نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا مطولا، أعده كل من تيم غولدن وسبستيان روتيلا، تحت عنوان "الصلة السعودية: القضية التي قسمت أف بي آي"، تتحدث فيه عن تحقيق قام به مكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي آي" في هجمات أيلول/ سبتمبر.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن نتائج هذا التحقيق ظلت سرا في عهد كل من جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وحتى العام الماضي عندما التقت عائلات بعض ضحايا الهجمات وطالبت الرئيس ترامب بنشر الملف، الذي ووعدها بأن الطلب "نفذ"، وأمر وزير عدله ويليام بار بذلك، حيث قدم محامو وزارة العدل اسم الدبلوماسي السعودي الذي ارتبط اسمه بالهجمات في ملف محمي إلى المحكمة، إلا أن بار بدد آمال العائلات عندما قال إن بقية الوثائق المتعلقة بالقضية لن يفرج عنها وستظل أسرار دولة، وقال إن نشرها سيضر بالأمن القومي.
ويلفت الكاتبان إلى أن العائلات صعقت من قرار بار؛ لأن نجاح الدعاوى القضائية ربما اعتمد على الوصول إلى تحقيق "أف بي آي" حول إمكانية تورط السعودية في الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة.
وتفيد الصحيفة بأن معركة للحصول على أدلة تدور في المحكمة الفيدرالية قرب المكان الذي كان فيه البرجان، مشيرة إلى أن القاضي سيقرر حول الوثائق التي يجب أن يفرج عنها، في وقت قررت فيه وزارة العدل التمسك بموقعها.
وينوه التقرير إلى أن دانيال غونزاليس لم يكن مستغربا من هذا الموقف، فهو واحد من عملاء "أف بي آي" السابقين، وعمل في مكتب سان دييغو الميداني الذي عرض مساعدة عائلات الضحايا، وكان واحدا من العاملين في المكتب ممن أدوا دورا مركزيا في التحقيق في الدور السعودي، وشعر أن حكومته لا تريد معرفة ما يقوم به.
ويقول الكاتبان إنه منذ وقوع الهجمات فإن الصلة السعودية كانت واضحة، ليس فقط لكون أسامة بن لادن و15 منفذا من بين 19 مهاجما هم من حملة الجنسية السعودية، بل لأن أول اثنين منهم وصلا إلى لوس أنجلوس في كانون الثاني/ يناير 2000 وتوجها حالا إلى مسجد تنفق عليه السعودية، وعندما انتقلا إلى سان دييغو بحثا عن مساعدة طالب سعودي في منتصف العمر طالما شك "أف بي آي" أنه عميل سعودي، مشيرين إلى أنه بعد تقييم الأدلة توصل المحققون في مرحلة ما بعد الهجمات إلى أنه لا يوجد دليل يربط السعودية بها، أو كونها دعمت المهاجمين.
وتشير الصحيفة إلى أن "أف بي آي" اعترف بأنه ربما ساعد مسؤولون في الحكومة المهاجمين دون معرفة أنهما كان إرهابيين ويخططان لقتل آلاف الأمريكيين.
ويستدرك التقرير بأن غونزاليس كان يعلم أن القصة ليست مكتملة، وأن هناك أجزاء في اللغز السعودي لم يصل إليها "أف بي آي"، وبدأ غونزاليس بفريق صغير من المحققين في نيويورك وكاليفورنيا، وبحثوا عن الشهود وجمعوا الأدلة، ورغم كون هذه الأدلة عرضية إلا أنها أضافت التساؤلات حول الدور السعودي.
ويذكر الكاتبان أن مسؤولين في المكتب رفضوا أن تكون الاعتبارات المتعلقة بالسياسة الخارجية قد أثرت على التحقيق، وأكدوا أنهم لن يترددوا في التحقيق في دور أي شخص له علاقة وثيقة بالهجمات حتى لو لم يواجه المحاكمة في الولايات المتحدة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين آخرين، قولهم إن العلاقات المضطربة والمعقدة مع السعودية أدت دورا في عدم متابعة التحقيق، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن السلطات السعودية أصبحت أكثر تعاونا مع الولايات المتحدة في قتال تنظيم القاعدة بعد عام 2003، إلا أنها تعاونت في الحد الأدنى ودون رغبة منها.
ويجد التقرير أن الطبيعة التعاقدية في العلاقة الأمريكية السعودية بدت بشكل واضح بعد إطلاق متدرب سعودي الشهر الماضي النار على زملائه في قاعدة عسكرية، ورد ترامب قائلا إنه تلقى تطمينات من الملك سلمان بإجراء التحقيق، بالطريقة ذاتها التي رد فيها على جريمة قتل جمال خاشقجي، حيث وازن بين مواجهة السعودية ومصالح أمريكا التجارية معها.
ويلفت الكاتبان إلى أن جهود واشنطن زادت للحفاظ على أسرار علاقة السعودية الممكنة مع 11/ 9، مشيرين إلى أن العميل المتقاعد كينثر ويليامز، كتب مذكرة عن العرب الذين يتدربون على الطيران قبل هجمات 11/ 9، تحضيرا لعمليات اختطاف، وقال في شهادة مشفوعة بالقسم إن محاميا في "أف بي آي" أخبره أن إدارة ترامب لا تريده أن يساعد عائلات الضحايا خشية تعريض العلاقة مع السعودية للخطر.
وتقول الصحيفة إنه لم يكشف عن تحقيق "أف بي آي" بالصلة السعودية من قبل، رغم إطلاق اسم "عملية إنكور" عليه، مشيرة إلى أن ما تقدمه في تقريرها من قصة هذا التحقيق يستند إلى مقابلات 50 محققا ومسؤولا أمنيا حاليا وسابقا ووثائق بعضها سري وشهادات في المحكمة، وبناء على ما ورد في تحقيق لجنة الكونغرس في الهجمات.
وبحسب التقرير، فإن عملية "إنكور" كشفت عن خلاف مر داخل المكتب حول السعودية، وتكشف عن فرص ضائعة في الربط بين حليفة أمريكا وأكبر هجمات قاتلة في تاريخ الولايات المتحدة.
ويورد الكاتبان نقلا عن ريتشارد لامبارت، الذي قاد التحقيق في البداية في سان دييغو، قوله إنه حتى لو كانت الأدلة التي توصل إليها المكتب ليست قاطعة فإنه يجب على الأقل الكشف عنها، وأضاف: "تراكمت الأدلة العرضية.. مع مرور الوقت فلا أرى أي داع من عدم كشف الحقيقة للأمريكيين".
وتفيد الصحيفة بأن غونزاليس يشير إلى أن سيارة تويوتا كورولا عثر عليها في موقف سيارات مطار دالاس، التي أستأجرها نواف الحازمي الذي اختطف مع بقية المنفذين الطائرة 77 التي انفجرت فوق البنتاغون، وذكر المنفذ أن عنوانه في سان دييغو، فبحث غونزاليس عنه ووجده عمارة من طابقين يملكها مهاجر هندي اسمه عبد الستار شيخ عمل في تدريس اللغة الإنجليزية لغة ثانية في كلية محلية، وساعد في المركز الإسلامي، وهو أكبر مساجد المدينة، مشيرة إلى أن غوانزليس لم يعرف أن عبد الستار هو مخبر إلا بعد أسابيع.
وينوه التقرير إلى أن عبد الستار ذكر اسمي المنفذين للمحقق معه، لكن الاسم الأول لهما، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، مشيرا إلى أنه مع أن "سي آي إيه" علمت بوجود الاثنين في كولالمبور عام 2000، إلا أنها لم تعلم "أف بي آي" بوجودهما في لوس أنجلوس إلا في آب/ أغسطس 2001، أي قبل أسابيع من تنفيذ الهجمات.
ويستدرك الكاتبان بأن الرجل الذي كان على غونزاليس مقابلته كان هو محضر عبد الله، وهو الطالب في الجامعة، الذي ساعد الحازمي والمحضار على التأقلم مع الحياة في أمريكا، وعمل مترجما لهما، ورتب لهما دروس الطيران، مشيرا إلى أن المدرب نصحهما في الدرس الثاني بالتوقف والعودة بعد تحسن لغتهما.
وتكشف الصحيفة عن أن عبد الله قدم للمحققين صورة عن المهاجمين اللذين لم يكونا يعرفان الحياة الأمريكية، وقال إن الشخص الذي قدمهما له هو عمر بيومي الذي يعرفه في المسجد، الذي أخذه جانبا وطلب منه مساعدة القادمين الجدد والإقامة في جنوب كاليفورنيا.
ويستدرك التقرير بأن عبد الله لم يكن يقول الحقيقة كلها، واكتشف غونزاليس أنه كذب في طلب قدومه إلى أمريكا عندما قال إنه لاجئ صومالي، مع أنه في الحقيقة يمني مولود في إيطاليا، لكن جهود غونزاليس في بناء علاقات مع عبد الله ذهبت سدى عندما اعتقل ونقل إلى نيويورك، وحوكم لاحقا بتهمة الكذب في طلب الهجرة، وليس هجمات أيلول/ سبتمبر.
ويشير الكاتبان إلى أن غونزاليس بدأ في البحث عن عمر بيومي (43 عاما)، الذي ورد اسمه في بيانات بنكية وعقود إيجار، حيث اشتكى صاحب البيت الذي أجره البيت من تجمعات للشباب العرب فيه وطرد جاء من السعودية، لافتين إلى أنه لم يعرف إلا القليل عن بيومي الذي قدم نفسه على أنه طالب إدارة أعمال إلا أنه لم يذهب إلى الجامعة كثيرا، وجاء راتبه من شركة سعودية، التي لم تكن سوى قناة لتحويل الأموال من وزارة الدفاع السعودية التي كان يعمل فيها، وعرف بالمسجد بحضوره الجلسات والحفلات وتسجيلها على فيديو، ما أثار الشبهات حوله من أنه جاسوس سعودي، وهو ما توصل إليه عملاء "أف بي آي" بأنه كان جاسوسا للسعودية.
وتذكر الصحيفة أنه في أثناء البحث عنه كان بيومي قد انتقل إلى بيرمنجهام في بريطانيا لدراسة الدكتوراة هناك، وقامت الشرطة البريطانية بالتحقيق معه نيابة عن "أف بي آي"، وسافر أحد ضباط المكتب إلى بريطانيا؛ أملا في التحقيق معه، لكن البروتوكول البريطاني منع من المقابلة مباشرة، لكن فقط من خلال أسئلة فقط، مشيرة إلى أن بيومي لم يتعاون مع التحقيق، وقال إنه التقى مع المحضار والحازمي بالصدفة في مقهى في لوس أنجلوس، وعندما أخبراه أنهما لا يحبان كاليفورنيا اقترح عليهما الانتقال إلى سان دييغو، واستقبلهما بعد حضورهما إلى هناك كما يستقبل أي سعودي.
ويستدرك التقرير بأن أحاديثه عن علاقة عرضية تتناقض مع محاولاته الجادة لمساعدة المنفذين، مشيرا إلى أنه تم الإفراج عنه دون سؤاله عن علاقته مع المخابرات السعودية وبضغط من السفارة في لندن.
ويلفت الكاتبان إلى أنه عمل بعد عودته إلى السعودية في سلطة الملاحة المدنية، ورغم زعم صحيفة سعودية بأنه برئ من "أف بي آي" والشرطة البريطانية إلا أن الولايات المتحدة ألغت تأشيراته على خلفية نشاطات شبه إرهابية.
وتقول الصحيفة إن غونزاليس واصل البحث في سان دييغو عن دور بيومي، واكتشف أنه قضى وقتا طويلا مع المحضار والحازمي، وأن راتبه زاد بعد وصولهما، وطوال فترة إقامتهما في سان دييغو ظل المحضار والحازمي يعيشان بحرية وباسميهما الحقيقيين، بل كان رقم هاتف الحازمي في دليل هواتف المدينة.
ويفيد التقرير بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي أعد سيرا كاملة ومعلومات عن نشاطات المنفذين الـ19 كلهم، لكنه لم يكن متيقنا مما عمله الحازمي والمحضار بعد أسبوعين من وصولهما لوس أنجلوس في 15 كانون الثاني/ يناير 2000، وكان وصولهما هو الخطوة الأولى في عملية ابن لادن لضرب أمريكا، وكانا معروفين لوكالة الأمن القومي و"سي آي إيه" والمخابرات السعودية، ومع ذلك دخلا أمريكا دون أي عقبات.
ويستدرك الكاتبان بأنه رغم زعم خالد الشيخ محمد أنه أرسلهما إلى أمريكا دون معرفة أحد هناك، إلا أنهما اختفيا عن الأنظار حال خروجهما من المطار، ودون أن تكون لهما معرفة بالبلد أو لغته، مشيرة إلى أن العملية التي قادها "أف بي آي" للبحث في الهجمات أدت إلى 250 ألف إشارة بعضها أشار إلى رابطة سعودية.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة بدأت بعد هجمات أيلول/ سبتمبر في التركيز على تصدير السعودية للوهابية، وأنشأ "أف بي آي" فرق تحقيق جديدة جمعت بين مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس لتحديد المتشددين والجواسيس في الأجهزة الدبلوماسية والثقافية، وكشف المكتب عن شبكة ظل من "الدعاة" انتشرت في أنحاء أمريكا وبدعم سعودي.
وينوه التقرير إلى أن مسلما أمريكيا ذكر أنه قاد بيومي في يوم مقابلته مع المهاجمين للقاء مسؤول ملتح في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، ويشك المحققون بأن هذا الرجل قد يكون فهد الثميري، الذي كان يعمل إماما في مسجد، وطلب "أف بي آي" من الخارجية السماح له بالتحقيق معه، لكنه رحل عام 2003 بعد تحقيق معه استمر يومين، حيث سحبت تأشيرته منه على خلفية علاقات بنشاطات إرهابية، وعندما قابلته لجنة التحقيق في الهجمات بعد سماح السعودية بالمقابلة أنكر الثميري معرفته ببيومي، مع أن "أف بي آي" واجهه بسجل مكالمة مشتركة معه.
ويقول الكاتبان إن عبد الله، الذي سجن بتهم تتعلق بالهجرة، لديه معلومات أخرى، لكنه كان محلا للخلاف بين المسؤولين في "أف بي آي"، وتأكدت الشكوك عندما تم التحقيق مع شخص من بيليز عام 2004 وكان مع عبد الله في السجن، الذي أخبره أنه كان يعرف مقدما بهجمات 9/11.
ويركز تقرير الصحيفة على مقابلة غونزاليس مع عبد الله في العاصمة الأردنية عمان، وكيف أنه قام بنقل المحضار إلى المطار، وزار مع بيومي مسجد الملك فهد.
ويقدم التقرير تفاصيل عدة في بحث "أف بي آي" عن روابط تدور حول الطريقة التي اختفى فيها المحضار والحازمي في أمريكا، رغم معرفة السلطات الأمنية بعلاقاتهما بتنظيم القاعدة.
لقراءة النص الأصلي اضغط
(هنا)
WSJ: هكذا تنظر دول الخليج وإسرائيل للمواجهة مع إيران
فوكس: تحالف أمريكا والسعودية لا يحظى بشعبية لدى الأمريكيين
إنترسبت: كيف يخدم اغتيال سليماني طموحات إسرائيل والسعودية؟