لعب البرلمان المصري
خلال عام 2019، دورا كبيرا في تثبيت أركان حكم رئيس النظام المصري عبد الفتاح
السيسي، بإدخال العديد من التعديلات على دستور 2014، بما سمح للسيسي بالاستمرار في
الحكم حتى عام 2028، بالإضافة لإقرار سلسلة من القوانين والتشريعات التي دعمت
سيطرته وقبضته الأمنية.
وحسب البيان الإحصائي
الصادر عن المجلس الأعلى للإعلام، فقد عقد البرلمان 110 جلسات طوال عام 2019، أقر
فيها 155 قانونا، بالإضافة للتعديلات الدستورية، وناقش 1500 طلب إحاطة، ووافق على
65 اتفاقية من بينها 4 اتفاقيات خاصة بقروض جديدة للحكومة المصرية، كما أنه وافق على
تعديلين تم إدخالهما على حكومة مصطفى مدبولي.
ويؤكد برلمانيون
مصريون سابقون، أن "مجلس عبد العال"، نسبة لرئيسه علي عبد العال، استخدم
صلاحياته التشريعية في دعم خطوات السيسي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بسلسلة
من القوانين الهامة، مثل تعديلات قانون الجنسية، وإقرار مد حالة الطوارئ في مخالفة
للدستور، واستخدام البرلمان كوسيلة لإرهاب معارضي السيسي.
اقرأ أيضا: لماذا حصن السيسي صندوق مصر من طعن المواطنين؟
وتعد التعديلات
الدستورية التي أدخلها البرلمان على دستور 2014، بناء على طلب قدمه نواب حزب
"مستقبل وطن"، هي الأبرز خلال 2019، وكان من أهم التعديلات التي أقرها
النواب، تعديلات المواد الخاصة بمدة الرئاسة، وإدخال مادة انتقالية على الدستور
سمحت للسيسي دون غيره، بالاستمرار بالرئاسة حتى عام 2028، بالإضافة لتشكيل مفوضية
الانتخابات المصرية، التي لم تعد قاصرة على القضاة فقط.
ووافق البرلمان كذلك
على تعديلين للحكومة تم إدخالهما على قانون الجنسية المصرية، حيث فتح التعديل
الأول الباب لمنح الجنسية مقابل مبالغ مالية، أو مقابل الاستثمار في مصر، ومنحها
التعديل الثاني بمقابل شراء أحد الأصول المملوكة للدولة.
وقبل أن يلملم 2019
أوراقه أدخل البرلمان تعديلا هاما على القانون المنظم للصندوق السيادي المصري،
بمنع الطعن على قراراته والعمليات التي يقوم بها، من أي شخصية عادية أو اعتبارية،
باستثناء رئاسة الجمهورية، التي تشرف على أعمال الصندوق، كما أنه أدخل تعديلا على
قانون محكمة النقض، قلل فيه درجات التقاضي لدرجة واحدة فقط.
وفي الوقت الذي أقر
فيه البرلمان قانون العمل الأهلي الذي أثار العديد من علامات الاستفهام حول رغبة
الحكومة في فتح المجال للمجتمع المدني، فقد وافق البرلمان للمرة العاشرة منذ انتخابه،
وللمرة الثالثة في 2019، على مد حالة الطوارئ التي فرضها السيسي على البلاد، كما
أنه وافق على عدة تعديلات لزيادات إضافية بمعاشات ضباط الجيش والشرطة، وفي المقابل أقر
قانون زيادة الضريبة على الدخل.
برلمان ملاكي
ويؤكد عضو مجلس الشعب
المصري في الفترة من 2000 وحتى 2012، عزب مصطفى، لـ "عربي21"، أن
البرلمان الحالي، ليس برلمانا للشعب المصري، وإنما هو برلمان الرئيس، وبالتالي
سخَّر إمكانياته لدعم السيسي ونظامه، ولذلك كانت فضيحة التعديلات الدستورية لتمكين
السيسي من الاستمرار في الحكم.
ويوضح مصطفى، أنه
بجانب كارثة التعديلات الدستورية، فإن رئيس البرلمان علي عبد العال، وبموافقة باقي
الأعضاء، أقر العديد من السوابق البرلمانية التي كانت سببا في خنق المجال السياسي
العام، وشل حركة النواب في محاسبة الحكومة، عندما أعلن صراحة أن الرئاسة والجيش
والشرطة خطوط حمر، لا يمكن لأحد الاقتراب منها أو انتقادها، ثم زاد بعد ذلك،
بمنع النواب من التصفيق لأي مسؤول بالدولة باستثناء السيسي.
اقرأ أيضا: ما الوجه الخفي لإسناد حقيبة الاستثمار لرئيس حكومة السيسي؟
ويشير البرلماني
السابق، إلى أن "مجلس عبد العال"، ساهم في تجميل وجه النظام القبيح في ما
يتعلق بحقوق الإنسان، عندما نظم زيارة مصطنعة للسجون المصرية، الشهيرة بزيارة
"الكباب والكفتة"، في الوقت الذي كانت فيه الأمم المتحدة تناقش ملف انتهاكات
مصر في مجال حقوق الإنسان.
ويضيف مصطفى
قائلا:" البرلمان لعب دورا خطيرا في دعم خطط السيسي التخريبية في الدول
المجاورة، عندما استضاف اجتماعا لنواب البرلمان الليبي الداعمين للواء المنشق
خليفة حفتر، بهدف خلق ظهير شعبي يدعم الحملة العسكرية التي يقوم بها حفتر ضد حكومة
الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، والتي يرفضها النظام المصري".
صناعة المخابرات
ويدعم عضو لجنة
العلاقات الخارجية في برلمان 2012، محمد عماد صابر، الرأي السابق، مؤكدا لـ
"عربي21"، أن البرلمان الحالي هو الأسوأ في تاريخ الحياة النيابية بمصر،
كما أنه برلمان مصنوع وفقا لرغبة الأجهزة الأمنية والمخابراتية، ولذلك جاءت
تحركاته كلها في دعم توجهات وسياسات النظام العسكري.
ويشير صابر إلى أن
البرلمان الحالي، رغم أنه يحظى بصلاحيات لم تتوفر للمجالس السابقة، وأهمها عزل
الحكومة واشتراط الموافقة على تشكيلها، إلا أنه في المقابل، كان أحد أسباب سيطرة
السيسي على السلطتين التشريعية والقضائية، بعد أن تحول البرلمان لأداة لينة وطيعة
في يد السلطة التنفيذية.
ووفق صابر، فإن عدم
استخدام النواب لآلية الاستجواب، كانت سببا في انتشار الفساد والانهيار الإداري
والعشوائية التي يتعامل بها النظام العسكري، مع الشأن المصري في مختلف المجالات،
كما أن سلسلة التشريعات التي أقرها منذ وجوده في 2015، كانت سببا في ترسيخ أقدام
السيسي، وكونت حائط صد منيعا ضد معارضيه، حتى لو كانوا من داخل النظام نفسه، كما
جرى مع النائب أحمد طنطاوي وزميله هيثم الحريري، لموقفهما الرافض من التعديلات
الدستورية.
أحداث مرت بمصر خلال 2019.. أيها كان الأكثر تأثيرا؟
روبرت فيسك يكتب عن محمد علي ويؤكد "العفوية" سر شعبيته
تغييرات مخابراتية وأمنية بمصر.. هذه أهدافها