أقرت المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، الثلاثاء الماضي (12/11/2019)، قانونية وسم البضائع الإسرائيلية التي تنتج في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان، والتي يتم تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي، لتمييزها عن بضائع أخرى، ويكون بالإمكان مقاطعتها والامتناع عن شرائها. وفي هذا النطاق، تخشى إسرائيل من القرار باعتباره صادرا عن أعلى هيئة قضائية أوروبية، ومن أن يصبح ملزما لدول الاتحاد (28 دولة) كافة، ويكون سابقة قانونية تتيح القيام بخطوات مماثلة في دول أخرى خارج الاتحاد الأوروبي، إذا ما تم استثمار هذه السابقة، وخاصة من قبل حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل» (BDS)، باعتبار القرار خطوة مهمة نحو منع دخول منتوجات المستوطنات كليا إلى الأسواق الأوروبية والعالمية، دون أن ننسى البعد السياسي المهم للقرار، وهو رفض الاعتراف بشرعية الاحتلال على الأراضي المحتلة عام 1967.
«إسرائيل»، في محاولة لاستباق قرار المحكمة، بعثت «رسائل تحذيرية» للدول الأوروبية، هددت من خلالها بـ«ضرر» قد يطرأ على العلاقات الثنائية مع «إسرائيل» إذا ما أقدمت هذه الدول على تنفيذ قرار المحكمة. وكشفت القناة 13 الإسرائيلية نقلا عن مصادر في الخارجية الإسرائيلية، أن الحكومة الإسرائيلية «حاولت الحصول على دعم الإدارة الأمريكية والكونغرس في هذا الشأن، حيث أرسل أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي رسائل إلى سفير الاتحاد الأوروبي في واشنطن، وهددوا بأنه في حال صدور الحكم، فإن ذلك سيضر بالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».
صناع القرار في إسرائيل باتوا يدركون أن «حركة المقاطعة» تشكل خطرا على الأمن القومي للاحتلال، وأنها تسهم إلى حد كبير في تأليب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، ما يزيد عزلتها الدولية في كثير من أنحاء العالم، إذ ما زالت «حركة المقاطعة» في حالة نمو مطرد، وتحقق غير قليل من الإنجازات في عدة مجالات.
ومؤخرا، استعانت إسرائيل بمنظمات يمينية دولية متطرفة في حربها ضد «حركة المقاطعة»، حيث أُعلن عن «تقديم مساعدات مالية إسرائيلية للمنظمات الدولية العاملة ضد حركة المقاطعة من خلال وزارة الشؤون الاستراتيجية بقيمة 5.7 مليون شيكل لتنظم فعاليات وأنشطة لصالح إسرائيل لاسيما في دول الاتحاد الأوروبي، وإطلاق حملات إعلامية عبر شبكات التواصل الاجتماعي». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «حثت إسرائيل والولايات المتحدة، الاتحادَ الأوروبي على اتخاذ إجراءات ضد المنظمات المؤيدة للحركة، حيث جاء ذلك في موقف مشترك في بروكسل بين وزير الشؤون الاستراتيجية والأمن الداخلي الإسرائيلي (جلعاد إردان)، والمبعوث الأمريكي الخاص لمراقبة ومكافحة معاداة السامية (إيلان كار)، ورئيس المجلس اليهودي الأوروبي الحاخام (مناحيم مارغولين) أواخر شهر أيلول/سبتمبر الماضي، بهدف تقديم تقرير وزاري إسرائيلي يدّعي أن أنشطة حركة المقاطعة تحمل طابعا عنصريا».
وبالمقابل، أسس الملياردير الأمريكي والداعم المالي الأكبر للاستيطان (شيلدون آدلسون)، مجموعة يهودية أمريكية بهدف محاربة «الحركة» في الجامعات الأمريكية، وتمويل هذه المجموعة لتوسيع نطاق جهودها لتشمل ست دول أخرى خلال العام الدراسي المقبل، خاصة في أوروبا، حيث تزداد حركة (BDS) نشاطا وتأثيرا. وتخطط المجموعة التي حملت اسم «هيئة عمل مكابي»: «لتمويل ومساعدة المجموعات الطلابية الموالية لإسرائيل في مواجهة حملات مقاطعة إسرائيل».
ورغم ما سبق، تؤكد «حركة المقاطعة» أن «عدد الكليات الداعمة لحركة المقاطعة في أمريكا الشمالية وصلت إلى 51 كلية».
وعلى صعيد متمم، قررت الكنيسة الأسقفية في الولايات المتحدة، نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، سحب استثماراتها وبيع أسهمها في شركات داعمة لجيش الاحتلال هي: موتورولا، وكاتربيلر، وبنك ديسكونت، وذلك في خطوة مماثلة لما اتخذته الكنائس: الإنجيلية اللوثرية، والمشيخية، والميثودية المتحدة، والمسيح المتحدة. وقرر المجلس التنفيذي للكنيسة: «مقاطعة أي شركة تدعم أو تستفيد من انتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية أو القدس الشرقية أو قطاع غزة». كما ستقاطع الكنيسة، وفق بيانها اللافت، «الشركات التي تقوم بتزويد أو ممارسة الأعمال التجارية بشكل مباشر أو غير مباشر مع أو تقديم سلع أو خدمات إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي». وبعبارة حاسمة، ختم المجلس التنفيذي للكنيسة بيانه قائلا: «الكنيسة لا تريد تحقيق أرباح من الشركات التي تساهم في معاناة الآخرين». وفي الإطار ذاته، قررت أعلى هيئة لصنع القرار في الكنيسة الأنجليكانية لجنوب أفريقيا(ACSA) ، بالإجماع، التي تمثل المجتمعات الأنجليكانية في جنوب أفريقيا وناميبيا وليسوتو وإسواتيني (سوازيلاند) وموزمبيق وأنغولا وسانت هيلينا، دعم «حملة المقاطعة لإسرائيل حتى تنهي احتلالها العسكري لفلسطين».
ومن جهتها، قالت وزيرة الخارجية السويدية الجديدة (آن ليندا)، «إن حركة المقاطعة شرعية، وحكومتنا لا ترى تشابها بين نشاطاتها ونشاطات معادية للسامية. والحركة وسيلة سياسية مشروعة كجزء من صراع سياسي غير عنيف، من أجل وقف الاحتلال». وفي هذا السياق، انضمت بلدية أوسلو إلى خمس بلديات أخرى في النرويج إلى مقاطعة سلع المستوطنات الإسرائيلية. ويعد الحظر المفروض على البضائع من المستوطنات «جزءا من البرنامج المعتمد حديثا للأعوام 2019-2023 الذي وافق عليه مجلس مدينة أوسلو الذي تم انتخابه مؤخرا، بقيادة اليسار الاشتراكي، وأحزاب العمل والخضر. وفي بيانه قال «اليسار الاشتراكي» لمدينة أوسلو ما يمكن أن يشكل خلاصة الخلاصات: «الشعب الفلسطيني، الذي يتعين عليه التعامل مع الاحتلال غير الشرعي لأرضه كل يوم، يستحق الاهتمام والدعم الدوليين. إنها مسؤولية عالمية مشتركة للمساعدة في ضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي. أنا فخور بأن مجلس مدينة أوسلو يتخذ الآن خطوات لمنع السلع والخدمات التي تشتريها المدينة من دولة الاحتلال غير القانوني لفلسطين أو أراض أخرى».
(الاتحاد الإماراتية)