يعد ملف التنسيق الأمني، بين الأردن وإسرائيل من أعقد الملفات بين الجانبين، وتصاعد الحديث حوله خلال الفترة الماضية، مع تأكيدات في عمّان وتل أبيب على تراجع العلاقات غي ملفات عديدة مثل القدس المحتلة، وصفقة القرن، وقضية ضم الأغوار.
وكشف خبير عسكري إسرائيلي مؤخرا، أن "المنظومة الأمنية الإسرائيلية وجهت انتقادات قاسية إلى المستوى
السياسي الإسرائيلي، في ضوء توجهاته نحو إبعاد الأردن عن الإشراف على المقدسات الإسلامية
في القدس؛ لأن ذلك قد يضر بالتنسيق الأمني القائم بين عمان وتل أبيب".
وقال أمير بوخبوط، في تقرير على موقع ويللا
الإخباري، وترجمته "عربي21"، أنه "رغم العلاقات الوثيقة بين الجيشين
الإسرائيلي والأردني، وباقي الجهات الأمنية الأردنية، فإن أوساطا هناك تمارس تحريضا
على إسرائيل، بزعم أنها تحاول تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، ما قد يشعل الأوضاع
في الضفة الغربية بأسرها".
وأشار إلى أن "نقطة جديدة طرأت على
علاقات الجانبين، إسرائيل والأردن، وقد تؤثر على تعاونهما الاستخباري، وهي صفقة القرن
للرئيس دونالد ترامب، وصفقة الغاز التي وقع عليها الملك عبد الله الثاني، ولذلك فإن
كبار ضباط المخابرات الإسرائيلية والجيش، يطالبون المستوى السياسي بإبداء مزيد من الحذر
تجاه التعامل مع المملكة؛ لأن المس بمكانتها في القدس قد تصيب بأذى كبير التنسيق الأمني
والتعاون الثنائي بين الدولتين".
اقرأ أيضا: 25 عاما على "وادي عربة".. ماذا استفاد الأردن وما مستقبلها؟
وأوضح أن "هذه السياسة الإسرائيلية
قد تتسبب بتوتر الوضع حول الحرم القدسي، ما أشعل الأضواء الحمراء في المؤسسة الأمنية
الإسرائيلية، وخشيتها من أن حادثا واحدا ميدانيا كفيل بتصعيد الوضع في الحرم القدسي،
ويؤدي لإشعال الضفة الغربية".
وتطرح التحذيرات الإسرائيلية، تساؤلات بشأن
مدى التراجع في التنسيق الأمني، وهل هوى إلى مستويات تثير قلق تل أبيب، أم هي
محاولة للضغط على الجانب السياسي.
الناشط النقابي في مجال مجابهة التطبيع،
المهندس ميسرة ملص، قال إن المخاوف الإسرائيلية من توقف التنسيق الأمني أمر
إيجابي للشعب الأردني بكل قواه، لأن هذا ما نطالب به منذ سنوات طويلة، والخشية
لديهم وليست لدينا.
وقال ملص لـ"عربي21": "المستغرب
مما يطرح لدى الاحتلال، أن الأردن مستمر في ظل ما يجري بالمسجد الأقصى، والحديث عن
ضم الأغوار، في المحافظة على اتفاقية الغاز، ومشروع ناقل البحرين، والأفكار
المطروحة لإنشاء سكة حديد بين الأردن وفلسطين المحتلة".
وأعرب عن خشيته من أن تكون تصريحات الاحتلال،
مؤشرات لإحداث نوع من القلاقل في الأردن، للضغط على عمّان في العديد من الملفات
المشتركة.
المحلل الاستراتيجي
الأردني ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإعلامية، الدكتور عامر السبايلة وصف ملف التنسيق الأمني بين
الأردن وإسرائيل بأنه "من أعقد الملفات وأعمقها" في العلاقات بين أي
طرفين يرتبطان بجوانب حدودية، وهو مهم لإسرائيل أكثر بالدرجة الأولى.
وأضاف السبايلة لـ"عربي21"، أن
"هناك وجودا فلسطينيا في الأردن، والارتباطات بالقضية الفلسطينية برمتها تخلق
أهمية للتنسيق الأمني، ولو لم يكن هناك وجود لعلاقات سياسية بين الطرفين فلن يتم
التخلي عن التنسيق، لأنه يشكل هاجسا لديهم".
وبشأن تأثير ملف القدس والوصاية الأردنية
عليها، قال السبايلة: هذا الملف "يمكن أن نجد له تفاهمات خاصة، لكن التنسيق
لا يمكن أن يسقط أمام أي توجهات أو رؤى سياسية، وهو عامل حاضر على الأرض بشكل
يومي، أما مسألة القدس بالنسبة للسياسيين، فهي مسألة رمزية تعبيرية وليست حالة
حقيقية".
اقرأ أيضا: الملك الأردني ونجله في الباقورة المستعادة من الاحتلال (شاهد)
ورأى أن الأردن الرسمي "أخطأ في طريقة
التعامل مع إسرائيل، وكان باستطاعته التأثير أكثر عليها، مستغلا التنسيق الأمني
وعملية السلام برمتها، أكثر من الصدود والبرود حتى في ظل الصدود والبرود بين
الطرفين، ومن ثم طرح التنسيق كعامل تأثير للحصول على مكتسبات أكثر وعدم خروج
عمّان من طاولة الحل"، مشددا على أن "هناك خللا في الأداء السياسي للتعاطي مع
الملف".
وقال السبايلة، إن "الخلل في هذا الملف
يمثل مشكلة لدى الطرفين، وليس فقط للطرف الإسرائيلي".
بدوره قال الكاتب الأردني عمر كلّاب، إن "منحنى
العلاقة بين الجانبين واضح، وتصريحات الملك الأخيرة صريحة بأن العلاقة والاتفاقية
موقوفة، وفق هذا التعبير، ومن ثم فإن الأردن ينظر بأعلى درجة من القلق حيال إجراءات
إسرائيل بشأن ضم الأغوار".
وأوضح كلّاب أن إسرائيل تقدم على خطوات
تستهدف الأردن بشكل مباشر، وتؤثر على وضعه الداخلي وهناك مخاوف حقيقية في الأغوار
ومستوطنات الضفة، وكلها تشير إلى أن المتضرر من صفقة القرن هو الأردن وربما أكثر
من الفلسطينيين، ولا يمكن استمرار التنسيق وغيره من الملفات مع إسرائيل ضمن هذا
الوضع.
وتابع: "كل الأمور متوقفة وفقا لمصطلح
الملك، لأنه لن يكون هناك تواصل جدي أو تنسيق حقيقي، في ظل التوافقات للحزبين
الإسرائيليين، لأن حل الدولتين برأيهم انتهى والأغوار ستضم وغيرها من الملفات التي
تستهدف الأردن".
لكن الكاتب الأردني رأى أن ملف القدس المحتلة
بالنسبة لعمّان: "قضية غير قابلة للعبث، وسمعنا من الملك مباشرة في عدة
لقاءات أن مسألة الوصاية ليست للمناورة أو حتى قابلة للتشويه، وهي ثابت من ثوابت
العرش، والعبث فيها هو عبث في الاتفاقية على المستويات كافة، بما فيها التنسيق
الأمني".
وبشأن رؤيته المستقبلية لعلاقات عمّان مع تل
أبيب، قال كلّاب: "لا يوجد أجندة موجهة بشكل واضح، وهذا جزء من سوء إدارة
الملف السياسي على الأرض عربيا، والأردن يتحرك منفردا دون ظهير، ولعل المواقف
الأوروبية أكثر تقدما على كثير من مواقف العرب، التي تريد تقديم نفسها على أنها
بديل لاستلام الوصاية على المقدسات".
جنرال إسرائيلي يدعو لعودة السلطة إلى إدارة قطاع غزة.. لماذا؟
هل يستطيع الأردن قانونيا إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل؟
الغاز الإسرائيلي يطرق بيوت الأردنيين في 2020