وصف سياسيون ومختصون
مصريون، جولات المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، تحت رعاية الولايات
المتحدة والبنك الدولي، بأنها "مضيعة للوقت"، وتأتي ضمن خطة أمريكية
إسرائيلية، لخداع الشعب المصري، مستدلين بعدد من المستجدات التي شهدتها أزمة سد
النهضة خلال الأيام الماضية.
وكانت جولة المفاوضات
التي اختتمت أعمالها بالخرطوم مساء الأحد 22 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري،
لوزراء الري في الدول الثلاث، انتهت دون التوصل لأي اتفاق في النقاط الخلافية بين
مصر وإثيوبيا، ومن المقرر أن تعقد جولة ثالثة في أديس أبابا بداية الشهر المقبل،
قبل الجولة النهائية في واشنطن، التي لم يتحدد موعدها.
وحسب الخبراء الذين
تحدثوا لـ "عربي21"، فإن الجولة التي جرت بالخرطوم، صاحبتها عدة مؤشرات
خطيرة لم تكن في صالح مصر، منها إعلان وزير الري الإثيوبي، بدء الملو التجريبي
لبحيرة سد النهضة، في تموز/ يوليو 2020، وفقا للجدول الذي وضعته إدارة السد، وبما
يحافظ على المصالح الإثيوبية.
وتزامن تصريح الوزير
الأثيوبي، مع تصريحات أخرى أطلقها وزير الري المصري، أثناء اجتماعات الخرطوم، أكد
فيها تفهم حكومته للمخاوف الإثيوبية المتعلقة بإجراءات الملو والتشغيل، مشيرا إلى
أن مصر مستعدة لحلحلة الأمور، بدعم بيع فائض إنتاج كهرباء سد النهضة، من خلال شبكة
الكهرباء المصرية، التي تبيع فائض إنتاجها لأوروبا وعدد من الدول العربية.
ترحيب إسرائيلي
يأتي هذا في الوقت
الذي أعلنت فيه الخارجية الإسرائيلية للمرة الأولى، استعدادها لمساعدة إثيوبيا في
إدارة مواردها المائية، والمشروعات المرتبطة بها، بما فيها سد النهضة، كما جاء في
البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية، بعد الاجتماع الذي جرى يوم السبت 21
كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في تل أبيب، بين وزيرة الدولة الإثيوبية للشؤون
الخارجية هيروت زمين، ونائبة المدير العام للشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية
الإسرائيلية آينات شيلين.
من جانبه أكد أستاذ
السدود، وخبير شؤون المياه المصري، محمد حافظ، أن الجانب الإثيوبي هو الذي خرج
فائزا في كل جولات المفاوضات التي جرت مؤخرا، تحت وساطة الإدارة الأمريكية، بينما
لم تستفد مصر من الوساطة إلا بضياع المزيد من الوقت، لصالح إثيوبيا.
ووفق حافظ فإن إثيوبيا
حصلت على منح وقروض دولية وعربية، مقابل الموافقة على المشاركة في المفاوضات التي
ترعاها الولايات المتحدة والبنك الدولي، بما قيمته 9 مليارات دولار، منها منحة
وقرض من البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وقرض آخر من السعودية بقيمة 140
مليون دولار، تحت مبرر الإصلاح الاقتصادي ودعم مشروعات الطاقة.
وقال حافظ في لقاء
تلفزيوني: "الأسبوعان الماضيان شهدا انتشار حالة من التفاؤل في أوساط إعلام
الانقلاب حول التوصل لإنهاء أزمة سد النهضة، لكن وزير الري الإثيوبي، فاجأهم
بالحقيقة وهي عدم التوصل لأي حلول، وهو ما يُظهر وجود فرق شاسع بين تفسيرات إعلام
الانقلاب، والواقع الفعلي للمفاوضات".
البنود السرية
وفي تعليقه على الدور
الذي لعبته الولايات المتحدة لصالح لإثيوبيا، يؤكد رئيس مركز الحوار بواشنطن، عبد
الموجود الدرديري لـ "عربي21"، أن أمريكا منذ البداية لا تلعب لصالح
مصر، وإنما لصالح إثيوبيا، باعتبارها ستكون مركز ثقل أمريكي جديد في القارة
الأفريقية، بينما النظام المصري ليس لديه وسائل ضغط على أمريكا ولا غيرها، ما
يجعله دائما في خانة المتلقي للتعليمات.
ويشير الدرديري إلى إن
اللوبي الصهيوني بواشنطن، هو الذي يدير ملف سد النهضة، وبالتالي فإنه لن يكون
حريصا على المصالح المصرية، ولذلك جاء التحرك الأمريكي الأخير، ليشارك خداع للشعب
المصري، الذي ينظر لأزمة السد بشكل مغاير لتحركات نظام الإنقلاب العسكري.
ويضيف الدرديري قائلا:
"فكرة الوساطة الأمريكية، كانت أشبه بالدبوس الذي منحته واشنطن للسيسي، ليقوم
بإفراغ الغضب الشعبي بعد إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي استعداد بلاده حشد مليون
مقاتل للدفاع عن سد النهضة، وتزايد المطالب الشعبية المصرية لنظام الإنقلاب، بالرد
على التهديدات الإثيوبية بما يحفظ المصالح المصرية، ولذلك كان التدخل الأمريكي
الذي يحركه اللوبي الصهيوني لدعم السيسي وإثيوبيا، ضد الشعب المصري".
وحسب الدرديري فإن
الخطوط الساخنة بين القاهرة وواشنطن، تشهد العديد من المناقشات للخروج من الأزمة،
منها تنفيذ البنود السرية لإتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، بوصول مياه النيل
للأراضي الفلسطينية المحتلة، عن طريق سيناء، ولذلك ليس مستبعد أن يكون الدعم
الأمريكي لاثيوبيا، من أجل الضغط لتنفيذ هذا البند، الذي بدأت خطواته التنفيذية
خلال الأشهر الماضية بعزل سيناء، ووصول المياه لسيناء عن طريق ترعة السلام.
ويؤكد مساعد وزير
الخارجية المصري الأسبق عبد الله الأشعل لـ "عربي21"، أن الوساطة
الأمريكية، مجرد وهم تمسك به النظام المصري، من أجل محاولة تخفيف الأضرار المرتبطة
بأدائه السيئ في أزمة سد النهضة منذ بدايتها.
ويوضح الأشعل، أن
النظام المصري، مازال يصر على عدم الإصغاء للمختصين المصريين، في العلاقات
الخارجية، والقانون الدولي والشؤون الإفريقية، ومازال يعمل بنفس الطريقة، على أمل
أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على إثيوبيا لتليين مواقفها لصالح مصر، ولكن لأن
إثيوبيا أصبحت الطرف الأقوي، فإن كل ما يقوم به المسؤولين بمصر، هو أشبه بالبحث عن
حل في السراب.
مفاوضات جديدة في الخرطوم حول سد النهضة بحضور دولي
السيسي حول تهديد إثيوبي بتجنيد مليون شخص للحرب: مش عاوزين حرب
وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره الأمريكي أزمة سد النهضة