا في اليوم التالي ليجدوا أنفسهم لوحدهم في الصحراء".
وفي السنوات الست التالية نفذت المزيد من العمليات ووصل نحو 18 ألفا من
يهود الفلاشا لإسرائيل.