أثار نفي الحكومة الإيرانية ثم تأكيد مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة الأوكرانية غضبا داخليا، تجسد في مظاهرات شعبية، وتقديم موظفين رسميين استقالاتهم.
وبلغت الاحتجاجات سقف رفع شعارات ضد "مرشد الثورة" علي خامئني، ما يثير تساؤلات حول تأثيراتها على النظام، وسيناريوهات المرحلة المقبلة في البلاد.
تراجع زخم المظاهرات
رأى مدير مركز دراسات الخليج في قطر والخبير في الشأن الإيراني محجوب الزويري بأن "هذه الاحتجاجات لن تختفي، لكن قد يتراجع زخمها".
وأضاف الزويري في حديث لـ"عربي21" أن أسباب تلك الاحتجاجات باقية، "وبالتالي يمكن أن تنفجر في أية لحظة، حيث أصبحت تتكرر كل عام منذ 2016، وتكاد تحدث موجة أو اثنتان كل عام".
وتابع: "في ظل الظروف السياسية التي يعيشها النظام الآن والضغوط التي يواجهها من قبل أمريكا، وفي ظل تراجع النظام عن التزاماته في الاتفاق النووي والضغوط الأوروبية، وتفعيل آلية فض النزاع التي قد تؤدي إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، من المستبعد أن يعود النظام إلى حالة من الإصلاحات السياسية، وأعتقد بأنه سيزيد من تماسك المؤسسة السياسية والأمنية والعسكرية أكثر، ومحاولة استعادة زمام المبادرة في كل الملفات الداخلية وإحكام القبضة بشكل كبير".
وأشار إلى أنه "في مثل هذه الظروف أي تراجع من قبل النظام قد يُفسر على أنه ضعف والنظام سيبتعد عن هذه الخطوات".
من جهته قال المحلل السياسي العراقي والمختص بالشأن الإيراني نجاح محمد علي، المظاهرات التي خرجت مؤخرا لم تكن كبيرة، مؤكدا أن طهران في النهاية تحملت مسؤولية حادث الطائرة الأوكرانية رغم الميل إلى فكرة وجود عمل مفتعل.
اقرأ أيضا: خامنئي يؤم الجمعة في طهران للمرة الأولى من 2012 (شاهد)
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "لذلك أعتقد بأن الوضع ستتم السيطرة عليه بشكل كامل خلال الأيام القليلة القادمة، والولايات المتحدة الأمريكية ستواصل العمل على تحريك الداخل لكي تدفع المسؤولين الإيرانيين للدخول في مفاوضات".
وتابع: "لكن أؤكد مرة أخرى بأن المظاهرات في الداخل الإيراني يمكن السيطرة عليها بسهولة، لأن القيادة لديها بالمقابل حشود بشرية قادرة على حسم الموقف دون اللجوء لاستخدام القوة القهرية كما حصل في مظاهرات سابقة".
تصدعات بالحكومة وتنازلات
بدوره توقع المختص بالشأن الإيراني، إيران كنعان بأن "الحكومة الإيرانية ستبقى كما هي مع بعض التصدعات، وسيتم إخماد التظاهرات لأنه لا يوجد طريق أفضل للإيرانيين من المضي قدما ومحاولة التفاوض ورفع العقوبات عنها عبر تعديل الاتفاق السابق التي انسحبت منه أمريكا".
وحول إمكانية أن يقدم النظام الإيراني تنازلات لكي يرضي المتظاهرين، قال كنعان لـ"عربي21": "ستضطر الحكومة لتقديم بعض التنازلات إذا ما تطلعت لمصلحتها ومصلحة شعبها الذي أنهكته العقوبات، ومن أجل توسيع المساحة التي تستطيع أن تتحرك فيها من ناحية اقتصادية الأمر الذي يؤثر إيجابيا على الطموح الإقليمي لها".
وعن إمكانية استغلال التيار الإصلاحي للتظاهرات، قال: "التيار الإصلاحي ليس بالقوة التي يستطيع فيها الاستفادة من أي مظاهرات، وخصوصا في ظل احتقان وغليان أغلبية الشعب الإيراني بعد اغتيال سليماني الذي يمثل الأب الروحي لجيش إيران وللكثير من الناس، ولهذا فإن غالبية الشعب ضد المظاهرات".
من جهته قال محجوب الزويري: "لا يمكن القول بأن هناك تيارات سياسية، نعرف بأن ايران جففت منابع التيار الإصلاحي منذ عهد محمود أحمدي نجاد، كما أنها ضربت القوى الاجتماعية الأهم والتي تقوم بالاحتجاجات وهي الطلاب والعمال والمرأة، حيث جرى تحييد هذه المجموعات بحيث لا تكون فاعلة بحركة الاحتجاجات ومع ذلك شهدنا الطلاب يحتجون خلال الأيام الماضية".
اقرأ أيضا: 5 دول تطالب إيران بتعويض عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية
تحجيم دور الحرس الثوري
ويرى الزويري بأن "تقليل وتقليص دور الحرس الثوري أمر مستبعد، لأنه منذ عام 1991 هناك تصاعد وتزايد في دور المؤسسة العسكرية حتى وصلنا إلى مرحلة ما يسمى بعسكرة السياسة في إيران".
وتابع: "صحيح أن هذا غير واضح للعلن، ولكن أثاره ملاحظة في العديد من الأدوار السياسة والاقتصادية وشاهدناها في فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد".
وأضاف: "على العكس ستزيد هذه المؤسسة من قبضتها لسبب بسيط، فهي تشعر بأنها حامية النظام السياسي والثورة، بالتالي هي تشعر بأن من واجبها زيادة قبضتها، وهذا سيدفع ربما إلى حالة من التغول على المشهد السياسي بشكل أو بأخر".
ماذا وراء تناقض الرواية الإيرانية حول الطائرة الأوكرانية؟
هل يعيد قرار التحالف وقف مهامه بالعراق نشاط تنظيم الدولة؟
لهذا قد تلجأ إيران إلى إطالة ردها على اغتيال "سليماني"