أعادت
الأحداث الأخيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وقوات الحشد الشعبي العراقي، طرح
موضوع الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد، ومطالبة عدد من القوى الشيعية الموالية
لإيران بإلغائها عبر إقرار قانون في البرلمان، ينهي التواجد الأمريكي في العراق.
تلك
المطالبات أعلنتها مليشيا "كتائب حزب الله في العراق"، الأربعاء، عقب انسحاب
محتجي الحشد الشعبي من أمام السفارة الأمريكية، بالقول: "لبينا دعوة عبد المهدي
بتغيير مكان الاعتصام مقابل العمل الجاد لإقرار قانون إخراج القوات الأجنبية".
وأكدت
أنها ستراقب عمل البرلمان الأسبوع المقبل للمباشرة بتشريع قانون إخراج القوات الأجنبية
وفاءً لدماء الشهداء، مهددة بكشف أسماء وعناوين وصور من يخل بالنصاب جلسة التصويت على
إخراج قوات الاحتلال الأمريكي أو من لا يصوت على إخراجهم.
توافق
برلماني
ولعل
أهم التساؤلات التي تطرح الآن، هل يوجد توافق بين الكتل السياسية بالبرلمان لتمرير
مثل هذا القانون؟ وهل تلتزم واشنطن بأي قرار ينهي تواجدها بالعراق؟ ماذا لو فشل البرلمان
في إقرار قانون يجلي القوات الأمريكية من العراق؟
النائب
رعد المكصوصي عن ائتلاف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر،
قال لـ"عربي21" إن "هذه ليست المرة الأولى التي تطالب فيها قوى سياسية
بإلغاء الاتفاقية الأمنية، لكنها للأسف لم تفلح حتى بعد جمع تواقيع لانعقاد جلسة برلمان
لإلغائها".
وأضاف:
"نحن في كتلة "سائرون" وعدد من الكتل السياسية الأخرى مع إلغاء الاتفاقية
الأمنية مع الولايات المتحدة، لأنها بمثابة احتلال للبلد، ومنذ البداية كنا في التيار
الصدري ضد إقرارها، ولم يستمع إلينا أحد في حينه".
وبخصوص
ما إذا كان هناك توافق داخل البرلمان العراقي لتمرير قانون يلغي الاتفاقية الأمنية
ويجبر الولايات المتحدة على الانسحاب، قال المكصوصي: "نعم هناك توافق بين الكتل
السياسية بالبرلمان، ولا سيما بعد قصف مقرات الحشد الشعبي الأخيرة، فالآن حالة الاستياء
أوسع من ذي قبل، وأتوقع التصويت على إلغاء الاتفاقية".
وقبل
ذلك، أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر استعداده لإخراج الجيش الأمريكي من العراق
سياسيا، مهددا الولايات المتحدة "بتصرف آخر" حال عدم سحب قواتها من بلاده.
وقال
الصدر في بيان نشره، الاثنين الماضي، عبر "تويتر" في أعقاب الهجوم الأمريكي
على مواقع "الحشد الشعبي": "حذرنا سابقا من مغبة زج العراق في الصراعات
الإقليمية والدولية. وقلنا إن العراق وشعبه ما عاد يتحمل مثل هذه التصرفات الرعناء".
وأضاف:
"لو أننا تعاونا سابقا لإخراج المحتل عبر المقاومة العسكرية، لما جثم على صدر
العراق. ولو أننا تعاونا من أجل عدم إقرار الاتفاقية المذلة لم يحدث ما حدث".
وأردف: "اليوم أنا على استعداد لإخراجه بالطرق السياسية والقانونية فهل من ناصر
ينصرنا؟".
اقرأ أيضا: "حزب الله" العراقي: الحكومة وعدت بتشريع لإخراج الأمريكيين
"طرف ضامن"
من جهته،
قال المحلل السياسي يحيى الكبيسي: "الوجود الأمريكي في العراق لا علاقة له بالاتفاقية
الأمنية الموقعة بين البلدين، بل بسبب دخول العراق طرفًا في التحالف الدولي ضد تنظيم
الدولة الذي تشكل في أيلول/ سبتمبر 2014".
وأضاف
في حديث لـ"عربي21": "أما الاتفاقية الأمنية، فقد وقع العراق والولايات المتحدة الأمريكية اتفاقيتين
في العام 2008؛ الأولى هي اتفاقية وضع القوات، التي تعرف اختصارا باتفاقية SOFA".
وهي
الاتفاقية التي تحدد الأحكام والمتطلبات الرئيسة التي تنظم الوجود المؤقت للقوات الأمريكية
في العراق من تاريخ دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 1 كانون الثاني/ يناير 2009
ولمدة ثلاث سنوات (المادة ثلاثون)، أي أنها انتهت رسميا منذ 31 كانون الاول/ ديسمبر
2011 (المادة 24)، بحسب الكبيسي.
وتابع:
"والثانية هي اتفاقية الإطار الإستراتيجي والتي تعرف اختصارا (SFA) وتتحدث عن التعاون
في مجالات متعددة، من بينها التعاون الدفاعي والأمني، والتي جاء بأربعة أسطر فقط، ومن
دون تحديد آليات هذا التعاون. فالمادة نصت على أن يكون هذا التعاون "وفقا للاتفاق
بين العراق والولايات المتحدة بشأن انسحاب الأخيرة وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت
بالعراق".
وأوضح
الكبيسي: "وهذا يعني عمليا أنه مع انتهاء الاتفاقية الأولى بعد ثلاث سنوات، كما
نصت على ذلك، لم يعد هناك أي إطار قانوني لهذا التعاون".
عراقيا،
يؤكد الكبيسي، أنه "ليس هناك أي توضيح رسمي للإطار القانوني الذي يحكم القوات
الأمريكية في العراق، وهو موضوع مسكوت عنه تماما".
وأردف:
"كل ما تقدم يوجب على العراق والولايات المتحدة البحث عن إطار قانوني مختلف تماما
عن الاتفاقيات السابقة، لأن ما يحدد طبيعة العلاقة وسياقات العمل بين الطرفين ليس سوى
تفاهمات ضمنية غير معلنة، وربما أمر واقع مفروض على الطرفين، وليس إطارا قانونيا محددا
وواضحا وملزما لكليهما".
وشكك
الكبيسي بإمكانية تمرير قانون في البرلمان العراقي يطالب بانسحاب كامل للقوات الأمريكية،
لأن "ثمة رفض كردي مطلق، ورفض سني شبه مطلق، لأن الوجود الأمريكي ضرورة، ليس لمواجهة
تنظيم الدولة فقط، وإنما كطرف ضامن في ظل اختلالات علاقات القوة في العراق".
اقرأ أيضا: بعد انسحاب المحتجين.. خارجية العراق: رسالتهم وصلت
المحلل
السياسي العراقي "شكك تماما" بأن ثمة إجماع شيعي على رفض الوجود الأمريكي،
لأن "الجميع يعلم أن تنظيم الدولة سيشكل خطرا حقيقيا في حالة انسحاب القوات الأمريكية
بالكامل".
واتهم
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الثلاثاء، إيران بالمسؤولية عن تنظيم اقتحام سفارة
واشنطن ببغداد. ودعا ترامب في تصريحات نشرها على حسابه بـ"تويتر"، العراق
إلى استخدام القوة لحماية السفارة هناك.
ووجه
ترامب اتهاما إلى إيران بالمسؤولية عن مقتل "متعاقد أمريكي" وإصابة آخرين،
خلال القصف الذي استهدف قوات التحالف بالعراق الجمعة الماضية. وتابع: "رددنا بقوة
(على الاستهداف) وسوف نفعل ذلك دائما".
"على خط المواجهة".. ما تداعيات أحداث سفارة واشنطن في بغداد؟
قرارات عسكرية وتحذير من تحرك أمريكي.. ماذا يجري بالعراق؟
تنامي "خطير" للصراع الأمريكي الإيراني بالعراق.. ماذا وراءه؟