تشهد مصر تراجعا كبيرا في مساحات إنتاج محصول القمح، على الرغم من كونها ثاني أكبر مستورد للقمح في العالم.
وحذر خبراء ومسؤولون حكوميون سابقون من استمرار تراجع مساحات الأرض المنزرعة بمحصول القمح سنة تلو الأخرى في مصر، وتأثيره على الفجوة الغذائية من ناحية، وتكلفته الباهظة على موازنة الدولة من ناحية أخرى.
وفندوا في تصريحات لـ"عربي21" عدم سعي الحكومة المصرية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، أو زيادة إنتاجه باعتباره محصولا إستراتيجيا يعتمد عليه 100 مليون مواطن في طول البلاد وعرضها، وبقائها على قائمة الدول الأكثر استيراد للقمح في العالم.
تراجعت مساحات القمح المنزرع الموسم الحالي 13 بالمئة عن الموسم السابق، من 3.1 مليون فدان العام الماضي إلى نحو 2.7 مليون فدان فقط، على الرغم من إعلان وزارة الزراعة استهدافها زراعة 3.5 مليون فدان قمح في بداية الموسم الحالي.
تحتل مصر المركز الثاني كأكبر مستورد للقمح في العالم حيث تستهلك 18 مليون طن سنويا، وتنتج نحو 8 ملايين طن فقط، والباقي تستوردة من عدة دول من بينها روسيا وأوكرانيا وفرنسا.
بلغت الفجوة الغذائية حوالي 67.5 بالمئة (الزيوت النباتية 98بالمئة، القمح 60 بالمئة، الذرة الصفراء 85 بالمئة، السكر29 بالمئة ، اللحوم الحمراء 45 بالمئة، الأعلاف مركزة 92 بالمئة)، وفق موقع الفلاح اليوم المتخصص في شؤون الفلاحين والزراعة.
أقرأ أيضا: تراجع إنتاج القمح في مصر يفضح منظومة "التقاوي الجديدة"
تراجع إنتاج القمح ومخاطره
أكد أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، جمال محمد صيام، أن "مساحة زراعة القمح سوف تنخفض هذا العام أكثر من نصف مليون فدان، مقارنة بالعامين الماضيين، بعد أن وصلت المساحة إلى 3.3 مليون فدان، ومن المتوقع أن تصل هذا العام نحو 2.7 مليون فدان فقط".
وبخصوص السبب الرئيسي بشأن تراجع مساحة القمح، أوضح لـ"عربي21": أن "الحكومة أحجمت منذ سنتين عن منح المزارعين محفزات، وشراء القمح بسعر مجز، فكانت تشتري القمح المحلي بأعلى من السعر العالمي بنحو 20 بالمئة، أما اليوم فهي لا تدفع أكثر من السعر العالمي إن لم يكن أقل، رغم أنه أعلى جودة".
وأرجع سبب تراجع إنتاج محصول القمح إلى "توقف الكثيرمن الدراسات في مراكز البحوث لاستنباط أصناف جديدة من القمح بسبب ضعف التمويل، وأن إنتاجية فدان القمح تبلغ 18 أدربا منذ سنوات طويلة"، مشيرا إلى أن "مركز البحوث الزراعية لا يحصل إلا على 200 مليون جنيه (12 مليون دولار) وبه 16 معهد و25 محطة بحوث، وآلاف الباحثين، وهي لا تغني ولا تسمن من جوع".
كما ألقى باللوم على غياب الإرشاد الزراعي، قائلا: "لا توجد خدمات إرشاد زراعي أصلا، وأدوات السياسة الزراعية بخصوص الأمن الغذائي معطلة؛ وبالتالي ستزيد القجوة الغذائية مع زيادة السكان، ومع السياسات المعوقة، ما يشكل تهديدا للأمن الغذائي المصري".
أقرأ أيضا: كيف تعاقب مصر مزارعي القمح وتكافئ مافيا الاستيراد؟
"القمح ليس من أولويات السيسي"
وقال مستشار وزير التموين الأسبق، عبدالتواب بركات، "تتراجع مساحات الأرض المنزرعة بالقمح سنة بعد أخرى منذ يوليو 2013، رغم ما شهده المحصول من طفرة في المساحة والإنتاجية بعد ثورة يناير 2011، وبلغت هذه الطفرة ذروتها تحت حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، فزادت مساحة القمح بنسبة 10 بالمئة، وزادت الإنتاجية بنسبة 30 بالمئة، وتراجعت معدلات الاستيراد من الخارج إلى النصف وهي معدلات غير مسبوقة بكل المقاييس".
وأضاف لـ"عربي21": أن "تراجع مساحة القمح يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن أولويات السيسي لا تستهدف الاكتفاء من هذا المحصول الإستراتيجي، بل العكس، فقد اعترف وزير التموين الأسبق، خالد حنفي، بأن الحكومة لا تستهدف الاكتفاء الذاتي من القمح؛ لإنه يجعلها تتحكم في أسعار القمح باعتبارها أكبر مستورد له".
وحذر من "استمرار الحكومة في محاربة زراعة القمح محليا والتوسع في الاستيراد يكلف الموازنة العامة للدولة أكثر من 50 مليار جنيه (3 مليارات دولار) لاستيراد 12 مليون طن، ما يمثل أكثر من 70 بالمئة من الاستهلاك، علاوة على أنه يعزز التبعية الغذائية، ويرهن السيادة الوطنية والقرار السياسي للدول التي تتحكم في غذاء المصريين".
واتهم عبدالتواب النظام بأنه "ألغى دعم القمح ومنع المزارعين من توريد الإنتاج إلى وزارة التموين، وتوسع في استيراد أقماح مصابة بفطر الإرجوت السام، علاوة على أن هذه السياسة تدعم المزارع الأجنبي بأموال المصريين الفقراء وتزيد من فقر المزارعين المصريين الذين ينتجون 80 بالمئة من غذاء المصريين في ظل حكومة تحرمهم من كل صور الدعم".
ما عوائد مليارات البنك المركزي لتنشيط السياحة في مصر؟
ما سر صعود الجنيه المصري أمام الدولار.. هل يواصل مكاسبه؟
بورصة قطر تقود أسهم الخليج للصعود.. و"أرامكو" يتراجع