جاء الاتفاق بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مع الحكومة المصرية الآن، ليطرح بعض التساؤلات عن قدرة ورقة "النفط" على إحداث تقارب بين حكومة الوفاق الليبية والنظام المصري بعد حالة التلاسن والجفاء التي شهدها الطرفان مؤخرا.
وزار رئيس المؤسسة النفطية التابعة لحكومة الوفاق، مصطفى صنع الله العاصمة المصرية "القاهرة" التقى خلالها بوزير البترول المصري، طارق الملا وكبار المسؤولين بالوزارة، واتفقا على عودة الشركات المصرية للعمل في ليبيا واستكمال بعض المشروعات المتوقفة بعد غياب أكثر من 8 سنوات.
"تعليمات وتقارب"
من جانبه أكد الوزير المصري أن "التعليمات (لم يحدد مِن مَن) قد صدرت إلى الشركات المصرية للعودة الى ليبيا واستكمال بعض المشاريع المتوقفة، ومناقشة سبل التعاون المشترك في مجالات الحفر وصيانة البنى التحتية وإعادة تأهيل الحقول النفطية هناك".
في حين، دعا "صنع الله" الشركات المصرية المتخصصة للمساهمة في تنفيذ الخطط التي وصعتها مؤسسته لزيارة الإنتاج النفطي والغازي في ليبيا، على أين يتم ذلك على أسس فنية وتجارية، وفق بيان للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا.
وغادرت الشركات المصرية العاملة في ليبيا وأهمها شركتي "بتروجيت" و "انبي" ليبيا بعد أحداث الثورة الليبية في 2011.
وأثار هذا التعاون الجديد بين حكومة "طرابلس" والنظام المصري الآن بعض التساؤلات حول إمكانية مساهمة ورقة "النفط" في إغراء نظام "السيسي" للتقارب أكثر مع "الوفاق" الليبية والابتعاد عن حليفه "خليفة حفتر"؟.
"من العسكرة إلى الاقتصاد"
الأكاديمي الليبي، طاهر بن طاهر أشار إلى أن "مصر تحاول منذ فترة فك الارتباط مع الجنرال "حفتر" وحاولت عدة مرات التواصل مع الأطراف الفاعلة في المنطقة الغربية ومنها مدينة "مصراتة" مثلا، كون النظام المصري اصبح مدركا تماما أن المشروع الدولي الجديد في "برلين" سيحاول تفكيك الأجسام القائمة بما فيها ما يسمى "الجيش الليبي" بقيادة حفتر".
وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21" أن "خطوة التواصل التجاري والمالي بين حكومة مصر وحكومة الوفاق هو إدراك مسبق لنظام "السيسي" أن الملف سيتحول من "العسكرة" إلى الاقتصاد الذي بدوره سيكون مدخلا سياسيا، كما أن "طرابلس" لم تقف موقفا معاديا لمصر ومصالحها وعودة العمالة"، وفق قوله.
اقرأ أيضا : ليبيا.. هل يحاول "برلمان طبرق" لملمة شتاته باجتماعات القاهرة؟
وبخصوص تأثير الاتفاق على العلاقة بين "مصر وحفتر"، قال "بن طاهر": "الشراكة الليبية المصرية في مجال النفط لاتمثل رقما مهما في مستوى التبادل التجاري والاقتصادي، وبخصوص "حفتر" فإن الاستخبارات المصرية لم تعد تراهن عليه الآن، بل لاتمانع من إيجاد البديل شرط أن يكون بعيدا عن الانتماء لجماعة "الإخوان"، وفق تعبيره.
"مكسب استراتيجي"
المحلل الاقتصادي الليبي، مصطفى شقلوف أكد أن "دعوة القطاع النفطي المصري للمساهمة في استكمال بعض المشاريع الليبية في المنطقة الشرقية خصوصا، فيه مكسبين سياسيين: الأول تأكيد أن أي مصالح لمصر ضمانها سيكون مع الحكومة المعترف بها دوليا، والثاني: السماح لمصر باللعب بدور في إنهاء الصراع الدائر والضغط على حليفها من أجل الجلوس للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف".
وتابع لـ"عربي21": "ولو حدث هذا فهو مكسب استراتيجي للطرفين المصري والليبي، وفي العلاقات التجارية والاقتصادية لا حساب للتصريحات الدبلوماسية ولا للخطابات السياسية "الرنانة"، المصالح هي ما تتحكم"، كما صرح.
"تخلي عن حفتر"
وبدوره رأى المدون والناشط السياسي الليبي، فرج فركاش أن "المؤسسة الوطنية هي مؤسسة سيادية ويفترض أن لا تتبع أحد وخطوة "صنع الله" ربما تأتي في إطار إثبات استقلالية المؤسسة وأنها بعيدة عن التجاذبات السياسية".
واستدرك: "لكنها خطوة تلزم الدولة المصرية بما تصرح به علنا بالاعتراف بالجهات المنبثقة عن الاتفاق السياسي من بينها حكومة الوفاق، وعلى النظام المصري أن ينظر إلى مصالح بلاده مع ليبيا ككل وليس من منظور الإنحياز لطرف بعينه، ولعل تصريحات بعض المسؤولين المصريين مؤخرا توحي بإمكانية التخلي عن "حفتر"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".
بعد تكرار هجماته.. ما الذي يريده حفتر من الجنوب الليبي؟
هل يريد الكرملين غلق ملف "المرتزقة الروس" بـ"مغازلة الوفاق"؟
بعد تقديم شكوى رسمية ضدها.. ما أهداف ابو ظبي من تدخلها بليبيا؟