بدأ رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد توفيق علاوي، مشاوراته السياسية لتشكيل حكومته، وسط تصاعد المظاهرات الشعبية في وسط وجنوب البلاد، الرافضة لتسميته رئيسا للحكومة الانتقالية.
عملية تشكيل الحكومة الجديدة، أثارت تساؤلات حول شكلها المتوقع، وهل ستعتمد التقسيمات الطائفية والقومية ذاتها في توزيع الوزارات؟ وما هي المساحة الممنوحة له من الكتل السياسية، وكذلك الأولويات التي ستبدأ بها؟
شكل الحكومة
النائب في البرلمان العراقي عبد الخالق العزاوي، قال في حديث لـ"عربي21" إن "رئيس الوزراء اجتمع، الاثنين، بعدد من النواب، وأكد أنه يسعى إلى تشكيل حكومة كفاءات من المستقلين، وفي المقابل أكدت الكتل السياسية أنها لن تتدخل في حكومته".
وأكد العزاوي، الذي كان حضر اللقاء، أن "علاوي تحدث بوضوح أن أي تدخل من الأحزاب في تشكيل حكومته، فإنه سيقدم استقالته فورا، التي قال" إنها جاهزة لتقديمها في أي لحظة".
وأوضح النائب عن تحالف "المحور الوطني" بزعامة السياسي خميس الخنجر، أن "الكتل السياسية أعطت لعلاوي صلاحية اختيار أعضاء حكومته بكل حرية، شريطة أن يختارها وفق خبرته وتواصله مع الشخصيات المستقلة والنزيهة".
أما النائب عن كتلة "الجماعة الإسلامية الكردستانية" أحمد الحاج رشيد، فقال لـ"عربي21" إنه "من خلال اللقاءات والتواصل مع محمد توفيق علاوي قبل تكليفه برئاسة الحكومة، وبحسب خطابه، فإن الحكومة ستكون من المستقلين وأصحاب الكفاءات".
وأشار الحاج رشيد إلى أن "محمد توفيق علاوي كما أعرفه لا يقبل إملاءات الغير، ولا يقبل إلا ما يراه صحيحا بمشاورة الآخرين، وبالتالي إذا تغير ورأينا عكس ذلك، فسيسقط بنظرنا ونظر الآخرين".
من جهته، قال النائب جاسم البخاتي عن "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، إنه "يأمل مغادر حالة الهيمنة والمحاصصة، التي أصبحت وبالا، وتأثيرها كان سلبيا على المجتمع العراقي، من تبعات اقتصادية، وتراجع في الخدمات، والوزير يعمل لحزبه، ولا يعمل للمواطن والبلد".
وأضاف البخاتي لـ"عربي21" أن الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء المكلف "كان شاملا، وطرح مجموعة من النقاط، ومنها أن يأتي بوزارات بعيدة عن التحزب والمحاصصة، لا بأس أن تكون فيها نكهة تعبر عن المكونات، لكن في الوقت نفسه تكون فيها مواصفات التكنوقراط والنزاهة والمهنية، وهذا ما يجب أن يتوفر في الوزير".
ولفت إلى أن "الانسداد السياسي وعدم تفاهم الكتل الكبيرة على عملية تمرير شخصية رئيس الحكومة طيلة أربعة أشهر مضت، هو كفيل بعملية إعطاء الضوء الأخضر لرئيس الوزراء المكلف، باختيار وزرائه من دون النظر إلى حجم الكتل السياسية".
التوازن الطائفي
وبخصوص التوازن الطائفي والعرقي في الحكومة، قال النائب العزاوي إن "الدولة العراقية منذ تأسيسها في عام 1918 كانت تأخذ بنظر الاعتبار التنوع في البلد، ولا أعتقد أن رئيس الحكومة المكلف سيغفل ذلك".
وأكد أن "الكتل السياسية لا تمانع في إعطاء الحرية لرئيس الحكومة لأن يأتي بمن يشاء، حتى لو جعلها كلها من مكون واحد أو طائفة واحدة، المهم أن يقدم حكومة تصب في صالح البلد، وتحل أزماته".
وبحسب النائب أحمد الحاج رشيد، فإن "المادة 105 من الدستور تؤكد ضرورة مراعاة مسألة التوازنات، فضلا عن أنها أصبحت عرفا في المشهد السياسي بالبلد، على سبيل المثال: رئيس الجمهورية كردي، والبرلمان رئيسه سني، وللحكومة رئيس شيعي، وبالتالي هذا التوازن لا بد أن يأخذ حيزه بحيث ينتمي الكل لهذه الدولة".
وفي حال استبدل مواقع الوزراء بين المكونات، فماذا يكون رد الفعل لدى الكتل السياسية؟ قال النائب الكردي: "بالنسبة لنا، لا نمانع في استبدال المواقع وفقا للضرورة ومصلحة البلد".
ولفت إلى أن "الكتل الأخرى أيضا لا تمانع، فالشيعية الذين يخافون من مسألة الانقلابات يقولون إنه لا اعتراض لديهم إذا منحت لهم وزارة الدفاع ويأخذ السنة الداخلية، بحيث يستقر الوضع الأمني في البلد، شريطة أن يكون التوازن من حيث التمثيل، وليس للمحاصصة".
واتساقا مع ذلك، توقع النائب جاسم البخاتي أن "يجري علاوي تغييرا في مواقع الوزارات المخصصة لمكونات بعينها، لأنه اليوم هو حر في عمله واستبدالها، حتى لا تكون حكرا على الطائفة الفلانية".
وشدد على ضرورة أن "تكون هناك خطة حكومية تنهي عمل المحاصصة الرتيب، أعتقد أن هذه الحكومة ستغادر هذه الحالة، وتعطي رسالة إيجابية للمجتمع، وهذا ما نتمنى أن تتحلى به الحكومة".
أولويات الحكومة
ورأى البخاتي أن "حكومة علاوي قد يكون عمرها سنة أو أكثر للإعداد للانتخابات، لأن البيئة غير آمنة اليوم لإجرائها باعتبار هناك مظاهرات وتدهور في الأمن وانطاع عن الدوام. يجب أن تعطي الحكومة رسالة إيجابية تكون فيها البيئة مناسبة والمفوضية مهيأة والأموال مخصصة لإجراء انتخابات مبكرة".
وأكد أن "أولوية الحكومة هي التحقيق في دماء شهداء المظاهرات، واستيعاب البطالة، والانتخابات"، لافتا إلى أن "رئيس الحكومة وضع كل هذه النقط وغيرها أمامه، وأن جميع الكتل السياسية ستدعمه".
ولفت البخاتي إلى أنه "من السهل تمرير وزارات علاوي في البرلمان، باعتبار أن العراق يمر بمنعطف خطير، ويجب أن يضحي الجميع، والتنازل عن مكاسبهم، مقابل استقرار الوضع في البلد".
وفي السياق ذاته، قال النائب أحمد الحاج رشيد إن "علاوي ألزم نفسه بمجموعة من المبادئ الأساسية لحكومته، إذا طبقت فمن الآن نؤيده ونسانده وندعمه بما أوتينا من قوة في البرلمان لجمع أكبر قدر من الأصوات للتصويت لصالح حكومته".
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد كلف، السبت، وزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي، برئاسة الحكومة الانتقالية، خلفا للمستقيل عادل عبد المهدي، لكن المحتجين قابلوه بالرفض، واتهموا القوى السياسية بالالتفاف على مطالبهم.
وأكد علاوي في خطابه الأول بعد التكليف، أنه لا يستحق المنصب إذا لم يحقق مطالب المتظاهرين، متعهدا بتعويض أسر "شهداء" المظاهرات، ومعالجة الجرحى، وإقرار قانوني الأحزاب، ومن أين لك هذا؟ وكذلك محاربة الفساد، وإصلاح الاقتصاد، وفرض هيبة الدولة، وإجراء انتخابات مبكرة، وتشكيل حكومة مستقلة دون تدخل الأحزاب.
متظاهرو العراق والتيار الصدري.. توتر متصاعد ينذر بالصدام
رفض واسع لتكليف علاوي على مواقع التواصل بالعراق
لماذا اهتزّت مكانة المعممين في العراق بعد تظاهرات أكتوبر؟