سياسة عربية

دراسة توضح تفاصيل وأسباب دعم نظام السيسي لـ "حفتر"

السيسي عمل منذ انقلابه على إجهاض ثورات الربيع العربي في المنطقة- جيتي

قالت دراسة نشرها المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، الجمعة، إن من أهم الأسباب التي دفعت نظام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي إلى تبني الدعم الكامل لمشروع اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، هو أن "السيسي يعمل، منذ اللحظات الأولى لسيطرته على الحكم، على إجهاض ثورات الربيع العربي بشكل عام في المنطقة، ولذلك اصطف في المحور السعودي الإماراتي الذي يشاركه نفس الهدف".

كما أوضحت الدراسة، التي أعدها الباحث محمود جمال، أن "السيسي يعمل على تغيير عقيدة الجيش المصري؛ فبعد أن كان العدو الأول للجيش المصري هو الكيان الصهيوني، أصبحت جماعات وحركات، وتحديدا حركات الإسلام السياسي، هي العدو الأساسي والمباشر للجيش المصري، وكان ذلك أيضا من بين أسباب دعم حفتر".

وكان خليفة حفتر قد أعلن في شباط/ فبراير 2018، خلال مقابلة مع مجلة "جون أفريك" الفرنسية، عن أسباب توافقه مع السيسي في الأهداف الاستراتيجية، حيث قال: "مواقفنا تقترب في الواقع، ووضع بلاده عندما وصل إلى السلطة مشابه لموقف ليبيا اليوم". وتابع: "عدونا الكبير، الإخوان المسلمون، يهددون بلداننا وجيراننا الأفارقة والأوروبيين على حد سواء".

وأوضحت الدراسة أن "النظام المصري عمل على دعم حفتر خلال الست سنوات الماضية، بكافة الأشكال، ومنها الإمداد بالسلاح، وشنّ غارات جوية على طرابلس ضد قوات الحكومة الوفاق المعترف بها دوليا"، مؤكدة أن "الطيران المصري الآن يقوم بعمليات استطلاع ورصد أهداف من خلال طيران الاستطلاع الحربي المصري؛ بل وكما نقلت مصادر أن الطيران الحربي المصري قام بشن غارات جوية على بعض الأهداف في محيط مطار طرابلس، بالمشاركة مع الطيران الحربي الإماراتي".

وأشارت الدراسة إلى أن "شعبة الإعلام الحربي التابعة لخليفة حفتر، نشرت في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019، مقطع فيديو ظهر فيه مدرعات مصرية جديدة بحوزة مليشيات خليفة حفتر. هذه المدرعات هي (تاريير) TAG Terrier LT 79 ، والتي تعد أحدث المشاريع المشتركة بين الهيئة العربية للتصنيع وشركة The Armored Group  الأمريكية".

 

اقرأ أيضا: أردوغان: حفتر لم يوقّع على بيان برلين.. ولن نترك السراج وحده

وتابعت: "هذه المدرعات المصرية الصنع ظهرت لأول مرة في معرض (أيديكس-2018)، الذي أقيم في مصر، ولكنها ظهرت في ليبيا خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019، خلال عرض عسكري لمليشيات حفتر يظهر التجهيزات والمعدات الجديدة التي تحصلت عليها والتي ستستخدمها في المعارك العسكرية. وهذه المدرعة لم تدخل تسليح الجيش المصري لأنها جديدة ولا زالت في طور الإنتاج، وضمن مشروعات مصرية لإنتاج عربات مدرعة محلية الصنع".

وأضافت: "لم يتخذ النظام المصري إلى الآن قرار مشاركة القوات البرية المتواجدة في الغرب الليبي في المعارك البرية الدائرة حاليا في العاصمة طرابلس، ولكن إطالة أمد المعركة قد تدفع النظام المصري إلى اتخاذ قرار بالمشاركة البرية لمحاولة حسم الأوضاع لصالح حفتر في المنطقة الشرقية. ولكن طبقا للدور الوظيفي الذي يقوم به الجيش المصري، فإنه ينتظر القرار الدولي والإقليمي الذي يقوم بتوظيفه ويقرر له المشاركة في المعارك".

وشدّدت الدراسة على أن "التدخل العسكري المصري في ليبيا يندرج تحت الدور الوظيفي لمصر في الاستراتيجيات الأمنية الدولية في المنطقة، وأن النظام العسكري الحاكم في مصر يراهن على أهمية ومكانة الدور المصري، وتحديدا الجيش المصري، في القيام بهذا الدور بغض النظر عن توافقه أو تعارضه مع المصالح الوطنية المصرية، حيث لا يهتم فقط إلا بما يخدم استقرار واستمرار النظام".

وأردفت: "يروج السيسي أن سياسته تجاه ليبيا هي سياسة استراتيجية تهدف لتعزيز الأمن القومي المصري وضمان عدم وصول مسلحين داخل مصر من ناحية الحدود الغربية لتنفيذ عمليات داخل الدولة المصرية قد تتسبب في هز أركان حكمه، ولكن من ناحية أخري، فإن سياسة السيسي تجاه ليبيا تأتي في سياق تعزيز أركان حكمه، من حيث ضمان عدم وصول الإسلاميين للحكم في ليبيا؛ ويشارك السيسي في ذلك النظام الإمارتي بقيادة محمد بن زايد والنظام السعودي بقيادة محمد بن سلمان".

وشدّدت الدراسة على أن "السيسي والمحور الإمارتي السعودي الفرنسي الروسي يعملون على الحسم العسكري لصالح خليفة حفتر، ولا يرغبون في أي عملية سياسية تتيح لحكومة الوفاق أي تواجد داخل الدولة الليبية".

وأضافت: "تشهد الأوضاع الآن في ليبيا، 2020، تطورات عسكرية هامة على الأرض، حيث تتقدم ميليشيات حفتر مدعومة من مصر والإمارات وروسيا وفرنسا نحو العاصمة طرابلس وتحاول أن تحيط بالعاصمة من كل الاتجاهات، وهناك معارك كر وفر متكررة على طريق مطار طرابلس. ومن ناحية أخرى، تبدو قوات فايز السراج متماسكة، وإذا تم صد هذا الهجوم، فالتطورات على الأرض ستختلف".

وأكملت: "يجب أن تتحول قوات السراج من الدفاع إلى الهجوم، حتى ترغم مليشيات حفتر على العودة إلى داخل أراضي الشرق الليبي مرة أخرى، وتتحول المعارك إلى المنطقة الشرقية؛ ولكن تبقى إمكانات وقدرات قوات السراج العسكرية هي الحاكمة حتى يتم ذلك التحول في المعارك من الغرب إلى الشرق".

وأوضحت أن "التدخل التركي إلى الآن محدود، فالدولة التركية أرسلت فقط العشرات من جنودها للداخل الليبي، بجانب بعض المساعدات العسكرية. ومن الواضح أنه لا يوجد أي أفق للحل السياسي، وانسحاب حفتر مؤخرا من روسيا وعدم توقيعه على اتفاقية وقف إطلاق النار مؤشر لذلك، بجانب أن مليشيات حفتر كسرت اتفاق وقف النار الذي تم الإعلان عنه أثناء تواجد حفتر في روسي؛ فالأمور تشير إلى أننا بصدد تصعيد عسكري بشكل أكبر، بين مليشيات حفتر وقوات المجلس الرئاسي".

واختتمت بقولها: "إذا تأخر التدخل الفعلي بالشكل المناسب الذي يراه الجانب التركي، ربما يقع السراج وقواته في مأزق كبير، فالجيش المصري والجانب الإماراتي الآن يقومان بإدخال مساعدات عسكرية بشكل أكبر لمليشيات حفتر؛ وقام الجيش المصري خلال الشهر الجاري بمناورة كبرى في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والاتجاه الاستراتيجي الغربي، (قادر 2020)، ويقوم بحشد القوات بشكل مكثف الآن في نطاق هذين الاتجاهين الاستراتيجيين قريبا من الحدود الليبية، وهذا يشير إلى احتمالية التدخل العسكري البري للقوات المصرية في الداخل الليبي بشكل أكبر الفترة المقبلة".