نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا أعده الصحافي المقيم في تورنتو، جاستين لينغ، عن رجل أعمال كندي أصبح أداة نافعة في يد الملكيات في شبه الجزيرة العربية، وأطلق سلسلة من الاتهامات ضد السياسية الديمقراطية إلهان عمر، وصهر الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن ألن بيندر، المولود في الكويت، له علاقات مشبوهة مع السعوديين، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي لم يتم التحقق فيه من مزاعم بيندر بعد، إلا أن ما يقوله ينتشر سريعا في الشرق الأوسط وصحافة اليمين المتطرف في أمريكا.
ويقول لينغ إن شهادته من تورنتو عبر الفيديو أمام محكمة في فلوريدا، كانت محل اهتمام في الشرق الأوسط، التي زعم فيها أن قطر نجحت في تجنيد أرصدة أمريكية متعددة لخدمة مصالحها في الغرب، وبحسب بيندر، فإن الجميع، من النائبة الديمقراطية الشهيرة عمر إلى زوج إيفانكا ترامب، يتلقون المال والتوجيهات من الدوحة، وهما على رأس قائمة من السياسيين والصحافيين الذين يتعاملون مع قطر.
وتفيد المجلة بأن الشهادة في الأصل نشرت على قناة "العربية" التي تملكها السعودية، ثم انتشرت سريعا في وسائل الإعلام العربية ومواقع الإنترنت والمدونات اليمينية المتطرفة في أمريكا، مشيرة إلى أن الشهادة تتغير من قصة إلى أخرى، حيث اتهم بيندر الصحافي السعودي القتيل جمال خاشقجي بأنه كان عميلا مزدوجا لقطر والسعودية، ثم قال إن إلهان عمر هي "حصان طروادة" للدوحة.
ويلفت التقرير إلى أن بيندر لم يقدم أي دليل جوهري لدعم مزاعمه، التي كانت متناسبة مع نظريات المؤامرة التي تطفو على مواقع الإنترنت ومنذ سنوات، مستدركا بأن بيندر زعم أن قطر استطاعت شراء صحف مثل "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" بـ5 آلاف دولار لقتل أي موضوع أو تقرير ناقد لها، وقال إن الصحافيين في "واشنطن إيكزامينر" اليمينية المتطرفة لم تستطع قطر شراءهم ورفضوا المال.
وينوه الكاتب إلى أن عمر رفضت هذه الاتهامات على لسان متحدث باسمها، الذي نقلت عنه صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، قوله: "منذ اليوم الذي انتخبت فيه، استهدف الذباب الإلكتروني والأبواق السعودية عمر بحملات تضليل ونظريات مؤامرة".
وتقول المجلة إن بيندر له تاريخ في تعاملات غامضة مع القوى في الشرق الأوسط، فظهر في عام 2017 ممثلا لنائلة الرشيد، وهي زوجة الأمير الوليد بن طلال السابقة، وذكرت صحيفة "ديلي ميل" أن بيندر ساعد الرشيد في تسوية طلاقها، وخرج باتهامات أن الأمير قام بانتهاكها وإساءة معاملتها، مشيرة إلى أن الكندي زعم أن المحامي تي كوب الذي يمثل ترامب تدخل في قضية التسوية بين الزوجين.
ويستدرك التقرير بأن القصة تحوم حولها الشبهات، ويشتم منها رائحة التحايل، فقالت شركة كوب للمحاماة لـ"ديلي ميل": "نعتقد أن هناك سجلا طويلا لنشر أو الترويج لرزمة من الأكاذيب أو الوثائق التي لم يتم التحقق من صدقها إلى الصحافيين وغيرهم".
ويشير لينغ إلى أن بيندر عاد مرة ثانية للأضواء عندما اعتقل الوليد بن طلال، وهو أغنى رجل أعمال في السعودية، في فندق ريتز كارلتون، واستخدم بيندر في حينه لتقديم أدلة ضد الأمير، كما ورد في صحيفة "أراب دايجيست"، وقابلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عام 2018، واعترف بأنه قرأ لائحة الاتهامات الموجهة للوليد بن طلال، قائلا: "يمكنني القول إن وجودي كان سيستخدم دليلا في التفاصيل التي يريدونها لمواجهته".
ويلفت التقرير إلى أنه نظر لاعتقال مئات السعوديين الأثرياء وذوي النفوذ وتعرض بعضهم للتعذيب على أنه محاولة من ولي العهد محمد بن سلمان لتقوية سلطته، مشيرا إلى أنه في الوقت ذاته فإن قطر كانت تواجه معركة طويلة مع السعودية ظهرت من خلال الحصار الذي فرض عليها عام 2017 بالتعاون مع حلفاء الرياض.
ويبين الكاتب أن الظهور السياسي الأخير لبيندر جاء من خلال الكشف عن دعوى قضائية قدمها حارسان سابقان لدى خالد بن حمد آل ثاني، شقيق أمير قطر، التي تركز معظمها على أمور تتعلق بظروف العمل، مشيرا إلى أن الموظفين يتهمان خالد بن حمد في الدعوى بالمسؤولية عن كل شيء من الاختطاف إلى القتل.
وتذكر المجلة أنه في الوقت الذي لم تنشر فيه محاكم فلوريدا المواد المتعلقة بالدعوى، إلا أن هناك شخصا قام بنشر نص شهادة بيندر، التي يقوم فيها بكيل التهم للساسة الأمريكيين، لافتة إلى أنه حتى هذا الوقت لم يقم الشيخ بتعيين محام، ولم يقدم أي وثيقة ردا على الزعم، ما يعني أنه لم يتم فحص مزاعم بيندر، أو استدعائه للمساءلة أمام المحكمة.
وبحسب التقرير، فإن القصة ظهرت من مصادر غير متوقعة، فالإمام الأسترالي محمد التوحيدي، الذي نصب نفسه "إمام السلام"، يقوم منذ أشهر بمهاجمة النائبة عمر، ففي تموز/ يوليو، أي بعد أيام من تقديم الدعوى لمحكمة فلوريدا، نشر التوحيدي تغريدة قال فيها: "نائبة في الكونغرس تتواصل بطريقة غير مباشرة مع قطر"، وفي يوم الأربعاء نشر التوحيدي تغريدة فيها صور لشهادة بيندر، التي أخبر فيها المحكمة أنه هو من يقوم "بتجنيد العملاء القطريين".
ويفيد لينغ بأنه ظهر أن المحامية التي ترافع عن التوحيدي هي نفسها التي تمثل الشخصين اللذين قدما الدعوى ضد خالد بن حمد، واسمها ريبيكا كاستاندا، مشيرا إلى أن التوحيدي نشر في أيلول/ سبتمبر تغريدة احتوت على رسالة إلكترونية لمجهول أرسلت إلى كاستاندا، وفيها مقترحات للأسئلة التي يجب أن توجه لبيندر، بما فيها عدة أسئلة عن عمر في الشهادة التي جاءت في 200 صفحة.
وتذكر المجلة أن صحيفة "ديلي كولر"، التي تعد من منابر اليمين المتطرف في أمريكا، حصلت على نسخة من الشهادة، لكنها استنتجت أنها لا تحتوي على مصداقية.
ويجد التقرير أنه ليس من الواضح ما يريده الموظفان السابقان اللذان عملا لساعات طويلة من تعويضات، لافتا إلى أنه بعد الكشف عن القصة يوم الأربعاء ظهر عدد من اللاعبين الغربيين، مثل الأخوين كراسينتين- إد وبريان، وهما ممنوعان من "تويتر"؛ بسبب حسابات مزيفة تهدف للترويج لترامب، وكتبا على "فيسبوك" أن بيندر اتصل بهما من أجل خطة تشويه لعمر.
وينقل الكاتب عن الأخوين، قولهما إن بيندر زعم أن التوحيدي يعمل لصالح السعودية والإمارات من أجل "طبخ" القصة، وأضافا أن بيندر يغير مواقفه من طرف لآخر.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن عمر استهدفت بحملة اتهامات من اليمين المتطرف، بما فيه ترامب نفسه، لافتة إلى أنه تتم إعادة إنتاج هذه المزاعم بحماس على مواقع اليمين المتطرف الأمريكي رغم أصولها المشبوهة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
WSJ: قطر تقدم عرضا مفاجئا للرياض لإنهاء الحصار.. ما هو؟
FT: لماذا تتنافس دول الخليج على المناسبات الرياضية؟
آسيا تايمز: هذه مؤشرات إعادة تقييم دول الحصار لعلاقتها مع قطر