اليوم الثامن من كانون ثاني (يناير) 2020 يشهد مرحلة تاريخية جديدة في المنطقة العربية والإسلامية بخاصة في الجزء الآسيوي من الوطن العربي. ردت إيران على العدوان الأمريكي بقوة واستهدفت بكل شجاعة قواعد جوية أمريكية في العراق، وهي ما زالت تضع إصبعها على الزناد. وبهذا وضعت إيران نفسها ندا للولايات المتحدة في المنطقة العربية وأثبتت لكل العالم صدقيتها وثباتها وجرأتها على مواجهة هذا الذي يتغطرس دائما بأنه القوة العالمية الوحيدة فوق التحدي. لم تعد أمريكا فوق التحدي، ومن الممكن أن تواجه تحديات حقيقية وخطيرة مستقبلا.
الثقة بالمقاومة
شكك كثيرون بقدرة إيران ورغبتها في الرد على اغتيال سليماني والمهندس، ولم يكونوا بذلك قارئين جيدين للعلاقات الجدلية التي تحكم دول المنطقة وتنظيمات المقاومة. هؤلاء هم أنفسهم الذين شككوا برغبة حزب الله في الرد على الاعتداءات الصهيونية. ولهذا من الأفضل لهؤلاء الناس أن يتعلموا ربط العلاقات الجدلية بعضها ببعض بدل الاستناد إلى منطلقات مسبقة تستند إلى البغضاء والكراهية. والملاحظ لدى هؤلاء أنهم يتمتعون بقدرة إسفافية كبيرة عندما يردون على ما يُكتب أو يُقال حول محور المقاومة وقدرته على التصدي والصمود.
يعزز الرد الإيراني الثقة بمحور المقاومة والذي سيكسب مدا متزايدا في المنطقة العربية والإسلامية وأيضا على المستوى العالمي. لم يعد التحدي لأمريكا لفظيا أو مجرد اختبار لصواريخ تم تطويرها، وإنما أصبح عمليا أثبت صدقية الصناعة العسكرية الإيرانية وقدراتها التقنية الدقيقة. لقد أصابت الصواريخ أهدافها بدقة، وابتعدت بصورة دقيقة عن مواقع لجنود غير أمريكيين. ومن المتوقع الآن أن تكسب فصائل المقاومة في غزة ولبنان واليمن المزيد من القوة والشجاعة في المواجهة والنزال الحربي. وسيصبح محور المقاومة أكثر تماسكا ومنعة وتحصينا، وسيكسب المزيد من الامتداد الشعبي.
لم يعد التحدي لأمريكا لفظيا أو مجرد اختبار لصواريخ تم تطويرها، وإنما أصبح عمليا أثبت صدقية الصناعة العسكرية الإيرانية وقدراتها التقنية الدقيقة.
السيد محمد جواد ظريف هو أكثر الناس ابتهاجا بما جرى لأنه هو ملك الديبلوماسية الإيرانية، وهو الذي يطوف العالم بجدلية إيران فيما يخص الاتفاق النووي والحصار الأمريكي. في السابق، كان يذهب ظريف إلى طاولة المفاوضات وهو يمسك القليل من أوراق التفاوض الضاغطة. كان يملك قدرات إيران الاقتصادية والمشاريع التي تجذب شهية المستثمرين على النطاق العالمي، وكان يملك التصنيع العسكري الذي لم تختبره المعارك، وبالتالي كانت أوراق تفاوضه ضعيفة إلى حد ما. الآن سيذهب إلى طاولة المفاوضات مزهوا بالصواريخ الإيرانية، وستكون ورقة هذه الصواريخ حاضرة على الطاولة أمام كل العالم.
الجالسون على الطاولة الآن سيتعاملون مع ظريف كند للغطرسة الأمريكية، وهم يوقنون أن إيران تشكل شعاعا من الأمل في التقليل من الغطرسة الأمريكية الممارسة على مختلف الدول. أي هم سيرون في إيران فوة تحدي ومواجهة يمكن أن تتراجع أمامها الولايات المتحدة. سيكون صوت ظريف على الطاولة أكثر قوة وبلاغة، وسيكون الآخرون أشد استماعا وإصغاء، وستزداد هزات رؤوسهم بالموافقة على ما يقول.
ربما ترد الولايات المتحدة وتوقع خسائر جديدة في إيران، لكنها تدرك الآن أن اعتداءاتها لن تمر دون خسائر تلحق بها على مختلف المستويات.