أولى ردود الفعل الأمريكية على اتفاق أردوغان وبوتين بشأن سوريا

إثر إعلان تركيا وروسيا التوصل لاتفاق بشأن الشمال السوري، مساء الثلاثاء، صدرت عدة ردود فعل أمريكية، عبّر أغلبها عن "صدمة"، لا سيما وأنه يأتي بعد سحب البلاد قواتها من المنطقة خلال الأيام الماضية.

وأثار الانسحاب حفيظة أوساط عديدة في واشنطن، وهو الذي جرى أيضا بموجب تفاهمات مع أنقرة، فيما تذرّعت الأخيرة باتفاقها مع موسكو بعد ذلك بأن أمريكا لم تلتزم بتعهداتها.

وفي الواقع، فإن اتفاق الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، جرى خلال مباحثات تقرر إجراؤها في إطار اتفاق أنقرة وواشنطن على مهلة الـ120 ساعة، وهو ما جاء على لسان كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه مايك بنس آنذاك.

ورغم موجة الاتهامات المتجددة له بتقديم سوريا كهدية إلى روسيا، علّق ترامب، الأربعاء، على اتفاق بوتين وأردوغان، عبر تويتر، بالقول: "أخبار جيدة يبدو أنها تحدث بشأن تركيا وسوريا والشرق الأوسط".

بدوره، اعتبر "بريت ماكغورك"، محلل السياسة الخارجية في قناتي "NBC" و"MSNBC" الأمريكيتين، أن الروس تمكنوا من الحصول على عناصر "آلية أمن"، كان مسؤولون أمريكيون يعملون على صياغتها مع تركيا قبل اتصال ترامب وأردوغان، في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، الذي أعلن الأخير بموجبه بدء عملية "نبع السلام".

وأضاف "ماكغورك"، في تغريدة، أن النتيجة في النهاية تتمثل في تحول موسكو إلى اللاعب الأساسي في المنطقة، وليس واشنطن.

وبالمثل، اعتبرت أبرز الصحف والمواقع الإخبارية الأمريكية أن الولايات المتحدة خرجت من المعادلة السورية لصالح روسيا، حيث وصفت "نيويورك تايمز" اتفاق أردوغان وبوتين بأنه "انتصار" للأخير.

وقالت الصحيفة، في إشارة إلى بوتين: "تحلق طائراته في الأجواء السورية، وجيشه يوسع عملياته في القاعدة البحرية الرئيسية (حميميم)، ويقيم علاقات أوثق مع تركيا، ينتقل هو وحلفاؤه (النظام) إلى الأراضي التي أخلتها الولايات المتحدة".

اقرأ أيضا: هذه مكاسب تركيا وروسيا من اتفاقهما بسوتشي.. ما الثمن؟

بدوره عنون موقع "هافينغتون بوست" خبر الإعلان عن اتفاق بوتين وأردوغان بالقول إن الزعيمين "قبلا هدية ترامب".

واعتبر الموقع أن الاتفاق يساعد تركيا على تعزيز قبضتها على مساحات واسعة من سوريا، وتجريد الوحدات الكردية من أسلحتها، فيما ستتفرد روسيا بالتوسط بين مختلف الأطراف، سياسيا وعسكريا، بعد الانسحاب الأمريكي.

من جانبها، فضلت مجلة "فورين بوليسي" التركيز على ما اعتبرته "خسارة كردية جديدة"، وعلى مكاسب أردوغان من الاتفاق، فيما وصفت "وول ستريت جورنال" ما جرى بأنه موافقة روسية على مساعدة تركيا توسيع المنطقة العازلة في سوريا.

بدوره، أبرز موقع "USA Today"، واسع الانتشار، تصريحا للسيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز، قال فيه إن "روسيا وتركيا حققا بالضبط ما أراداه"، مضيفا في المقابل أنه بات واضحا أن الولايات المتحدة "باتت مهمّشة".

ووصف مينينديز سياسة ترامب تجاه تركيا بأنها "استسلامية"، وأن إدارته تسببت بإطلاق العنان أيضا لروسيا ونظام الأسد، فيما "لا نملك وضوحا حتى بشأن ما إذا ستبقى القوات الأمريكية، وأين".

يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد اتفاقين بشأن المناطق الحدودية شرقي الفرات، في أقل من أسبوع، الأول مع أمريكا، والآخر مع روسيا، ما يدعم عملية "نبع السلام" في الشمال السوري.

وبموجب الاتفاق الأول، انسحبت بقية القوات الأمريكية من المنطقة، فيما أوقفت تركيا إطلاق النار لمدة 120 ساعة، بهدف السماح للوحدات الكردية بالانسحاب، أما الاتفاق الثاني فقد حدد مهلة 150 ساعة جديدة لانحساب الأخيرة.

ويقضي اتفاق أردوغان وبوتين ببقاء الوجود العسكري لعملية "نبع السلام" في المنطقة الممتدة بين بلدتي رأس العين وتل أبيض، وبعمق 32 كيلومترا تقريبا، فيما يتم تنفيذ دوريات تركية روسية مشتركة على امتداد ما يتبقى من حدود كانت خاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، وبعمق 10 كيلومترات، باستثناء  "القامشلي".