لم يخرج خطاب رئيس اركان جيش الاحتلال الاسرائيلي افيف كوخافي اول أمس 25-12 في ذكرى وفاة رئيس الاركان الأسبق شاحك عن رؤية الامن الاسرائيلي القائمة على التهديد الوجودي أو ايجاد التهديدات وتعظيمها سواء أكان الامر ارضاء لنظرية الجيتو والحصار السائدة في اسرائيل او استجابة لاهداف ومصالح سياسية ضيقة تضمن للمستوى السياسي برئاسة نتنياهو التزود بسلاح الخوف لاسكات صوت المعارضين له بسبب قضايا الفساد ، وتكفل للجيش المزيد من الميزانيات الهامة لخطة " تنوفا " العالقة ، ولرواتب ورفاه جنوده وضباطه الحاليين و المتقاعدين.
رسم كوخافي مشهدا لاسرائيل وهي
محاطة بالاعداء والصواريخ من كل حدب وصوب ، لكنه أكد أهمية تفرغ اسرائيل لمواجهة
التهديد الاول في مركزيته وهو تعزيز ايران لقوتها العسكرية في الشمال، وفي
المنطقة بشكل عام ، وذكر تحديداً صواريخ حزب الله الدقيقة ، وهو ما أكده رئيس الموساد
في كلمة له في مقر رؤساء اسرائيل أمس 26-12 بقوله: يقع التهديد الايراني على رأس
سلم أولويات جهازه، وبناء على ذلك فان (المصلحة الوطنية) لدولة الاحتلال هي تهدئة
للجبهة الجنوبية مع غزة حتى وان أجبر صاروخ غزة نتنياهو على قطع خطابه للمرة
الثانية في عسقلان خلال عدة أشهر ، مما استدعى شلالاً من الانتقادات اللاذعة
لنتنياهو مثل: "نتنياهو وعد بإسقاط حماس ، ولكنه أسقط الردع
الاسرائيلي" وفق أفيغدور ليبرمان دون ان ينسوا الاشارة لصاروخ غزة كرد ايراني
ضد هجمات اسرائيل في سوريا والعراق.
حذر كوخافي من ان احتماليات الحرب مع
ايران قد ارتفعت بشكل واضح ، مع انه لم يرجح وقوع ذلك ، كما أشار الى احتماليات
تضامن الجبهات الشمالية والجنوبية ، فتصعيد في إحداها قد يعني اشعال بقية الجبهات
، لكنه وفي محاولة لايجاد توازن في تحذيراته اشار الى خشية من أسماهم ب أعداء
اسرائيل من المبادرة للحرب ضدها ، مما يؤكد استمرار التقديرات السابقة بان الحرب
ستكون -ان كانت- بسبب تدهور الاوضاع وتطور التصعيد.
الفرصة للتوصل لتهدئة مع المقاومة في
غزة تكررت ايضا في خطاب كوخافي ، فاسرائيل تريد التفرغ للشمال من جهة، واقتناص
فرصة شعورها الموهوم بالانتصار بعد حملة ( حزام اسود ) التي اغتالت فيها القائد
الشهيد أبو العطا، إضافة الى التقدير الثابت بان كل مواجهة مع غزة تكلف اسرائيل
ثمناً باهظاً دون تحقيق اهداف سياسية حقيقية، لذا اكد رئيس الاركان تبنيه لما
اعتبره سياسة سابقيه بضرورة التوصل لتسوية مع غزة وعدم تفويت الفرصة على قاعدة
تسهيلات انسانية مقابل الهدوء.
ولكن هل يمكن ان تعطي اسرائيل المزيد
من التسهيلات لغزة دون حل قضية الجنود والمفقودين فيها؟ من الممكن ان تعطي
تسهيلات معينة ولكن امتحان نجاح هذه التسهيلات في رضا المقاومة عنها من جهة،
واقناع الرأي العام الاسرائيلي في انها ليست تسهيلات جوهرية بل انسانية اساسية.
اعترف كوخافي في خطابه بان جيشه لم
يستطع توفير الشعور بالامن لانه لا يستطيع وقف اطلاق صفارات الانذار المرعبة
للسكان على كل "طائر" يطير من غزة، مشيرا لانجازات الجيش الكبيرة في
اعتراض الصواريخ وتقليص عدد الحرائق وغيرها.