بعد توقيع الاتفاق الليبي التركي، بترسيم الحدود البحرية بينهما، تثار التساؤلات حول مستقبل مشروع خط أنابيب شرق المتوسط إلى أوروبا، بين اليونان وقبرص اليونانية وإسرائيل ومصر "EastMed".
يشار إلى أن مشروع خط أنابيب "EastMed pipeline" مبني على مد الغاز من إسرائيل إلى أوروبا، ويبدأ من ليماسول في قبرص اليونانية، ثم يتجه جنوبا إلى المياه المصرية ومن ثم مرتفع فلورنس (نتوء في قاع البحر المتوسط)، ويتجه الأنبوب إلى كريت ثم اليونان إلى إيطاليا.
معادلة الطاقة
وعلقت الكاتبة التركية، فيردا أوزر، في مقال لها على صحيفة "ملييت"، بأنه منذ فترة طويلة تتابع أنقرة بعناية خطوات الكتلة التي تشكلت بين قبرص اليونانية واليونان ومصر وإسرائيل في منطقة شرق المتوسط، وتقف خلفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإنشاء "معادلة الطاقة" هناك.
وأشارت في مقالها الذي عنونته "من تركيا كش ملك"، إلى أن أنقرة بدأت تدخل ضمن "معادلة الطاقة" تدريجيا منذ عام 2011، عقب توقيعها اتفاق "ترسيم الحدود البحرية" مع قبرص الشمالية.
وأضافت إلى أن تركيا كانت ترى ضرورة حل المشكلة القبرصية، ومن ثم مناقشة معادلات الطاقة في شرق المتوسط.
اقرأ أيضا: نتنياهو يدعو قبرص واليونان إلى اتفاق فوري للغاز
ولفتت الكاتبة إلى أن أنقرة تخلت عن موقفها التقليدي، وفصلت بين مسألتي الطاقة وقبرص، وفي عام 2015 أرسلت سفينتي فاتح ويافوز، وشرعتا في التنقيب رغم الاعتراضات، بالتالي أخذت مكانها فعليا في لعبة شرق البحر المتوسط.
ونوهت الكاتبة إلى تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شدد فيها على أن تركيا أحد البلدان الضامنة الثلاثة في قبرص، إلى جانب بريطانيا واليونان، مؤكدا حقوق أنقرة هناك ضمن القانون الدولي.
وقالت إن تركيا كانت تسير بهدوء حذر في عملياتها شرق المتوسط، حتى أعلنت الاتفاق مع ليبيا حول المنطقة الاقتصادية الخالصة لها، وترسيم الحدود بين البلدين.
وأشارت إلى الاتفاقيات التي عقدتها قبرص اليونانية مع مصر عام 2003، ولبنان عام 2007، ومع إسرائيل في عام 2011، إلى أن جاءت الخطوة التركية بتوسيع الحدود الغربية لها في شرق المتوسط.
مشروع "EastMed"
وأكدت أن المسألة الأساسية تتلخص بأن المنطقة الاقتصادية الخالصة التي أعلنت عنها تركيا تتطابق مع بعض نقاط المنطقة الخالصة التي حددتها اليونان وقبرص الجنوبية، علاوة على أن خط أنابيب شرق البحر المتوسط الذي سيبنى لنقل الغاز إلى أوروبا ويمر من هذه المنطقة.
ونقلت عن السفير الأمريكي السابق ماثيو برايزا، حول مصير مشروع "EastMed" وهو خط أنابيب للغاز الطبيعي، يربط مباشرة بين موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط إلى البر الرئيس لليونان عبر قبرص وكريت.
وأوضح برايزا، وهو عضو في مجلس إدارة شركة توركاس هولدينغ، أن أحد الأهداف الرئيسة للاتفاق التركي الليبي شرق المتوسط، هو الحيلولة دون مشروع "EastMed".
اقرأ أيضا: ما تحديات اتفاق ليبيا وتركيا بـ"المتوسط".. والبعد القانوني له؟
استراتيجية جريئة
ورأى أن تركيا اتبعت استراتيجية جريئة جدا ومحكمة شرق المتوسط، وقد لا تمنع الاتفاقية التركية الليبية مشروع "EastMed"، لكنها تمكنت من وضع عقبة كبيرة أمامه ما يصعب تحقيقه.
ويشير المسؤول الأمريكي الذي شارك في مفاوضات بين تل أبيب وأنقرة لنقل أنبوب الغاز إلى أوروبا من"إسرائيل" وقبرص عن طريق تركيا، إلى أنه بعد فشلها اغتنمت مصر الفرصة ليكون لها دور، ما أدى إلى توسيع المسار بشكل أكبر حتى أصبح أكثر تكلفة.
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي تبنى موقفا حياديا حيال خط أنابيب إسرائيل-تركيا بسبب رفض عضوية قبرص الجنوبية واليونان، و"لكن لو تم إيجاد حل لمشكلة قبرص في عام 2017 لدعم الاتحاد هذا الخط"، وفق قوله.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي دعم مشروع "EastMed" بضغط من اليونان وقبرص اليونانية، وعلى الرغم من ذلك فإنهم اكتفوا بالتعليق حول الاتفاق مع ليبيا بـ"نحن لا نعترف" فقط.
وأضاف برايزا، أنه إذا بقيت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي على مستوى الوضع الحالي، فهذا يعني أن الاتحاد لا يرغب بخوض صراعات مع أنقرة بشأن الاتفاق مع ليبيا، وقد يتخلى عن مشروع "EastMed"، ولكن إذا ساءت العلاقة بينهما فقد يعتمد على هذه الورقة لمعاقبة تركيا.
إسرائيل ومصر
وشدد على أن العامل الرئيس الذي يمكن أن يساهم في تغيير المعادلة الحالية هو علاقات تركيا مع "إسرائيل".
وأوضح أنه إذا تم التوصل لاتفاق مع إسرائيل، فإنه يمكن نقل الغاز حتى في لبنان وسوريا من تركيا إلى أوروبا بالمستقبل، لتصبح تركيا ذات دور مركزي أكبر بالمنطقة.
بدوره، قال الكاتب التركي، سيدات أرغين، إن علاقات تركيا مع إسرائيل ومصر فقدت روحها خلال السنوات الماضية، مشددا على ضرورة مد الجسور معهما شرق المتوسط.
ورأى في مقال له على صحيفة "حرييت"، أن الخطوة التركية بالاتفاق مع ليبيا خلقت تحديا كبيرا لمجموعة مشروع "EastMed" لإسرائيل وقبرص واليونان ومصر.
اقرأ ايضا: كيف يهدد اتفاق تركيا وليبيا مشاريع إسرائيل في "المتوسط"؟
مشاكل محتملة
ولفت إلى أن هناك مشاكل محتملة، قد تواجه تركيا في الفترة المقبلة، الأولى إمكانية إبرام اليونان ومصر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما، والثانية، اتفاق مماثل من اليونان مع قبرص اليونانية، ما قد يجلب الصراعات بالمنطقة حول حقوق السيادة البحرية.
وأشار إلى أن تركيا، أعطت رسائل متعددة بإمكانية التفاوض حول المناطق الاقتصادية الخالصة مع جميع بلدان شرق البحر المتوسط باستثناء قبرص اليونانية، مضيفا أنه من الطبيعي أن تشمل هذه النداءات إسرائيل ومصر.
وأكد أن تهيئة بيئة للحوار والتفاوض مع تلك البلدان من أجل معالجة النزاعات في شرق المتوسط، لا تعني حتما أنها تقود لتطبيع العلاقات معها مجددا.
خط مشروع "EastMed"
المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا بعد الاتفاق مع ليبيا
بعد اتفاقية مع اليونان.. هل يستطيع حفتر فعلا مواجهة تركيا بحرا؟
هل تراجعت مصر عن موقفها من الاتفاقية "الليبية-التركية"؟
محللون يقرأون أسباب إهمال دعوة مصر لـ"قمة كوالالمبور"