نشرت
صحيفة "
ذي فيجون" الإيطالية تقريرا، سلطت فيه الضوء عن مظاهر التعصب والكراهية
والعنصرية ضد
الصينيين، على إثر ظهور فيروس
كورونا الجديد.
وقالت
الصحيفة تقريرها في الذي ترجمته "عربي21" إنّ الخوف من الإصابة بعدوى
بفيروس كورونا الجديد جعل بعض الصحف العالمية تنشر الأكاذيب والإشاعات التي تنصح
بتجنب الأشخاص ذوي العرق الصيني، وتجنب المناطق ذات الحضور العالي للصينيين. بات
السياح الصينيون في العالم محل سخرية وشتم. ومن جهتها،
تحاول منظمة
الصحة العالمية جاهدة منع مظاهر العنصرية.
بيّنت
الصحيفة أنّه مع انتشار الأخبار المتعلقة بفيروس كورونا الجديد، الذي ظهرت أولى
حالات الإصابة به في مدينة ووهان الصينية، ثم انتشر بسرعة على نطاق عالمي، زادت
حالات رهاب الأجانب تجاه الأشخاص ذوي الأصل الصيني. وذكرت السي إن إن أنّ الصحف
العالمية ساهمت بشكل كبير في تصعيد مظاهر
التمييز.
وبرزت
مظاهر رهاب الأجانب في أستراليا أيضا، حيث تم نشر إعلانات كاذبة على وسائل التواصل
الاجتماعي المختلفة، تنصح بضرورة تجنب المناطق ذات الحضور العالي للأشخاص ذوي
الأصول الصينية، كما تحدثت الصحيفة الأسترالية هيرالد سان عن فيروس كورونا، وأثار
الخبر بلبلبة لدرجة أنّ الجالية الصينية في أستراليا قدمت عريضة للحصول على اعتذار
رسمي.
أوضحت
الصحيفة أنّه حتى الإيطاليين أصيبوا برهاب الأجانب تجاه الجالية الصينية، على
الرغم من أن المؤسسات المختصة، أكدت مرارا وتكرارا أن الوضع تحت السيطرة، وأنهم
وضعوا تدابير وقائية، وأنّ السائحين الذين أصيبا بهذا المرض في حالة جيدة، بيد أنّ
الهجوم الإعلامي من خلال نشر عناوين أو منشورات عديدة حول هذا الفيروس الخطير خلق
حالة من الرعب الجماعي.
ليست
مظاهر تعصب الأجانب تجاه الأقليات العرقية بالأمر الحديث. وفي هذا السياق يمكن
التذكير بحادثة معهد سانتا سيسيليا الموسيقي في روما، الذي قرر مديره، روبرتو
جولياني، تعليق دروس الطلاب الصينيين واليابانيين والكوريين، إلى حين اجتيازهم
الفحوص الطبية كنوع من الحجر الصحي الوقائي لتجنب العدوى. ومع ذلك، فقد أثار هذا
الاختيار العديد من ردود الفعل السلبية من قبل المعلمين؛ لأنهم رأوا فيه نوعا من
التمييز العنصري، بصرف النظر عما إذا كان الطلاب قد زاروا الصين مؤخرا أم لا.
وأشارت
الصحيفة إلى أنّ التمييز العنصري ظهر تحديدا في البندقية وفلورنسا، حيث تعرض هناك
بعض السياح الصينيين للعنف اللفظي، ووقع مطاردة آخرين وإهانتهم والبصق عليهم.
بالإضافة إلى ذلك، ظهر شريط فيديو يسيء فيه رجل لزوجين صينيين كانا يتزهان قرب نهر
أرنو وشتمهم بأبشع النعوت وكما تم تعليق منشورات مكتوب عليها أن فيروس كورونا شراء
إيطالي من محلات صينية.
أوردت
الصحيفة أن أول من لاحظ هذا التمييز هم المواطنون الإيطاليون من أصل صيني، مثل
مموكا جينغ لين، وهي طالبة جامعية في الدراسات الإعلامية بروما. تحاول جينغ لين،
من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام، التصدي للأخبار الزائفة
التي تُروج للرابط بين فيروس كورونا والأشخاص من أصل صيني الموجودين في إيطاليا. وقالت
في حوار أُجري معها إنها سبق أن عاشت هذا النوع من ردود الفعل في سنة 2003، عندما
تفشى فيروس سارس في الصين أيضا.
كانت
جينغ لين في التاسعة من عمرها حينها وما زالت تتذكر مدى شعورها بعدم الراحة في
إيطاليا والخوف المستمر من إخافة الناس. تعرض مطعم والديها لأزمة استمرت ستة أشهر،
وهو ما يحدث مرة أخرى اليوم. لذا، بات الحي الصيني في ميلانو في حي باولو ساربي،
وهي منطقة من المطاعم الصينية ومحلات البقالة ومحلات بيع الملابس بالجملة التي
عادة ما تكون مزدحمة للغاية، مهجورا.
وذكرت
الصحيفة أنه على الرغم من محاولات جينغ لين شرح أن وجود الصينيين لا يعني وجود
الفيروس أو التواجد في الصين خلال فترة الانتشار الأولي للعدوى، وفقا لاستطلاع نوتو، إلا أن 71 بالمئة من الإيطاليين يتجنبون المطاعم الصينية وشراء الطعام
الصيني.
ومع
ذلك، تشرح جيادا زانغ، وهي إيطالية من أصل صيني والمدير الإداري لمجموعة مولان
الواقع مقرها في مقاطعة كريمونا، أن منتجاتها، مثل منتجات المطاعم الصينية الأخرى،
مستهدفة دون سبب، نظرا لأن المكونات المستخدمة تتأتى من موردين إيطاليين.
علاوة
على ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن للفيروس الانتقال من خلال منتجات
معبأة، كما أوضحت منظمة الصحة العالمية، ولا يوجد خطر في تلقي الطرود من الصين، لأن
الفيروس لا يعيش لفترة طويلة على أشياء مثل الطرود أو الرسائل، إذا لم يجد بسرعة
كائن حي يستضيفه.
في
هذا الصدد، أكدت منظمة الصحة العالمية بالفعل في سنة 2015 على مدى أهمية تقديم
التعريف الصحيح لأي أوبئة أو فيروسات من خلال محاولة تجنب الإشارة إلى الجنسية أو
العرق. تهدف أفضل الممارسات التي أشارت إليها منظمة الصحة العالمية على وجه
التحديد إلى منع ظهور سلوكات مثل تلك التي تحدث في هذه الفترة، أي وصم مجموعة
عرقية بأكملها. في هذه الحالة، يتمثل الاسم العلمي لهذا الفيروس بكورونا، ولكن،
تساهم تسميته "الفيروس الصيني"، في الزيادة حلقات التعصب غير
المبررة.
بالإضافة
إلى ذلك، تحاول منظمة الصحة العالمية أيضا تشجيع الناس على الاستفسار على موقعها
أو على مواقع السلطات الوطنية، أو على الصفحات الاجتماعية للأطباء والعلماء
المختصين، في محاولة لمواجهة الأخبار الزائفة المتداولة على شبكة الإنترنت أو على
الشبكات الاجتماعية.
وفي
الختام، أوردت الصحيفة أن مواطنين فرنسيين من أصل صيني أطلقوا حملة اجتماعية
"أنا لست فيروسا". ظهر النداء على موقع تويتر من طرف لو تشنج وانج، لينتشر على الفور في جميع أنحاء العالم. في الواقع، هناك فرق بين من ينشر
المعلومات الصحيحة وبين من يتنافس لكتابة العنوانين الأكثر كارثية وإثارة، دون
الأخذ بعين الاعتبار أننا نتحدث دائما عن الأشخاص.