انحسار المعرفة الدينية في أوساط الشباب من المسؤول عنها؟
عربي21- بسام ناصر07-Jan-2008:46 PM
شارك
داعية: قطاعا عريضا من طلاب المدارس اليوم يجهلون كيفية الوضوء الصحيح، وهيئات الصلاة، والحلال والحرام
يرى مراقبون أن مستوى المعرفة الدينية، تراجع كثيرا في أوساط الشباب على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة قياسا على ما كان عليه في جيل الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حتى أن المعلوم من الدين بالضرورة لم يعد معلوما ولا معروفا لدى الكثيرين منهم.
ووفقا لباحثين فإن أسباب تدني المعرفة الدينية، وضعف الثقافة الشرعية في أجيال الشباب منها ما هو تعليمي وتربوي كتقليص المواد الدينية في المناهج الدراسية، ومنها ما هو سياسي كتضييق هوامش حركة العلماء والدعاة في كثير من الدول الإسلامية، وبعضها الآخر فكري كتزايد موجات الطعن والتشكيك في الدين وأحكامه وتعاليمه.
وفي هذا السياق أشار الباحث الشرعي الأردني، عبد الرحمن شاهين إلى "أننا – فيما يبدو- على أعتاب مرحلة جديدة من انحسار المعرفة الدينية الشائعة بين عوام المسلمين، ففي مقارنة سريعة بين المعرفة الدينية الشائعة في أوساط الشباب في مرحلة البلوغ حتى الجامعة بين جيل اليوم وجيل التسعينات وأوائل هذا القرن، نجد أن المعلوم من الدين بالضرورة أصبح من المعالم التي بدأت تنحسر".
وأضاف في منشور له عبر صفتحته على الفيسبوك "ناهيك عن تراجع الثقافة الشرعية بمعناها العام، فتجد قطاعا عريضا من طلاب المدارس اليوم يجهلون كيفية الوضوء الصحيح، وهيئات الصلاة، والحلال والحرام، وأسس الثقافة الشرعية من أسماء أمهات المؤمنين والصحابة، والوقائع التاريخية المفصلية في تاريخ الإسلام، بينما كانت هذه المعرفة شائعة جدا في جيل شباب التسعينات".
أما أسباب انحسار المعرفة الدينية في أوساط شباب اليوم فأرجعها شاهين إلى عدة أسباب، من أبرزها ما أسماه بـ "علمنة المناهج الدراسية، وضغط الثقافة الغربية بكل مجالاتها (إعلام ووسائل اتصال..)، وغياب دور الأسرة المسلمة في التثقيف الشرعي، والاتكال على المدارس، وعدم وجود خطاب دعوي تثقيفي يستهدف هذه الفئة المركزية من أبناء المجتمع المسلم".
من جهته ذكر الأكاديمي السعودي، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي أن لضعف المعرفة الدينية، وتدني انتشار العلوم الشرعية أسبابا كثيرة منها "انشغال الدعاة بالسياسة والأحداث الجارية، وتأثر العلماء وطلاب العلم بالحملات الرسمية ضدهم وضد علوم الشريعة كذلك".
وأضاف: "كما أن توجه عدد من الدول لمحاربة الدعوة الإسلامية، ومحاصرة كتبها، والتضييق على رموزها، وفي الوقت نفسه ارتهان كثير من العلماء والدعاة لسياسات وقرارات الأنظمة الرسمية لهو من أهم الأسباب وأبرزها".
ولفت الغامدي في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "حملات الثورة المضادة للربيع العربي ساهمت هي الأخرى في ذلك، إضافة إلى أن وسائل الإعلام المختلفة الموجهة من ذات الاتجاه احتضنت أعدادا من المشككين في الدين، والطاعنين في أحكامه وتعاليمه".
ولاحظ الغامدي أن "اهتزاز صورة بعض العلماء، الذي أفقد ثقة الشباب بهم، انعكس على مستوى اهتمام الشباب بالدين وتعلم أحكامه، كما أن تأثرهم بالشبهات والشهوات عبر تعاطيهم مع شبكة الانترنت، وتواجدهم على مواقع التواصل الاجتماعي كان له مردود سلبي جدا في هذا المجال".
وطبقا للغامدي فإن "حالة تزعزع الحركات والجماعات الدعوية (الإخوان والسلفيين والتبليغ)، وتراجع حضورها وضعف تأثيرها أدّى إلى تدني انتشار المعرفة الدينية، بما كانت تقوم عليه من نشاطات دعوية، وفعاليات علمية وفكرية نافعة ومفيدة".
بدوره قال الأكاديمي المصري، الأمين العام لمجلس إعادة بناء الفكر الإسلامي بالقاهرة، الدكتور محمود السماسيري: "لعل من أهم أسباب تدني المعرفة الدينية في أوساط الشباب اليوم انتشار ثقافة الانترنت، وانشغالهم الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما استهلك أكثر أوقاتهم".
وأضاف "من الملاحظ أن تراجع حضور الجماعات والاتجاهات الإسلامية، وانحسار دورها وتأثيرها بعد الربيع العربي، جعل النظرة إليها سلبية، ما أضعف الرغبة في المعرفة الدينية، وقلل الاهتمام بالثقافة الشرعية بوجه عام".
وتابع حديثه لـ"عربي21" بالتنبيه إلى أن "الدولة المدنية بطبيعتها لا تهتم بالدين كثيرا، فجل اهتمامها به محصور في المواسم الدينية، والمظاهر الطقوسية، كما أن هيمنة النزعة المادية بتوجهاتها العلمانية ساهمت في تزهيد الشباب وعزوفهم عن طلب الثقافة الدينية وتعلمها".
وعن الحلول الممكنة لمعالجة حالة تدني المعرفة الدينية في أوساط الشباب رأى السماسيري أن "كل ما يُقال في مجال الحلول لا يعدو أن يكون نظريا، ففي ظل الظروف والأوضاع السائدة ، من محاصرة الاتجاهات والتيارات الدينية، ووجود توجهات صارمة لمحاصرة كثير من تجليات الدين ومظاهره، في ظل كل ما يقال عن التخوف من الإرهاب والتشدد الديني،يصعب وضع حلول قابلة للتطبيق" على حد قوله.
وشدد في ختام حديثه على أن "الحلول الناجعة لا تكون إلا بإيجاد نماذج عملية ناجحة (أشخاص واتجاهات ودول)، يغري الناس بالالتزام بالدين، ويحثهم عمليا وبالقدوة على تعلم علومه، واكتساب معارفه، والتزود من ثقافته".