رغم الإشادة الواسعة بقرارات السلطة الفلسطينية، التي أعلنها الرئيس محمود عباس في قمة وزراء الخارجية العرب السبت، والقاضية بقطع العلاقات مع إسرائيل وأمريكا على خلفية إعلان "صفقة القرن" الأمريكية، إلا أن شكوكا تحيط بإمكانية تطبيق هذه القرارات، في ظل الارتباط الوثيق بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالأمن والاقتصاد، إذ أن السلطة أطلقت تهديدات سابقة، أتبعت بقرارات شبيهة (قطع التنسيق الأمني)، لم تر النور حتى الآن.
وكان عباس، أكد أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، السبت، على رفض الفلسطينيين التام لصفقة القرن، ورفض بقاء الولايات المتحدة وسيطا وحيدا لأي عملية سلام مستقبلية.
وأعلن أنه أبلغ الولايات المتحدة وإسرائيل بإلغاء الاتفاقيات كافة معهما، بما في ذلك الاتفاقيات الأمنية، لافتا إلى أنه بعث رسالة إلى نتنياهو والمخابرات الأمريكية وأخبرهما فيها بقطع العلاقات والاتفاقيات كافة معهما، وأن على إسرائيل تحمل مسؤولياتها بصفتها دولة احتلال، معلنا انطلاق المواجهة السلمية "لا العسكرية"، لاسترداد الحقوق الفلسطينية.
وذكر عباس أنه سيتوجه قريبا لمجلس الأمن للطلب منه النظر في ما آلت إليه القضية الفلسطينية، وطلب الوقوف مع الحقوق الفلسطينية.
ويبقى السؤال، ما مدى واقعية قرارات عباس، وما مدى إمكانية تطبيقها؟
ومجيبا على هذا السؤال، قال الكاتب والمحلل السياسي، هاني حبيب، إن الانفكاك من اتفاقات أوسلو، خاصة الشق الأمني والاقتصادي، بما فيها "وقف التنسيق"، كانت قرارات سابقة للمجلس الوطني والمركزي، لكنها لم تر النور، لأنه "من الصعب أو من المستحيل قطع العلاقات، مع إسرائيل".
اقرأ أيضا: النشطاء: امتداح لموقف عباس من الصفقة وانتقاد للتنسيق الأمني
وأضاف في حديث لـ"عربي21" إنه "من الناحية الواقعية هذا غير ممكن على ضوء ارتباط الواقع الفلسطيني على كافة الصعد بدولة الاحتلال، وما صرح به عباس هو رد فعل سريع على تداعيات خطة ترامب أكثر مما هو حل للوضع الراهن".
ورأى أن "القيادة الفلسطينية أخفقت في وضع حلول مبكرة لمثل هذه القرارات، وهي الآن تتخذ قرارات تدرك من الناحية الواقعية أنها غير قادة على التنفيذ، وهذا يعني أننا امام مأزق فلسطيني جديد، بمعنى أننا نقرر ولا نستطيع التنفيذ".
وشدد على أنه "حين تقوم السلطة باصدار هذا القرار عليها أن توجد البديل، والبديل المطروح حاليا هو قلب الطاولة، أي تحميل إسرائيل كامل المسؤولية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال".
ومتفقا مع حبيب، قال المحلل السياسي، ساري عرابي، إن التجربة السابقة تشير إلى أن السلطة الفلسطينية غير جادة في تطبيق ما تقرره، وأن مثل هذه القرارات عبارة عن مناورات وخطابات إعلامية.
ورأى أن تجربة السلطة في اتخاذ السلطة للقرارات، "لا تمنح الفلسطينيين الثقة في أنها قادرة على التنفيذ، وهي لا تستطيع قطع العلاقات مع إسرائيل، لأن قيامها مرتبط ارتباطا وثيقا بالتنسيق مع إسرائيل في كل المجالات، فهي لا تملك معبرا أو مطارا أو منفذا واحدا إلى العالم".
وأضاف: "اتخاذ قرار بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال يعني الدخول في مواجهة معه، ووجود السلطة مشروط باستمرار التنسيق الأمني، ووقفه يعني انهيار السلطة تماما، وفي الجانب الاقتصادي لا تستطيع السلطة الانفكاك، أيضا لأنها مرتبطة بشكل مباشر. مع الاحتلال".
اقرأ أيضا: عباس يعلن قطع العلاقة بأمريكا وإسرائيل ويتجه لمجلس الأمن
المحلل السياسي، سفيان أبو زايدة قال، إن قرار قطع العلاقات مع إسرائيل "ليس من السهل تطبيقه، لأنه يعني أن السلطة الفلسطينية بكل مكوناتها الحالية ستكون في خطر".
وأضاف أبو زايدة في تصريحات متلفزة تابعتها "عربي21"، أن "هناك احتكاك بشكل يومي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واحتياجات يومية للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ودون أن يكون هناك تنسيق بين الطرفين، لن يتم الوفاء بهذه المتطلبات الملحة".
ولفت إلى أن التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، استفادت منه الأخيرة بشكل كبير جدا، ورغم أن المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني قررا قبل ثلاث سنوات وقف التنسيق مع إسرائيل، إلا أن التحدي هنا في كيفية وقف الشق الأمني منه، والإبقاء على شقه المدني الذي يعتبر ضرورة ملحة ومصلحة فلسطينية بالدرجة الأساسية".
مختصون يقرأون تهديدات عباس بقطع العلاقات والتنسيق الأمني
خبير يشرح آثار تطبيق صفقة القرن على الضفة والقدس
عائلة الشهيدة "الرابي" تنتظر محاكمة قتلتها من المستوطنين