أُعلن في الجزائر، الاثنين، بشكل رسمي عن وفاة قائد الجيش الفريق قايد صالح، عن عمر يناهز 79 عاما، جراء أزمة قلبية.
وكان صالح قد قاد الجزائر في مرحلة حرجة، بعد تنحي الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث استلم زمام الأمور، وحاور المحتجين المشاركين في الحراك الشعبي.
التأثير على الحياة السياسية
وكثيرا ما كان يُتهم الجيش بالتدخل في الحياة السياسية، ما يثير تساؤلا حول تأثير وفاة قائد الجيش قايد صالح على الحياة السياسية في الجزائر وعلى المرحلة المقبلة.
وأكد المحلل السياسي الجزائري، إدريس ربوح، أن "رحيل صالح لن يؤثر على الحياة السياسة، وأنها ستبقى مستقرة، مضيفا: "المرحوم قايد صالح أكد على أن عهد صناعة الرؤساء قد ولى، وأن المؤسسة العسكرية ستبقى على مسافة واحدة من جميع المتنافسين في الحياة السياسية والاستحقاقات الانتخابية، وستلتزم مؤسسة الجيش بمهامها وفق ما نص عليه الدستور فحسب".
وتابع ربوح في حديث لـ"عربي21": "أيضا ترك فقيد الجزائر صالح البلاد في وضع سياسي جيد، حيث تم تجاوز الأزمة السياسية عبر الحل الدستوري، الذي أفضى إلى انتخابات رئاسية شهد الجميع بنزاهتها".
من جهته، قال الكاتب والإعلامي الجزائري حسن زيتوني: "أعتقد بأن وفاة قايد صالح سيكون لها تأثير على الحياة السياسية، ولكن نتمنى أن يكون تأثيرا إيجابيا، فهو كان الرئيس الفعلي، وكان يمسك بزمام الأمور في الجزائر، ويدير كل العملية السياسية، ويتعامل مع الحراك".
وتابع زيتوني في حديث لـ"عربي21": "لكن نحن تعودنا في الجزائر بأن الدولة لا تزول بزوال الرجال والحكومات، مع ذلك سيكون هناك تأثيرات سياسية لرحيله، حيث عبر الرئيس الحالي تبون عن الفقدان الكبير بعد وفاة صالح في التركيبة السياسية ومنظومة الحكم الجزائري، فهو من أشرف على فرض الانتخابات التي أفرزت الرئيس الجديد".
وأكد على أن "التأثيرات بالنسبة للنظام بحد ذاته لن تكون سلبية، بل سيستمر، لكنه أشار إلى أن الحراك الشعبي يتوقع الآن تطورات سياسية جديدة، أبرزها فتح قنوات تواصل حوار مع ممثليهم، الذين هم داخل السجون، ليتم الأفراج عنهم، وبدء مرحلة جديدة".
اقرأ أيضا: خبير أمني: لا مؤشرات لانفراج العلاقات الجزائرية ـ المغربية
انتخابات مبكرة أم تغيير الدستور
وكان قائد الجيش الفريق قايد صالح قد أصر على إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها، على الرغم من معارضة قسم من الجزائريين، حيث طالب المحتجون بتغيير الدستور أولا.
لكن مع وفاة صالح هل يمكن أن نرى نقاشات ومطالبات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟
عن هذا السؤال يجيب إدريس ربوح بأن "الرئيس المنتخب هو المخول دستوريا لفتح النقاش مع جميع أطياف الساحة السياسية وكل فعاليات المجتمع، للتشاور في مختلف القضايا، وما يفرزه هذا الحوار السياسي من مخرجات سيتم تنفيذه، لأن عهدة الرئيس عيد المجيد تبون ستكون مرحلة انتقالية، يتحقق فيها الانتقال الديمقراطي، كما انتقلت السلطة من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال بشكل سلس، رغم الظروف الصعبة التي مرت بها الجزائر".
بدوره، عبر زيتوني عن اعتقاده بأنه "لن يكون هناك مطالبة بانتخابات مبكرة، مضيفا: "لكن ما طرحه الرئيس الجديد تبون هي فكرة رددها الحراك الشعبي كثيرا، وهي أنه قبل الذهاب لأي انتخابات علينا تغيير الدستور الجزائري المعمول فيه حاليا، وسد الثغرات التي كان يستغلها النظام السابق للاستمرار في الحكم، مثل عدم تحديد عدد فترات تسلم الرئيس لمنصبه".
وتابع: "النقاشات ستكون حول عمل دستور جديد، فهو الأساس، فإذا تم سن دستور جديد يمكن بعدها الاتجاه لانتخابات تشريعية تمكّن عودة الحكم للشعب عبر ممثليه في البرلمان".
التأثير على دور الجيش
وحول ما إذا كانت وفاة صالح ستؤثر على دور الجيش في الحياة السياسية، قال زيتوني: "لا أعتقد أنها ستؤثر، فالجيش منذ الاستقلال هو من يتحكم في كل القرارات، ومن يدير هذه العملية برمتها مجموعة من الجنرالات، هم من يسيرون الأمور ويتحكمون فيها".
وختم حديثه بالقول: "لكن نتمنى من قيادة الأركان الجديدة أن تقوم بدور أساسي، وهو محاولة وقف تأثير الجيش في الحياة السياسية، لأن تدخل الجيش في الحياة السياسية أثر على المؤسسة العسكرية سلبا".
من ناحيته، قال المحلل السياسي إدريس ربوح: "الجيش الجزائري رتب انسحابه المتدرج من الحياة السياسية منذ انتفاضة تشرين أول/ أكتوبر 1988، لكن انتكاسة التجربة الديمقراطية جعلته يعود من جديد".
وأضاف: "أعتقد أن الجيش مقتنع وعازم على الابتعاد عن الشأن السياسي، والمحافظة على سمعته المتصاعدة كمؤسسة لكل الجزائريين، التي ازدادت أكثر حين التزم بالحلول الدستورية بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واستخلافه برئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، إلى غاية انتخاب عبد المجيد تبون من طرف الشعب الجزائري".
ماذا وراء النسب و"الأرقام" في انتخابات الرئاسة الجزائرية؟
ما مستقبل علاقات الجزائر بقيادة تبون مع تونس والمغرب؟
تبون يدعو للحوار والمعارضة تمدّ يدها بشروط.. هل تنفرج الأزمة؟