تتزايد في أوساط المعارضة السورية الدعوة إلى تشكيل كيان موحد يجمع إدلب ومناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام"، وذلك في ظل ما يتعرض له الشمال السوري من اختراق عسكري كبير بقيادة روسيا، وتنفيذ النظام والمجموعات الموالية له.
لكن هذه الدعوات دائما ما تصطدم بـ"موانع كثيرة"، بحسب قادة في المعارضة، حيث رأى القيادي المقرب من "هيئة تحرير الشام"، خالد العمر، أن توحيد الفصائل أهم مطلب لـ"الارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون وتوحيد الجهود الثورية في المناطق المحررة".
وقال "العمر"، في حديث لـ"عربي21" إن "مطلب تشكيل كيان مع مناطق درع الفرات ليس ذو أولوية في خضم التحديات العسكرية التي تواجها الثورة، حيث تحاول روسيا وأعداء الثورة مواجهة هذا الشعب على عدة أصعدة، سياسيا عبر خدعة مصالحات الخيانة والحلول السياسية التي لا تحقق أدنى مصالح الثورة، وعلى الصعيد الفكري عبر إدخال مشاريع ضالة تشوه الثورة وتسيء لها كالدواعش (تنظيم الدولة) وغيرهم، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار".
وأضاف: "كما حاول أعداء الثورة مواجهتها من خلال شل حركة الحياة المدنية في المناطق المحررة لتعم الفوضى والفساد، ومن ثم الضغط على الشعب اقتصاديا من خلال الحصار، وحينها لن يملك القدرة على الصبر والثبات على أهدافه، وعلى رأس هذه المحاولات التصعيد العسكري، وحرب الإبادة التي بات يشاهدها العالم أجمع".
اقرأ أيضا: مظاهرات غاضبة يإدلب ضد "تحرير الشام" وممثلتها الإدارية
وتابع أن تحقيق "الوحدة" بعيد المنال، "ولن يقدم المطلوب لمواجهة هذه المرحلة من عمر الثورة، إنما المطلوب الحفاظ على مستوى التنسيق العسكري وتعزيز حالة الدمج العسكري الحاصل في غرف العلميات".
كما اعتبر أن "مشاركة الفصائل العسكرية في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في المعركة من مناطقهم وجبهاتهم هو المطلوب، وإن استطعنا تحقيق هذا المستوى من التنسيق حينها سيكون تشكيل جسم واحد لإدارة المحرر كاملا تحصيل حاصل، حتى وإن رفضته جهات أو دول".
"تحرير الشام" هي المشكلة؟
بدوره، قال القيادي في "لواء المعتصم"، مصطفى سيجري، إن هنالك بالفعل جسما عسكريا شاملا هو الجيش الوطني الذي يجمع كل الفصائل.
وأضاف "سيجري" في حديث لـ"عربي21" إن "تحرير الشام لا يمكن أن تكون جزءا من مستقبل المنطقة، وبالتأكيد ليست جسما وطنيا، وبالتالي نعتبر أن وجودها وسيطرتها على بعض المناطق أمر مرحلي".
وفي هذا السياق، رأى الإعلامي قيس الأحمد، أن معوقات كثيرة تمنع إنشاء جسم عسكري موحد لفصائل الشمال السوري تتمثل بالخلاف الإيديولوجي بين تلك الفصائل.
وقال"الأحمد" في حديث لـ"عربي21": "من تلك المعوقات ما يتعلق بهيئة تحرير الشام، المصنفة على لوائح الإرهاب، وبفكرها الذي سعى للسيطرة على منطقة إدلب والاستفراد بما تحويه من موارد، وإقصاء جميع الفصائل وأخذ سلاحها، وممارسات المؤسسة الأمنية التابعة لها ضد عناصر تلك الفصائل، واعتقالهم وسلبهم ممتلكاتهم وتهجير قسم كبير منهم إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، وعدم السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم والدفاع عنها".
واعتبر في هذا السياق أن تشكيل جسم عسكري موحد من واجبات هذه المرحلة الحساسة، فهو يساهم في توحيد الجهود واستثمار الكوادر والقوة العسكرية لصد هجمات النظام والروس.
اقرأ أيضا: النظام السوري يتقدم بحلب وإدلب ويقتحم شرق معرة النعمان
ارتباطات خارجية
أما الصحفي سلطان الأطرش، فاعتبر أن ارتباط فصائل، بشكل مباشر وغير مباشر، بأطراف إقليمية ودولية، وتباين مصالحها، يحول دون التوصل لهكذا تشكيل، فضلا عن التباين الأيدلوجي.
وقال "الأطرش" في حديث لـ"عربي21": "بالطبع كل شيء في سوريا مرتبط بأجندة خارجية، ولاحظنا هذا الشيء بأعيننا وارتباط كل فصيل بدولة معينة لتحقيق مصالحه، فالتوازنات الدولية والتنافسات بين الشرق والغرب لها انعكاس على الأرض السورية، ويضغط كل طرف على الفصيل المرتبط به لعدم حصول هكذا تشكيل".
بدوره، قال الناشط محمد سليم لـ"عربي21" إن اللوم لا يقع على الفصائل التي وصفها بـ"الجهادية" وحسب، ويشمل كذلك الفصائل الثورية في التي ما يزال اتحادها هشا، بحسبه.
وأضاف أن تركيا ترغب بتوحد الفصائل في كل الشمال السوري، لكي يقوى موقفها أمام روسيا، كما أن أنقرة "ضاقت ذرعا" بفوضى تشتت الفصائل، خاصة في مناطق درع الفرات، فهي أحرص من الجميع على توحيد الفصائل، لما له من انعكاسات إيجابية تشمل أمنها القومي، بحسبه.